مكتبة الإسكندرية تعيد الحياة للخط المحقق بعد اندثاره 500 عام

الثلاثاء، 09 يونيو 2015 02:40 ص
مكتبة الإسكندرية تعيد الحياة للخط المحقق بعد اندثاره 500 عام مكتبة الإسكندرية
الإسكندرية - جاكلين منير

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نظم مركز دراسات الكتابات والخطوط بمكتبة الإسكندرية محاضرة بعنوان "الخط المحقّق عبر العصور"، حاضر فيها الدكتور نصار منصور؛ أستاذ فن الخط العربى فى معهد الفنون والعمارة الإسلامية بجامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، والمحاضر غير المتفرغ بكلية الأمير تشارلز للفنون التقليدية (PSTA)، بالمملكة المتحدة.

حيث تناول نصار فى حديثه دلالة الخط المحقق، اللغوية والاصطلاحية، وأشار إلى أن (المحقق) لغة، وصف يدل على الرصانة والضبط والإحكام وشدة الإتقان، من هنا استخدم أهل الخط مصطلح (المحقق) للتعبير عن الكتابة المحكمة والرصينة والمتقنة.

وتحدث عن الخصائص الفنية التى توفرت فى المحقق حتى جعلته المقدم على غيره من الخطوط ليحظى بهذه المكانة الفريدة الفنية والتاريخية والآثارية.

وتطرق نصار إلى المراحل التاريخية التى مر بها المحقق كمصطلح فنى يدل على الكتابة المتقنة، وهى مرحلتين؛ إحداهما مرحلة الكتابة الموزونة، وهى المرحلة التى تحدد فيها جسامات الحروف بالنسبة لعرض القلم، وفى هذه المرحلة كانت الكتابة إما محققة أو مطلقة كما ذكر ابن خلف فى كتابه مواد البيان، بمعنى أن الكتابة فى هذه المرحلة إما مجودة متقنة، وهى التى كانت تستخدم لنسخ المصاحف والكتابات البالغة الأهمية، أو مطلقة وهى التى كانت تستخدم للأغراض اليومية السريعة وغير المتقنة.

وقال نصار، إن المرحلة الثانية كانت مرحلة الكتابة المنسوبة، وإنه من الصعب تحديد بداية هذه المرحلة زمنيًا، لكننا نجد أن أول إشارة للمحقق كخط مستقل فى المصادر المبكرة جاءت عند الصولى (ت335هـ) فى كتابه المرجعى أدب الكتاب.

وعرض الدكتور نصار لصفات المحقق وهي: الوضوح، والبيان، وجمال الشكل، وعظم الحجم، إضافة إلى حضور التوازن والانسجام بين حروفه، وكلماته، وسطوره.

وأشار نصار، إلى أن الإقبال الكبير على كتابة المحقق من قبل الخطاطين والكتاب على مختلف مستوياتهم ومهاراتهم، جعل منه أكثر الخطوط نضوجًا وانتشارًا.

واقتبس الدكتور نصار ما قاله الدكتور مارتن لنجز عن الخط المحقق فى كتابه روائع فن الخط والتذهيب القرآنى، الذى قامت جمعية المكنز الإسلامى بإخراجه، يقول لنجز: "إن بعض اللوحات القرآنية تبرز لنا جانبًا من الوحى لا يملك القدرة على إبرازه إلا الخط المحقق، فإننا نستشعر فيه قوة غامرة، مثل موجة مدية عارمة، أو نهر فى حالة فيضان.. ويضيف، وكان للمحقق ميزة أن يكون مع الريحان هو الخط المفضل لعدد كبير من المصاحف بالشرق الأدنى والأوسط.

وتصل خصائص الثلث التى لا يمكن إنكارها إلى أوجها على جدران المساجد، ولكن حركته الشديدة البطء حالت دون اختياره كأداة لحمل الوحى من البدء إلى حد الختام".

ثم عرج نصار إلى مصطلح "المدرسية" فى الخط المحقق، وأنه بازدهار الخط العربى كفن مستقل، له أصوله وموازينه وأساتذته المرموقين الذين اتفق المجتمع الإسلامى والمؤرخون على أستاذيتهم، ظهرت لدينا أساليب متنوعة ومدارس متعددة فى فن الخط.

ثم عرض صورًا مختلفة لاستخدامات الخط المحقق على العمائر المختلفة، وأشار إلى أنه بحسب المفهوم اللغوى للمحقق يمكننا اعتبار الكتابات التى نفذت فى مسجد قبة الصخرة المشرفة محققة فى الشكل جليلة فى الحجم، وهو يعد الشكل القديم للمحقق فى مرحلة الكتابات الموزونة، أما المحقق بشكله المنسوب فإن النماذج الخطية المحققة على العمائر ليست كثيرة، فقد كانت السيطرة على العمائر للكتابات الكوفية التى تطورت من أشكال بسيطة إلى تصاميم غاية فى التعقيد، واستمرت سيطرة الكوفى بمختلف أنماطه الزخرفية على العمائر حتى القرن السادس الهجرى/الثانى عشر الميلادى، حيث بدأ بالتخلى عن مكانه لخط الثلث الجلى الذى كان البديل الأنسب على العمائر.

وتابع الدكتور نصار، أنه بالرغم من غياب المحقق عن الساحة الفنية والدراسية لحوالى خمسة قرون، إلا أنه كان يظهر أحيانًا هنا وهناك فى أعمال فنية محدودة سواء بالحبر أو على العمائر، لكن بشكل تطغى عليه شخصية الثلث، ومن هذه الآثار التى يمكننا أن نرى فيها المحقق: بسملة الحلية الشريفة التى ظلت تكتب بالمحقق كتقليد حافظ الخطاطون العثمانيون عليه وإن كانت تكتب بشكل يميل أكثر نحو الثلث.

وكتابة الأشرطة الكتابية بخطوط هاشم البغدادى على جامع الحيدر خانة فى بغداد سنة 1970م.

ومسابقة فن الخط الدولية التى ينظمها مركز الأبحاث منذ العام 1986م، التى اعتمدت المحقق واحدًا من الخطوط التى يتنافس على كتابتها المشاركون.

وفى نهاية حديثه شدد الدكتور نصار منصور، على أهمية هذا الخط فنيًا، وأن مصر صاحبة ريادة فنية وأكاديمية كبيرة فيه، شاكرًا للدكتور إسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية الدعوة الكريمة من هذا الصرح العلمى والحضارى وهى تأتى فى صلب هذه الجهود التى نعمل فيها جميعًا على تكريم الخط المحقق وإحيائه من جديد.

أدار المحاضرة الأستاذ الدكتور عصام السعيد؛ مدير مركز الخطوط، وحضر فيها مجموعة من أبرز أعضاء جمعية المكنز الإسلامى، الذين حضروا خصيصًا من القاهرة للاستماع ومناقشة الدكتور نصار، إلى جانب لفيف من أساتذة الآثار الإسلامية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، ومجموعة من مدرسى وطلاب مدرسة محمد إبراهيم للخط العربى، ومجموعة من المهتمين بالفنون الإسلامية والخط العربى.

وشدد الحضور جميعًا على ضرورة عقد مجموعة من الجلسات الحوارية الأكثر تخصصًا لمناقشة أهمية الخط المحقق فنيًا وتاريخيًا وآثاريًا، وتوجيه طلاب الدراسات العليا بكليات الفنون الجميلة والآداب إلى جماليات الخط المحقق والتعمق فى فلسفته والتدريب على كتابته.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة