الانبا ارميا

"التغيير"

الأحد، 16 أغسطس 2015 10:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يقولون: " أنت قلم فى كتاب الحياة ، فاكتُب فيه ما شئتَ : إنْ خيرًا فهو خير، وإن شرًّا فلا تلومَنَّ إلا نفسك!". إن الإنسان فى رحلة الحياة سيرة تُخَطّ فى كتابها، وأحداث تلك السيرة هى من صنع مواقف الإنسان وقراراته، فجميع البشر يتعرضون لعقبات وضغوط وبدائل، إلا أن الاختيارات تتنوع بحسب كل شخص، وهكذا تتشكل حياة كل إنسان وتختلف عن الآخر .

إن كثيرًا من البشر لاقى الألم والفقر والصعوبات منذ الصغر، ولٰكن اختلفت طريقة رسم كل منهم للخروج من أزماته : فهناك من استسلم للظروف وهرَب فى يأس وضاعت منه الحياة ، وهناك من غضِب وحنِق وحقَد فأضاع أيضـًا حياته ، ويوجد ذٰلك الإنسان الذى صبَر وعمِل فى جِد حتى ارتفع فوق مستوى الأزمات، وهنا ينبغى أن تتوقف قليلًا، وتتساءل : من أى الأنواع أنت؟ وحين تُحدِّد بصدق وتكتشف فى أى الطرق تسير، ستتمكن من تغيير ما اعتدتَ عليه وترغب فى تعديله، إن أول طرق التغيير فى حياة البشر هى أن يدركوا أنهم يسعَون بأساليب غير سليمة ، وأن تكون لديهم الرغبة الحقيقية فى التغيير، وأن هٰذا التغيُّر هو لهم وفى حياتهم، يقول الكاتب الروسى "ليو تولستوي" : "الكل يريد تغيير العالم من حوله ، لكن لا أحد يفكر فى تغيير نفسه."، وتلك هى المعضلة الكبرى ومُثار كل المشكلات، إذ يعتقد الإنسان أن أصل جميع متاعبه هو إمّا من الظروف وإمّا من البشر ؛ فنراه يسعى نحو التغيير السريع للظروف أو تعديل البشر وَفق رؤيته ، ويُنكر أنه ربما هو من يحتاج إلى التعديل من ذاته فى أسلوب التفكير أو فى رؤية الأمور بإيجابية، وأن عليه العمل لتتحقق له المعجزات التى يحلُم بها، يقول أحدهم : "ما أنت عليه، والمكان الذى أنت فيه، هما نتاج تفكيرك؛ فلكى تُغيِّر ما أنت عليه والمكان الذى أنت فيه عليك أن تُغيِّر طريقة تفكيرك ".

والتغيُّر لا يحدث فى لمح البصر ، أو بقوة خارجة عن إرادتك، بل فى ذاتك، وبالإصرار ومع الوقت، ودعنى أخبرك بأحد الأسرار لتغيِّر من ذاتك، قدَّمه إلينا الفيلسوف اليونانى "سقراط" إذ قال : "السر فى عمل التغيير يكمن فى أن تركز طاقتك لا فى محاربة القديم بل فى بناء شىء جديد"، نعم فالتغيُّر يحمل فى أعماقه طاقة بناء لا هدم ، فبدلا من إهدار طاقتك فى التصدى لما ترغب فى تغييره، قُم ببناء الجديد الذى تريد ترسيخه، وحينئذ ستتهاوى كل الأمور غير الصالحة .

إن الحياة مسئولية لن تقع على عاتق أحد سوى من يحياها، فلتتعلم تحمُّل هٰذه المسؤولية فى الأمور التى تبنى، وتقوِّى وتعزز كل ما هو خير وإيجابى فى الحياة، وهٰكذا، "كُن أنت التغيير الذى تريد أن تراه فى العالم".
* الأسقف العام رئيس المركز الثقافى القبطى الأرثوذكسى .





مشاركة




التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

مدحت

يسلم قلمك يا سيدنا

كالعادة مقال رائع يا سيدنا

عدد الردود 0

بواسطة:

عبدالرحمن1

اصبحت الحياة اكتمال وسبل

عدد الردود 0

بواسطة:

ماهر المصرى

مقال جميل

شكرا نيافة الاسقف العام..

عدد الردود 0

بواسطة:

ayman

شكرا على المقال

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة