يقع على عاتق وسائل الإعلام سواء بمؤسساتها الحكومية أو الخاصة مهمة وضع الصورة الحقيقية أمام المشاهد من خلال ما يعرض على قنواتها سواء الأرضية أو الفضائية. وهنا يقتصر حديثى على وسائل الإعلام الخاصة، فتتنافس القنوات الفضائية فيما بينها على تقديم كل ما هو جديد للمشاهد من خلال مجموعة من البرامج التى تعد خصيصاً لتجذب عدداً كبيراً من المشاهدين، وذلك بغض النظر عن مضمون هذه البرامج وما تحمله للمشاهد من أفكار ورؤى مختلفة ومتنوعة، فالمتابع لما يقدم على الفضائيات المصرية الخاصة من برامج يلاحظ أن هذه البرامج وجدت من أجل التنوع فقط دون النظر إلى المضمون الفكرى الذى تقدمه، فتتنوع هذه البرامج المعروضة بين برامج مخصصة لمسابقات اكتشاف المواهب الشبابية سواء الفنية أو الغنائية، أو البرامج المخصصة لإجراء مسابقة متنوعة بين فريقين من الشباب من خلال عرض لبعض الأسئلة، نظير الحصول على مبلغ مالى معين، وغيرها من البرامج التى يدور مضمونها حول هذه الأفكار الضحلة.
فالغالبية العظمى من القنوات الفضائية الخاصة تلهث وراء هذه النوعية من البرامج التى تدر من وجهة نظر القائمين على إدارتها المال الوفير وتحقق أرباحا كثيرة، وتسهم فى جلب عدد كبير من الإعلانات، والأمر المثير للدهشة والاستغراب أن معظم البرامج التى تقدمها القنوات الفضائية ممن سبق التنويه إليها، يقدمها عدد من الفنانين والفنانات أو المغنيين أو المغنيات، أو أيضا لاعبى الكرة، إلى أن أصبحت القنوات الفضائية الخاصة، الآن مأوى لعدد كبير جدا من الفنانين والمغنيين ولاعبى الكرة ممن أرادوا السيطرة على كل شىء والقبض على كل مصادر الرزق بغض النظر عن المضمون الذى يقدموه ومدى استفادة المشاهد والمجتمع منه، فالفكر السائد عند هؤلاء هو فقط كيفية الحصول على المال دون أى اعتبار خاص أو عام.
وهنا يطرح التساؤل الذى نقصده من كتابه هذا المقال وهو أين دور وسائل الإعلام فى ثقافة العامة من جمهور المتلقين من خلال تخصيص مساحة زمنية لعدد من البرامج العلمية التثقيفية فى العديد من المجالات سواء الادبية أو القانونية أو الثقافية أو حتى سرد سيرة ذاتية لأحد الشخصيات التاريخية التى كان لها دور عظيم فى تاريخ الدولة المصرية، فوجود مثل هذه البرامج يساهم بشكل كبير فى رفع الوعى لدى الشباب فى العديد من المجالات، كما تساهم فى معرفة ومشاركة المجتمع لقضاياه، فالمعرفة الحقيقية هى محور تطوير الأداء لكل فرد، ومن خلالها تتم تنمية العنصر البشرى بشكل يؤهله لمواكبة تطورات الحياة السريعة من تقدم علمى وتكنولوجى بما يساهم فى حل عدد من القضايا والمشكلات التى يعانى منها المجتمع.
فوسائل الإعلام وجدت لتعلم وترتقى بالفكر الإنسانى وليس لتشارك فى إحباط الفكر الإنسانى وتقديم كل ما هو رخيص من ناحية المضمون ونفيس من ناحية المأمون، فعلى وسائل الإعلام الخاصة أن تراجع نفسها كثيرا فيما يعرض على شاشاتها من برامج، فأصبحنا الآن ليس فى احتياج طوال الوقت للبرامج السياسية التى أضحت الآن بالنسبة للمصريين جزءا كبيرا من الملل الحياتى، ولسنا فى حاجة إلى برامج المسابقات الغنائية واكتشاف المواهب، فهذه البرامج تجذب عددا مبالغا فيع من الشباب والفتيات، ممن يفرغوا طاقاتهم فى مثل هذه البرامج التافهة التى يسعوا فقط من ورائها للشهرة والمال، هذا فضلا عن أن هذه البرامج تتعاقد مع عدد من المشاهير سواء من الفن أو المغنى لتشكيل لجان تحكيم للحكم على ما يعرض فى هذه البرامج من مواهب غنائية أو استعراضية ( مثل مسابقات الرقص)، إلى أن وصلنا لمسابقات الطبخ، مما يتطلب حصول لجان التحكيم هذه على مبالغ مالية طائلة، إذا ما استثمرت فى الوجوه الصحيحة لعادت بالنفع على العامة من بنى الوطن، من خلال تخصيص جزء من هذه المبالغ للبرامج العلمية الثقافية.
وخلاصة القول إن المعرفة هى جوهر تقدم الأمم، وتتحقق المعرفة الحقيقية من خلال الاهتمام بالتعليم الذى يعتمد على الفهم الصحيح وليس على التلقين الصريح، كما تتحقق المعرفة أيضاً من خلال التعرف على الثقافات القديمة وتاريخ الشعوب القديمة للاستهداء بها فى مواصلة رحلة التقدم للوصول إلى المستوى العالمى المرجو، وهذا لا يتأتى إلا بالاهتمام بتنمية العنصر البشرى والوصول به إلى مستوى تعليمى وثقافى وتقنى يواكب ما وصل إليه العالم الآن من تقدم علمى وتطور تكنولوجى، حتى يساهم بشكل كبير فى التغلب على العديد من المشكلات التى يعانى منها مجتمعنا المصرى، وهو ما يقع جزء كبير منه على وسائل الإعلام فى المعرفة الحقيقية، فالمعرفة هى رأس مال الإنسان فى التواصل والتفاعل مع الثقافات الأخرى.
على زايد عبد الله يكتب: إعلام التسلية ليس هو الحل
السبت، 04 يوليو 2015 04:00 م
أرشيفية
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
نشات رشدي منصور / استراليا
تميز علمي تفخر به استراليا