وهذا العدد يلقى الضوء على مجموعة جديدة من جرائم التنظيمات الإرهابية وفتاواهم الشاذة، والتى لم تقف على القتل والتفجير والتفخيخ للنيل من الإنسان فحسب؛ بل طالت كل ما من شأنه يمثل حضارةً أو معتقدًا دينيًّا، من خلال هدم المساجد والكنائس والمعابد والآثار التاريخية، فى تأكيد صريح على معاداة تلك التنظيمات المتطرفة للإنسان والبنيان فى آنٍ واحد، لتكشف عن أفكارهم ومعتقداتهم الخاطئة.
التنظيمات الإرهابية خرجت من رحم واحد
وأكدت "إرهابيون" أن التنظيمات المتطرفة كافة يجمعها منهج واحد وفكر واحد وإن اختلف الزمان والمكان وطريقة الممارسة، فالمتابع يجد أن الجميع خرج من رحم واحد واستقى فكره المعوج من معين واحد، لكن ربما تختلف طريقة الممارسة التى تؤدى إلى غاية واحدة هى الهلاك والدمار.
داعش تتصور نفسها دولة قائمة بذاتها
وقد كشفت النشرة بالرصد والتحليل أن أولوية تلك التنظيمات المتطرفة فى الوقت الراهن هى اتباع سياسة مد النفوذ واكتساب أكبر قدر من الأراضى لبسط سيطرتها عليها حتى لو جاء ذلك على حساب قتال التنظيمات الأخرى التى ربما تتلاقى معها فى بعض الغايات، وهذا ما ظهر جليًّا فى محاربة "داعش" لبعض الفصائل والكتائب الأخرى؛ لأنها تتصور نفسها دولة قائمة بذاتها، وقد اتضح ذلك فى الحالة السورية.
اللعب على وتر الطائفية
ورفع المرصد التكفيرى فى نشرته اللثام عن بعض نقاط القوة لدى التنظيمات المتطرفة؛ حيث إن تلك التنظيمات تعتمد فى تحقيق مكاسبها وبسط سيطرتها على بعض المدن والبلدان على اللعب على وتر الصراعات والنزاعات الأيديولوجية والطائفية والمذهبية بل والعشائرية، والتى كانت سببًا فى سيطرتها على مساحات كبيرة من الأراضى السورية والعراقية من خلال تنظيم داعش، بل إن ذلك ضمن له حرية الاتصال والتواصل بين المناطق التى يسيطر عليها، بل ويشكل جغرافية سياسية خاصة به للانطلاق لدول أخرى لا تقل فى الأهمية عن تلك التى تقع تحت سيطرته؛ وقد ترجم ذلك من خلال العمليات النوعية التى تمثلت فى تفجير المساجد الشيعية والكنائس والمعابد والأضرحة والمقامات وغيرها.
تمويل داعش
وتابعت "إرهابيون" أن من أسباب القوة أيضًا لدى تنظيم "داعش" المتطرف مسألة التمويل التى تُعد سابقة فى تاريخ التنظيمات المتطرفة المماثلة أو المتماهية مع أهدافه، فلم يحظَ تنظيم بهذا الدعم من قبل؛ لافتقاده بيئة تمويلية خاصة به؛ فتهريب النفط وتجارة الرهائن من أبرز عائدات الدولة الإسلامية؛ لأن داعش بسط نفوذه على مناطق النفط والغاز التى تغطى كافة نفقاته، والتى تباع عبر دول مجاورة وبأسعار تنافسية وتشجيعية، فى الوقت الذى تُغل فيه أيدى القوانين الدولية لمكافحة تمويل مثل هذه التنظيمات المتطرفة، وبالتالى تضمن هذه التنظيمات لنفسها تفوقًا استراتيجيًّا على أرض الواقع.
وأشارت النشرة إلى أن الأمر لم يقف عند بيع النفط للحصول على الأموال الخاصة بالتنظيم إنما تطور الأمر إلى تعدد روافد التمويل من خلال الخطف وطلب الفدية للحصول على الأموال، ولجأت أيضًا إلى وسائل تحويل الأموال التى يصعب ملاحقتها قانونيًّا خاصة فى البلدان الإسلامية، ويمكن لـهم الحصول على هذه الأموال باستخدام وسطاء من دول مجاورة، وعليه فإن هذا الدعم المادى الضخم قد ضمن لها القوة التى تجعلها تمكث فترة كبيرة أمام التحالفات الدولية، لكن بمجرد انقطاع هذه الدعم وتجفيف منابعه يمكن القضاء عليهم فى وقت قصير جدًّا.
فيما كشفت "إرهابيون" عن استراتيجية عمل داعش لتقوية صفوفها والتى تقوم على مجموعة من الأهداف التى تحقق بها قوتها؛ منها جلب المقاتلين من الأجانب وليس من العرب لسهولة تجنيدهم واستخدام أوراق ثبوتهم وسهولة تنقلهم؛ ومنها أيضًا إعداد كوادر بالدول العربية قادرة على القيام بأعمال انتحارية بعيدًا عن أرض معاركها لتحقيق أكبر قدر من الفوضى فى باقى الدول المستقرة وإشغالها عن محاربة داعش، وربما يقدم هذا مبررًا لما يحدث فى مصر فى الآونة الأخيرة.
داعش يحاول استقطاب قيادات أمنية واستخباراتية
وذكرت النشرة أن داعش يسعى أيضاً إلى محاولة التأثير على بعض القيادات الأمنية والاستخباراتية والعسكرية واستقطابها للاستفادة بهم من خلال تقديم الدعم اللوجستى للتنظيم، لكى يتحول إلى مرحلة جديدة وهى القدرة على التأثير فى تغيير الأوضاع السياسية.