خالد عزب يكتب: القلقشندى وكتابه "مآثر الإنافة فى معالم الخلافة"

الأربعاء، 01 يوليو 2015 12:00 ص
خالد عزب يكتب: القلقشندى وكتابه "مآثر الإنافة فى معالم الخلافة" غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالرغم من مرور 50 عاماً على صدور تحقيق كتاب "مآثر الإنافة فى معالم الخلافة" بالكويت بتحقيق عبد الستار فراج وتصدير صلاح الدين المنجد، إلا أن هذا الكتاب لم يأخذ حقه بين الباحثين والمؤرخين، والكتاب من ثلاثة مجلدات، وموضوعه "الخلافة" حيث جعلها القلقشندى مبحث هذا الكتاب، جرت المعلومات فى هذا الكتاب بطريقة مرتبة، فى دقة ونظام بديع، وتتوالى الحوادث والتواريخ بأسلوب سهل ممتع، بحيث ينطلق ورائها القارئ فى غير ملل ولا سأم، ثم تجىء بعد ذلك أنواع العهود والعقود والمخاطبات، فيلمس القارئ ما بين العصور من تفاوت فى الإنشاء والبيان، من أسلوب جميل إلى سجع متكلف، هذا إلى جانب ما ساقه المؤلف من طرائف وأوائل وتنبيهات تمتع القارئ وتزيد معلوماته ومعارفه.

مبدع هذا الكتاب هو القلقشندى، أحمد بن عبد الله، ولد سنة 756 هجرية واشتغل بالفقه وغيره، وبرع فى العربية نظماً و نثراً، وكتب فى الإنشاء، توفى يوم السبت 10 جمادى الآخرة سنة 821 هجرية، وله خمس وستون سنة، له العديد من المؤلفات أشهرها "صبح الأعشى فى صناعة الإنشا"، موسوعه ضافية تعكس خبرته فى العمل بديوان الإنشاء فى العصر المملوكى.

والكتاب الذى نحن بصدده كتبه إلى الخليفة العباسى المعتضد بالله أبو الفتح داوود بن المتوكل على الله، و هو أحد خلفاء بنى العباس فى مصر، قراءة هذا الكتاب فى عصره تكرس شرعية الخلافة العباسية، لكن إعادة قراءة الكتاب بروح عصرنا تبين إلى أى مدى صارت الخلافة نفوذاً روحياً ليس إلا، فليس للخليفة من السلطة سوى الخطبة على منبر مسجد قلعة صلاح الدين فى القاهرة، وإصدار التقاليد للحكام، وحضور بعض المجالس، كان خلفاء هذا العصر ليس لهم سوى إضفاء طابع من الشرعية على سلاطين المماليك، صورة تكمل بها واجهة الحكم لإرضاء العامة، القلقشندى أدرك ذلك حين حديثه عن إمارة الاستيلاء حين يقول "إمارة الاستيلاء، وهى التى تنعقد على اضطرار بأن يستولى الأمير بالقوة على بلاد يقلده الخليفة إمارتها، ويفوض إليه تدابيرها، فيكون باستيلائه مستبداً بالتدابير والسياسة، والخليفة بإذنه فى الأمور منفذاً لأحكام الدين، ليخرج من الفساد إلى الصحة".
بسقوط الخلافة العباسية فى بغداد 656 هجرية، سقطت الدولة العباسية الثانية التى سيطر فيها الوزراء على الحكم وصار الخلفاء ألعوبة بيدهم، ولولا شرعية السلطة لأنهى هؤلاء الوزراء هذه الخلافة، لكن مع صعود المماليك لحكم مصر، سعى الظاهر بيبرس لإحياء الخلافة العباسية فى مصر، لكنها كانت خلافة شكلية، لا يملك الخليفة من الأمور سوى ما يضفى على السلطة طابعاً دينياً يكمل الصورة ويرضى عامة الناس، كان هناك وجهة نظر أولى لدى الظاهر بيبرس هى أن يكون إحياء الخليفة بأن يساعد الخليفة على استعادة بغداد، وهو ما دفعه إلى أن يجهز الخليفة بجيش لإعادة فتح بغداد غير أن هذه المحاولة فشلت، وأعيدت مبايعة خليفة آخر، هو أبو الربيع سليمان بن الحاكم بأمر الله أحمد المقدم، وهذا اللقب منقول إليه عن المستكفى بالله الخليفة 23 من خلفاء بنى الباس بالعراق، كان الخليفة العباسى يخطب الجمعة فى المسجد الجامع بالقلعة مقر الحكم فى مصر، لكن مع تولى السلطان الناصر محمد بن قلاوون للمرة الثانية نفى الخليفة إلى قوص بصعيد مصر، حتى أنه خلع ليس من قبل السلطان بل من قبل أتابك العسكر كما حدث مع الخليفة المتوكل على الله أبو عبد الله محمد، حيث خلع فى سنة 763 هجرية، فى عهد السلطان المملوكى المنصور على، وقام أتابك العسكر أيبك باختيار المستعصم بالله إبراهيم بن المستكفى ليكون خليفة دون حضور أهل الحل والعقد، وبعد ثلاثة أشهر خلعه السلطان الظاهر برقوق وسجنه فى برج القلعة.

هكذا كان خلفاء بنى العباس فى مصر، كانوا ألعوبة فى يد السلاطين وأمراء المماليك، لذا فإن القول بأن آخر خلفاء بنى العباس فى مصر تنازل عن الخلافة للسلطان سليم الأول بعد احتلاله مصر، فأى خلافه تلك التى تم التنازل عنها، فخلافا للعهود التى كان يصدرها بتولى ملك مصر وخطبة الجمعه لم يكن له من الأمر شىء، خاصة أن سلاطين العثمانيين لم يكونوا يلقبون بالخلفاء أو يذكر هذا الأمر إلا مع ضعف السلطة.


موضوعات متعلقة..


"قاب قوسين" لـ"عبد الكريم الجيلانى" .. فى مدح النبى وفضل السعى على دربه








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة