كان فاتك الأسدى الذى هجاه المتنبى فى شعره كثيرا، قد كلف من قبل عضد الدولة بن بويه، حاكم فارس بقتل الشاعر الذى فشل فى اختبار الثقة الذى وضعه فيه، حيث دس عليه من يسأله "أيا من العطايا يفضل، تلك التى يغدقها عليه عضد الدولة أم سيف الدولة الحمدانى حاكم الشام؟"، فأجاب المتنبى قائلا :"عطايا عضد الدولة أجزل ولكن عن تكلف وعطايا سيف الدولة أقل ولكن عن طيب نفس من معطيها لأنها عن طبيعة"، فكلفته هذه الإجابة حياته.
ولقب الشاعر أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفى الكندى الكوفى الذى ولد عام 306 هجرية بمدينة الكوفة العراقية، بـ"المتنبى" لأنه قيل بأنه ادعى النبوة، وقال بأنه يوحى إليه ببعض آيات القرآن، ومنها "والنجم السيار والفلك الدوار والليل والنهار إن الكافر لفى خسار"، وغيرها من الآيات، وكان له أتباع من أبناء أرض السماوة، الذين أطلق عليهم "بنى كلب"، قريبا من مدينة حمص السورية، وحبسه لؤلؤ أمير حمص لإدعائه النبوة طويلا ثم استتابه وأطلق سراحه.
تميز المتنبى بقوة ذاكرته، وكان شاعرا لا يشق له غبار، وقد استغل ذلك طوال فترة حياته لوصف ما يدور حوله، وليتكسب منه هجاء ومدحا، وهو الذى سهل له الطريق لبلاط الحكام العرب، فقضى حياته مرتحلا بين بلد وآخر محاولا كسب ود حكامه ليغدقوا عليه بالأموال والعطايا.
تعلم المتنبى اللغة العربية وأدبها فى الشام، التى هاجر إليها من العراق عندما كان صغيرا، وعمل بالعطارة، ثم بدأ يستغل موهبته الشعرية فى مديح الأمراء، وبدأ فى المغالاة فى مدح سيف الدولة الحمدانى حاكم الشام، فأغدق عليه بالأموال والعطايا، وخرج من الشام بعدما ضربه ابن خالويه أحد أكبر علماء اللغة، بمفتاح فى رأسه بعد دخولهما فى مناظرة فى اللغة، أساء المتنبى إليه فيها.
توجه المتنبى من الشام إلى مصر فى فترة تولى الحاكم كافور الإخشيدى لها، وأقام بها أربعة سنوات قضاها فى مديحه، ورفعه الأخشيدى إلى مكانة عالية، إلى أنه خشى أن يحلم المتنبى بحكم مصر ويدعى أنه حاكمها كما ادعى النبوة فأخرجه منها.
خرج المتنبى من مصر إلى المغرب التى حكمها الفاطميون حينها، ولم يمكث فيها طويلا بعدما دبر له أحد شعرائها ويدعى إبن هانئ مكيدة، فكانت بلاد فارس آخر البلدان التى وطأتها قدمه، قبل مقتله على يد فاتك الأسدى قبل بلوغه العراق.
موضوعات متعلقة..
المتنبى.. " أغَايَةُ الدّينِ أنْ تُحْفُوا شَوَارِبَكم".. السقوط فى المظهرية