وأكدت المؤسسة، فى بيان لها اليوم، أن محاولة استجلاب أحكام استثنائية ضمن أطر أحكام نصوص القانون العام، سواء فى ذلك، التوسع فى نطاق دائرة التجريم والإسراف فى العقاب، أو التحلل من مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، أو الإخلال بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، أو التحصين الموضوعى للموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين، أو الإخلال باستقلال القضاء وسلب القضاة لسلطتهم التقديرية فى توقيع العقوبة، أو تحجيم وتقليص دور محكمة النقض أو ترسيخ معايير التمييز على حساب مبادئ المساواة أمام القانون، من شأنه أن يمثل تهديدا لدولة القانون وللنظم الاجرائية والمبادئ، التى تواترت عليها الدساتير المصرية، واستقر العمل بها لدى المحاكم العليا المصرية، والتى مفادها ضرورة وجود نظم سليمة تقرر لتعقب الجريمة، ومحاكمة فاعلها فى سرعة بغير تسرع، وفى حزم بغير افتئات ولا تطرف، مشيرة إلى أنه إذا كان من مقتضيات العدالة أن يؤخذ المسىء بإساءته، فإن من مقومات وجود هذه العدالة ألا يؤخذ البرىء بجريمة المسىء، وألا يكون من وسائل الوصول للعدالة تهديد الأبرياء أو الاعتداء على الآمنين فى حقوقهم وحرياتهم.
كما أوضحت مؤسسة "دعم العدالة" أن التسرع فى إصدار مثل هذا التشريع، ذا الخطورة الشديدة على حزمة من الحقوق والحريات، يثير العديد من بواعث القلق بشأن مدى حماية مشروع القانون للحقوق والحريات المكفولة بأحكام نصوص الدستور المصرى، سيما الحق فى الحياة والحق فى السلامة الجسدية والحق فى الحرية الشخصية ومدى صيانة وعدم انتهاك ضمانات ومعايير المحاكمة العادلة والمنصفة، وما تعلق منها بإجراءات ما قبل المحاكمة وأثناء المحاكمة وبعدها، وبحماية استقلال القضاء وحياده ونزاهته وكفالة حقوق الدفاع والتقاضى على درجتين والحق فى الطعن على الأحكام أمام محكمة أعلى.
وترى المؤسسة أن محاولات استصدار سلسلة من التشريعات العقابية والإجرائية، تحت دعاوى مكافحة الإرهاب - رغم تصدى قانون العقوبات المصرى الحالى وما طرأ عليه من تعديلات لموضوع مكافحة الإرهاب - لا يبرر أن يتنكب مشروع القانون للقواعد والأسس والمبادئ المتعارف عليها فى سن التشريع، ولا أن يكون مبررا لوجود تشريع يمنح سلطات وصلاحيات مطلقة على حساب حزمة من الحقوق والحريات.
ودعت المؤسسة الى احترام الأحكام الصادرة عن المحكمة الدستورية العليا، والتى استقرت على أنه تختل قواعد العدالة، إذا لم تكن قواعد التحقيق الجنائى، وليدة تدبر عميق عند وضعها، بما تستلزمه من حبس وإفراج أو قبض وتفتيش، ومن قواعد للمحاكمة تتطلب للخصوم ضمانات كافية لحيدة القاضى، وسداد قضائه وكفالة حق الدفاع وأخرى للطعن فى الأحكام عندما تخطئ، وتنفيذها عندما تصبح قرينة على الصواب، لتكون عند التطبيق دستورا حقيقيا، يحفظ للمجتمع رغبته المشروعة فى تتبع الجريمة، كما يحفظ للمحكوم البريء رغبته فى ألا يناله من تتبعها عنت أو إرهاق.
مشروع القانون يثير المخاوف بشأن تهديده لحرية الرأى
وأوضح البيان أن مشروع القانون يثير العديد من المخاوف بشأن تهديده لحرية الرأى والتعبير، والحق فى تداول المعلومات، وترسيخ العقوبات السالبة للحرية فى قضايا النشر، على خلاف ما جاء به دستور 2014، وعلى الرغم من مساس مشروع القانون بالحقوق والحريات، فإنه لم يتم عرضه لحوار مجتمعى، لتدارك ثغرة عدم وجود برلمان فى مصر فى هذه الآونة.
واستعرضت مؤسسة دعم العدالة فى دراسة أعدتها عن مشروع قانون مكافحة الإرهاب بعض الملاحظات على مشروع القانون وعلى احكام بعض نصوصه، أكدت فيها أن القانون تضمن إخلالا بنصوص مواد مشروع القانون بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات، وأنه خرج على مبدأ تناسب العقوبة مع الجريمة، وتقرير مساواة العقوبة فى الجريمة التامة وفى الشروع أو التحضير.
مشروع القانون يمس استقلال القضاء بشكل قاطع
وأوضحت الدراسة أن مشروع القانون يعد تكريسا لمبدء الافلات من العقاب وتقرير حصانة موضوعية للموظفين المكلفين بتنفيذ القانون، وتدخلا غير مبرر فى سلطة القاضى التقديرية بما يمس استقلال القضاء بشكل قاطع، وسلب ولاية القضاء الجنائى الطبيعى على بعض القضايا، واخلالا بحق الدفاع، ويقوم على تقرير عقوبات على مجرد الأفكار وليست الجرائم، ومساس بدور محكمة النقض المصرية كمحكمة عليا فى بعض القضايا واختزال دورها كمحكمة استئناف.
مشروع القانون يعد تكريسا للصلاحيات الاستثنائية
كما أشارت المؤسسة فى بيانها إلى أن مشروع قانون مكافحة الإرهاب يعد تكريسا للصلاحيات الاستثنائية لرئيس الجمهورية الواردة فى قانون الطوارئ الاستثنائى، فى قانون عام دائم، وانتهاكا للحق فى حرية العمل الصحفى وحق تداول المعلومات وحق المجتمع فى المعرفة، بالإضافة إلى تعريض حرية الصحفيين للخطر.
قانون مكافحة الإرهاب حزمة من القيود على الحقوق
وفى ختام بيانها عن مشروع القانون أكدت مؤسسة دعم العدالة أنه فى المجمل يعد مشروع قانون مكافحة الارهاب بمثابة حزمة من القيود على العديد من الحقوق والحريات الأساسية، وماسا بها لدرجة تتجاوز حدود السلطات فى وضع قيود فى حالات الطوارىء وفقا لاحكام المادة 19 من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، وكذا تعليقات مجلس حقوق الانسان عليها، والتى ذهبت الى ان القيود على بعض الحقوق فى حالات الطوارىء يجب ان تكون قيود ضرورية لمجتمع ديمقراطى، وأن تكون مؤقتة غير دائمة وغير ماسة باصل الحق المقيد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة