أكرم القصاص

عم مسعد.. أيها الصوفى الزاهد سامحنا

الجمعة، 31 يوليو 2015 07:51 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ودود.. مثقف.. مخلص، يحمل حكايات عمره وخبرات السنين، لا يبدو كبيرًا فى العمر، لكنه يحمل حكايات وجروحًا تثقل قلبه.. يخفيها خلف طبقات من الضحك والحكايات والعمل المخلص، وصوفية هادئة لا تخلو من عصبية وغضب طفولى سرعان ما يصفو ليبتسم ويضحك، ويضىء وجهه.

الصديق والزميل الفاضل المثقف مسعد إسماعيل، رحل فجأة، رحيل أب أدى ما عليه وزيادة، ولم يشكُ أبدًا من ظلم مؤكد وقع عليه، وأظنه رحل راضيًا حتى عن هؤلاء الذين أزعجوه أحيانًا من دون قصد.
عم مسعد إسماعيل، الصديق الذى عرفناه فى سنواته الأخيرة، وبالرغم من أنها سنوات قليلة، فإننا عرفناه دائمًا مبتسمًا هادئًا مخلصًا، يحرس اللغة، ويزعجه دائمًا الإهمال فى مفردات اللغة العربية أو الإعراب.. يقفز ويعلو صوته ليشير للخطأ، أو يدخل فى مناقشة حول أفضل المعانى والمفردات.. حاد فى احترام العمل واللغة.

ملىء بالحكايات، يخفى آلام جرح غائر لا يفصح عن أسبابه بسهولة، ويبحث عن مبررات باستغناء صوفى وزهد وتعفف.. مثقف وفىّ لأصدقائه، من ألوان الطيف يختزن مئات الحكايات بمساحة عمره الممتدة، يختص بها من يحبهم، يشعر بامتنان لأصدقائه المنتشرين، ويجد لهم الأعذار، يحترم الكل، يشعر أحيانًا بغصة من شعور بعدم التقدير، وأخطاء يرتكبها البعض بعناد وجهل لقيمته.

ربما لم ننجح فى أن نخبره أننا نقدره ونحبه ونفتقده فى الغياب، ونشعر بامتنان لإخلاصه، حتى وهو يخفى تعبه ويأتى للعمل مرهقًا فى رمضان، يستخف بآلامه، ويرفض نصائحنا بأن يذهب ليطمئن على صحته.. يبدو شاحبًا، وفى عينيه حزن، يبتسم وأنا أعتذر له لأخفف عنه ما يثقل كاهله.. لا يفقد عم مسعد أبدًا إخلاصه، ولا أصدقاءه، يحرص على الاطمئنان عليهم دائمًا، وحتى عندما يغيب مضطرًا لإرهاق يعود ليعتذر بما لا يلزمه الاعتذار، ويصر على التعامل باحترام يليق برجل كبير.. يرفض الانصراف.. تضايقه «ارتاح يا عم مسعد».

خلال شهور كان قد نسج صداقات وأبوة مع أغلب العاملين فى «اليوم السابع».. يقدم النصيحة، يحب العمل، يأتى مبكرًا، لا ينصرف قبل أن يطمئن على انتهاء العمل، حتى فى أيام عيد الفطر يطالعنى بابتسامته، يرفض الإجازة، ينخرط فى العمل، يخفى إرهاقه.

وسط زحام العمل كنا نختطف وقتًا ليحكى مبتسمًا عن أكثر ما واجهه من جروح.. يحكى مخلصًا لأبنائه، فخورًا بهم، راغبًا فى الاطمئنان عليهم، وفى اللحظات المختطفة وسط العمل كنت أستمع لحكاياته، لكن الوقت لم يكف أبدًا لأخبره أننى أفتقده وأحبه، وأشعر نحوه مثل كثيرين باحترام وامتنان على كل لحظات الصدق المخلص.

عم مسعد نحن ممتنون لك.. نحبك، ونتذكرك، ونرجوك أن تسامحنا، وتبقى بيننا.. حتى نلتقى.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة