انتبهوا لمفاوضات سد النهضة

شىء ما يحدث فى المفاوضات الخاصة بسد النهضة لا يبشر بالخير، فى الوقت الذى يتصور فيه قطاع واسع من المصريين بأننا سوينا الخلافات حوله مع إثيوبيا منذ زيارة الرئيس السيسى الأخيرة إلى «أديس أبابا» وحديثه أمام البرلمان الإثيوبى، وتأكيده على حل الأزمة بالحوار والتعاون لأجل مصلحة البلدين، والتأكيد على عدم التفريط فى حقوق مصر فى مياه النيل وعدم تأثرها ببناء السد.

هناك تأكيدات من خبراء فى ملف المياه بأن المفاوض المصرى ضعيف فى مواجهة المخطط الإثيوبى الذى يقوم على كسب الوقت لاستكمال إنشاء السد وافتتاح المرحلة الأولى منه نهاية العام الجارى، ثم الدخول فى المراحل اللاحقة للانتهاء من بناء السد عام 2018، وتستغل إثيوبيا انشغال مصر بمواجهة الإرهاب، وتواصل مخططها، ومنذ فترة ونحن نسمع ونقرأ أخبارا عن حكاية المكاتب الاستشارية التى ستعد التقرير الفنى النهائى الخاص بنتائج بناء السد، وبينما يكثر الكلام ولا يوجد على أرض الواقع شىء ملموس يشير إلى أن هناك خطوات جادة نحو ذلك، والأدهى أن إثيوبيا تمضى فى مخططها فى بناء السد، فى حين أنه من المنطقى أن لا تمضى فى مخططها إلا بعد أن تقول هذه المكاتب كلمتها، لكن البناء يتواصل، وما عدا ذلك فهو فى حيز الكلام وفقط.

نحن أمام تحذيرات يطلقها خبراء كبار فى هذا الملف، كما جاء فى التقارير المنشورة بالزميلة «المصرى اليوم» فى عددها أول أمس للزميل متولى سالم، وتحدث فيها خبراء مرموقون مثل الدكتور محمد نصر علام وزير الرى الأسبق، والدكتور هانى رسلان رئيس وحدة حوض النيل بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، والدكتور مغاورى شحاتة الخبير الدولى فى الموارد المائية، ولا يمكن اتهام هؤلاء بالانتماء لأيدلوجيات معادية للدولة المصرية ومصالحها، فهم يتحدثون على أرضية الغيرة الوطنية فى قضية ليست مجال تجاذب بين الفرق السياسية.

يحذر الثلاثة من خطر التعامل بحسن النوايا، وأن كل المواقف التى تتم الآن لا تخدم إلا الطرف الإثيوبى الذى حصل على أثمن وأهم مكسب فى الموضوع وهو الإقرار بحقه فى حصة مائية تحت مسمى «الاستخدام العادل والمنصف للمياه» حسب رأى الدكتور محمد نصر علام. انشغالنا بمواجهة الإرهاب لا يجب أن يشغلنا عن هذا الملف الخطير الذى يبدو أننا لانديره باقتدار، فلننتبه.