إيران والعرب والنظرة الاستعلائية

الجمعة، 24 يوليو 2015 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاتفاق النووى الأخير منح إيران نفوذًا قويًا، خاصة فى المنطقة، ومنحها فرصة كبيرة للتواصل مع العالم الخارجى بعد عزلة وحصار امتدا أكثر من 30 عامًا، وعقوبات اقتصادية أثرت على الوضع الداخلى لإيران، وإن مكّن الحكومة من فرض السيطرة على الداخل باستخدام القوة الأمنية المفرطة، وقمع المعارضة بكل الأساليب الممكنة وغير الممكنة.

لكن إيران ستكسب أكثر إذا ما فكرت فى إطار الإقليم الذى تعيش وسطه، وليس خارجه، بمعنى أن تتأكد القيادة الإيرانية بأن قوتها تنطلق من فتح قنوات الحوار، والتواصل مع جيرانها، وليس تخويفهم أو تصدير فكرة أنها الحامية للأقليات الشيعية فى دول الشرق الأوسط، أو كما قال المرشد الأعلى للثورة دعم «الأمم المقموعة» فى اليمن والبحرين، و«المقاتلين المخلصين» فى لبنان وفلسطين.

ستكسب إيران أكثر إذا ما تخلت عن النظرة الاستعلائية التى تتعامل بها مع دول المنطقة، خاصة دول الخليج، وأنها قادرة على توجيه دفة الأمور فى هذه الدول كيفما تريد، وهو أمر غير حقيقى، ويخرج عن قدرة إيران أو أى دولة، وستكتشف القيادة الإيرانية خلال الفترة المقبلة أن الإطار الإقليمى هو الحامى لها، ولن يحميها من هم خارج الإقليم، حتى وإن عادت طهران مرة أخرى لأداء دور الشرطى الأمريكى فى المنطقة، لأن هذا الدور لم يحمِ حكم الشاه، بل كان سقوطه أسرع مما تخيل الأمريكان أنفسهم.

على الإيرانيين أن يفهموا طبيعة اللعبة التى أوجدوا أنفسهم داخلها، فهم جزء من ترتيبات جديدة للمنطقة، أرادتها الولايات المتحدة ومعها دول غربية أخرى، لا تعتمد فى الأساس على منح القوة والنفوذ اللامحدود لإيران بقدر ما تسير وفق تصور محدد الأدوار لإيران وبقية دول الإقليم، لن تحصل فيه أى دولة عن دور أكبر من المرسوم أو المحدد لها، وفى الإطار نفسه تغذية الصراع المذهبى فى المنطقة حتى يظل الشرق الأوسط فى حالة اضطراب مستمر، وفى حاجة دائمة للسلاح الغربى، فضلاً على استمرار أمن إسرائيل، الحليف الوحيد والأساسى للغرب فى المنطقة.

أعلم أن إيران تقوم من خلال قنوات سرية بتهدئة المخاوف الخليجية والعربية من الاتفاق، وأنها تبذل جهودًا من أجل عقد لقاءات مع جميع جيرانها الخليجيين من أجل تخفيف التوتر الناجم عن الاتفاق، وضمن هذه التحركات الزيارة التى سيقوم بها محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيرانى، إلى قطر الأسبوع المقبل، لكن هذه الجهود لابد أن تترافق مع رغبة حقيقية فى التعاون، من بينها بالطبع التوقف عن التصريحات الاستفزازية التى تصدر عن قيادات إيرانية.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة