كان أول ظهور للمجتمع المدنى فى إطار مدرسة الحقوق الطبيعية أو نظرية العقد الاجتماعى لتوماس هوبز وجان روسو ولوك، فى القرنين السابع عشر والثامن عشر.
وعاد مرة أخرى للظهور من جديد مع بدايات "الموجة الثالثة للديمقراطية"، وفقًا لمصطلح صموئيل هانتيجتون، والتى شهدت انهيار العديد من النظم السلطوية والشمولية، لتحل محلها أنظمة تقوم على التعددية الحزبية والانتخابات الحرة.
وكان لجنوب أفريقيا الريادة فى هذا الشأن، إذ انطلقت بواكير الموجة منها فى منتصف السبعينات، وعلى صعيد البلدان العربية، ومع تراجع دور الدولة الاقتصادى والاجتماعى، وتآكل شرعية النظم السياسية العربية منذ الثمانينات، نتيجة فشلها الذريع فى الحفاظ على الاستقلال الوطنى ومواجهة تهديدات الأمن القومى، وإخفاقها فى التنمية، وعجزها عن تحقيق الديمقراطية والمشاركة السياسية، ومع سمات الوضع العالمى الجديد، فقد شهد العالم العربى طفرة فى نمو المجتمع المدنى بفصائله المختلفة .
لكن الإشكالية المهمة التى نود الإشارة إليها ، هى أن فصائل المجتمع المدنى تشمل النقابات والمنظمات غير الحكومية والجمعيات الأهلية والاتحادات، وأيضا " الأحزاب السياسية " لكن الأخيرة أحدثت إشكالية كبيرة فى مدى تصنيفها كفصيل من فصائل المجتمع المدنى أم أنها لا تتبعه .
يرى فريق أن الأحزاب السياسية تعد من إحدى فصائل المجتمع المدنى، نظرا لأنها تعبر عن شرائح معينة تدافع عن حقوقهم، وينتمون إليها طوعيا وإراديا، لكن هناك فريقا آخر يرى أن الأحزاب السياسية لا تتبع المجتمع المدنى لأنه لا يوجد حزب سياسى إلا ويسعى للوصول للسلطة، وهذا يتنافى مع فكرة المجتمع المدنى والتى تتسم بالبعد عن الوصول للحكم. فالمجتمع المدنى من الممكن أن يهتم بالسياسة من خلال نشر ثقافة الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان وتداول السلطة والمشاركة السياسية وغيرها، لكن يبتعد كل البعد عن الوصول للحكم. ليصبح السؤال "هل هناك تعارض بين عمل الأحزاب السياسية وباقى المجتمع المدنى؟!"
بالطبع لا، فإذا كنت من مؤيدى انضمام الأحزاب كتابع للمجتمع المدنى، فلا توجد مشكلة حينئذ، أما إذا كنت من معارضى انضمام الأحزاب السياسية للمجتمع المدنى ، فلا توجد مشكلة أيضا، فلتعمل الأحزاب فى بيئتها السياسية ، وليعمل باقى فصائل المجتمع المدنى من منظمات غير حكومية وجمعيات أهلية وغيرها فى بيئتها الخاصة .
لكن خلاصة ما نود تأكيده هو أنه يجب علينا جميعا العمل على تحقيق التنمية للبلاد، وأن تعمل الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى بشكل لا يجعل هناك صدامات بينهما مهما كان رأيك وتوجهك، فلا يوجد على أرض الواقع شيء يدعو للصدام بين الأحزاب السياسية والمجتمع المدنى، بل العكس، فأنا أرى أن العلاقة بينهما هى علاقة تكاملية فى الأساس، حتى وإن شابتها بعض التوترات.
أحمد فوقى محمد يكتب: الأحزاب والمجتمع المدنى وأفاق المستقبل
الإثنين، 17 أغسطس 2015 08:10 ص
صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة