وجد الرئيس الفرنسى الأسبق الجنرال شارل ديجول وزير خارجيته يطلع على خريطة لفرنسا، فقال له، السياسة تجرى على الكرة الأرضية وليس فقط فى فرنسا. يذكرنا هذا ببعض كبار صغار المحللين الانغماسيين يظنون أن الثورية تعنى الاكتئاب والصراخ الانعزال، وإطلاق كلاشيهات محفوظة بلا معنى. ويعتقدون أن الاختلاف هو أن تتبنى وجهات نظر الأعداء.
وربما يعرف أى تلميذ فى الإعدادى أن الحرب التى يشنها الإرهابيون فى سيناء ليست محلية، ولا يحتاج للكثير من العبقرية ليكتشف أن الصراعات التى تدور فى المنطقة والعالم أقرب لما كان يجرى بعد كل حرب عالمية. وربما أكثر تعقيدا، وتختلف عن الصراع مع الإرهاب فى الثمانينيات والتسعينيات. عندما كان أقل تعقيدا مما يجرى الآن، بمليارات ودول وأجهزة تريد وجودا فى خريطة جديدة ليست هى خريطة العالم المعروفة حتى خمس سنوات، وتتصل مع ما يجرى فى سوريا والعراق وليبيا وتونس وأوروبا.
الرئيس الأمريكى بارك أوباما قال عن الحرب على داعش إنها سوف تطول. لاحظ أن أمريكا وتحالف طويل عريض يشن ضربات جوية على داعش لم تؤثر فيه أوباما يستبعد الدخول بريا لعلمه بتكلفة هذا الدخول. ولعل استعادة عملية سيناء وسحق الإرهابيين أن الطيران قتل حوالى 60 إرهابيا، بينما المطاردة على الأرض سحقت أكثر من 150، حوالى ثلاثة أضعاف بما يعنى أن الطيران وحده لا يكفى كما يردد بعض جهلاء «الفكر التفقيسى».
الانغماسيون المحللون يقولون إن ما يجرى فى سيناء ليس حربا، ولا يعرفون الجغرافيا ولا الطبوغرافيا، ولم يلفت نظرهم خطاب الرئيس التونسى قائد السبسى، وهو يفرض حالة الطوارئ، ويقول إن هجمات أخرى ضد السياحة فى تونس مثل سوسة يمكن أن تؤدى لانهيار الدولة. فهل يمكن للانغماسيين إحصاء كم عملية إرهابية واجهتها مصر خلال عامين؟ وكم تكلفت ولم تؤد لسقوط الدولة؟ إرهاب منغمس وبعض أفراده يتفجرون ويفجرون ويخربون محطات وأبراج الكهرباء.
لا يحتاج الانغماسى الثوروى التعددى التربيعى للقول، إنه يختلف أو يتفق، فقط عليه أن يغادر حالة الكسل السيبرانى، والهلام العقلى ليقرأ، بدلا من تحاليل تفوح بالتواطؤ. ولا أحد يطالبهم أن يشعروا بفخر، فقط يطلعون ويتجاوزون الجهل المركب وادعاء الثورية الفارغة، والتقعر من خلف كيبوردات وشاشات، بينما يعجزون عن قراءة الواقع كما تفرضه الجغرافيا الجديدة.
لقد تعرض الإرهابيون لضربات وإن كانت لم تنته، وربما يستعدون لهجمات مرتدة، ويطلقون محللى الانغماس للتقليل من حجم هزائمهم وتشويه بطولات أبناء الشعب فى مواجهة أعداء الخارج والداخل. وهى حرب أخرى يشارك فيها محللون بغباء، وآخرون بمقابل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة