قال كون كوجلين محرر الدفاع فى صحيفة التلجراف، إنه من السهل الجزم بأن الفريق الإيرانى خرج منتصراً من جولات التفاوض التى طالت حول البرنامج النووى لبلاده، داعياً الرئيس الأمريكى باراك أوباما إلى إعادة النظر بشأن اتفاقه "التاريخي" مع إيران.
وأضاف كوجلين - فى تحليل إخبارى نشرته الصحيفة على موقعها الإلكترونى - أن الإيرانيين طالما كان معروفاً عنهم المراوغة عند التفاوض، غير أن نتيجة سباق المحادثات الطويل الذى اختتم أعماله فى فيينا وسط جلبة من تبادل التهانى فاقت حتى أقصى توقعاتهم.
ونوه كوجلين عن دخول طهران تلك المحادثات، يتملكها اليأس من تفادى آثار العقوبات الاقتصادية التى فرضها الغرب بديلاً عن الإغلاق الصريح لأنشطتها النووية، ومنها بناء منشأة محصنة تحت الأرض لتخصيب اليورانيوم فى منطقة "نطنز" كانت المعارضة الإيرانية كشفت عن وجودها عام 2003، وأخرى أنشئت فى جبل بمنطقة "فوردو" كشفت الاستخبارات البريطانية عن وجودها عام 2009.
وتابع الكاتب أن هوس إيران باكتساب القدرة على تخصيب اليورانيوم لمستويات تتعدى المستوى المطلوب للتطبيقات المدنية والتجارية، جنباً إلى جنب مع انهماكها فى تصنيع صواريخ باليستية قادرة على حمل رؤوس نووية، دفع الاستخبارات الغربية إلى استنتاج أن طهران تطور برنامجاً سرياً لصناعة أسلحة نووية.
وقال كوجلين إن أحد الأهداف الرئيسية من محادثات فيينا، التى هى جزء من عملية دبلوماسية بدأت أولى خطواتها قبل أكثر من عشر سنوات، كان الوقوف على حقيقة ما تتعمد طهران التعتيم عليه، لقد أراد المسؤولون الغربيون معرفة ما إذا كانت ثانى أكبر دولة تملك احتياطى نفط فى العالم، جادة فى تطوير صناعة وطنية لسلاح نووي، أم أن الأمر أبعد من ذلك.
وأضاف "ولكن هنا تكمن مهارة المفاوض الإيراني؛ فعلى الرغم من انقضاء أعوام من النشاط الدبلوماسى المكثف من جانب المجموعة السداسية فلا نزال نجهل حقيقة الأمر تماما .. وقد ضاعت سدى كافة محاولات الحصول على تفسيرات من إيران حول التناقضات الصارخة التى ظهرت على مرّ السنين فى تصريحاتها للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بدعاوى الإيرانيين أن طلبات استيضاح الدبلوماسيين الغربيين تتضمن إهانة وعدم احترام".
وأردف الكاتب "كان الرد المناسب من جانب البيت الأبيض على رفض إيران التعاون يتعين أن يكون الإبقاء على العقوبات على حالها حتى يُظهر النظام الحاكم رغبة صادقة فى الاعتراف.. كان هذا هو الاتجاه الذى ساد فى واشنطن إبان حكم محمود أحمدى نجاد، الذى تسبب توجهه المتحدى فى معاناة طهران للمزيد من الصعوبات الاقتصادية".
ومضى كوجلين "ومع كل، فها نحن بعيدا عن محاسبة الإيرانيين على خداعهم، فى موقف شاذ: حيث يجتمع قادة من مختلف دول العالم يحتفلون بإبرام اتفاق يتركنا متعامين عن الوقوف على نوايا إيران النووية الحقيقية..علاوة على ذلك، فإن اتفاق فيينا هذا يُبقى على إيران قدراتها اللازمة التى يمكن استخدامها لتصنيع أسلحة نووية، مثل تطوير المزيد من الطرائق المتقدمة لتخصيب اليورانيوم إلى مستوى الأسلحة ، إضافة إلى الاستمرار فى تطوير العمل على برامجها الخاصة بالصواريخ الباليستية".
وتابع كوجلين"يمكن لإيران الآن التطلع إلى رفع العقوبات وكذلك فكّ تجميد أصولها المصرفية عالميا، فيما يقدر بحوالى 150 مليار دولار أمريكى .. ومن ثمّ لا عجب إذن أن يحتفل المتفاوضون الإيرانيون باتفاقهم التاريخي".
وأضاف"السبب الرئيسى وراء خلوصنا إلى هذا الأسف على ذاك الاتفاق، هو أنه بدلاً من الإبقاء على الضغط الاقتصادى على إيران لحين ضمان التعاون المناسب، أظهر الرئيس الأمريكى باراك أوباما أنه أكثر حرصاً على تتويج ملف سياسته الخارجية بتوقيع اتفاق تاريخى بغض النظرعما يمكن أن يكتنف ذلك من تنازلات، وربما أقنع أوباما نفسه أن هذا الاتفاق كفيل بقطع كافة الطرق أمام إيران للحصول على أسلحة نووية، لكن هذه ليست بكل تأكيد وجهة نظر من لديهم معرفة أكثر قرباً بأساليب النظام الإيرانى المراوغ ، لا سيما دول الخليج التى بدلا من أن تطمئن أن طموحات إيران النووية قد أحبطت، فإنها ستترقب بقلق عودة إيران وقد استعادت كامل نشاطها، بعد أن أزيحت الأحمال الاقتصادية عن كاهلها، باحثة عن فرص جديدة للهيمنة على منافسيها فى الخليج".
واختتم كوجلين قائلاً "فى ظل تحذيرات من دول خليجية بأنها قد تحوز أسلحة نووية للدفاع عن نفسها ضد أى أعمال عدائية من إيران، فإن أوباما يحتاج إلى إعادة النظر فى الأمر إذا ما كان يظن حقاَ أن اتفاقه التاريخى كفيل بأن يجلب السلام إلى المنطقة".
كاتب بريطانى : على "أوباما" إعادة النظر بشأن اتفاقه "التاريخى" مع إيران
الأربعاء، 15 يوليو 2015 09:16 ص