محمد فودة

محمد فودة يكتب.. السيسى.. عام من الحكم.. عام من «النحت فى الصخر»!

السبت، 06 يونيو 2015 03:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
حينما يتعلق الأمر بالحديث عن مناسبة «مرور عام» على تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم فى مصر، فإننا نكون أمام مسألة شائكة وفى غاية الأهمية، لأن الخوض فيها بمثابة مخاطرة شديدة الحساسية، ليس لكونها منطقة محظورة أو ممنوع الاقتراب منها، وإنما من فرط تشابكها وتعقيداتها التى تبدو فى كثير من الأحيان أنها وصلت إلى طريق اللاعودة وسط هذه الرغبة الجارفة من الشعب «المتعجل» الذى لا هم له سوى النتائج بغض النطر عن صعوبة ما يواجهه الرئيس من تحديات صعبة للغاية.

مما يتطلب منا فى حالة الحديث عن الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن نتوقف طويلاً أمام الظروف والملابسات التى دفعت به إلى أن يكون فى صدارة المشهد، فنحن أمام شخص وجد نفسه أمام اختيار صعب، ويتطلب قرارا أصعب حينما خرج الشعب بالملايين فى الشوارع والميادين ليعبر عن رفضه التام لحكم تلك الجماعة الإرهابية، فكان لزاماً عليه أن يختار إما الانحياز إلى الشعب أو التخلى عن واجبه الوطنى الذى تفرضه عليه تربيته العسكرية فى مدرسة الانضباط والوطنية، فما كان منه إلا أن وضع روحه على كفيه وانحاز انحيازاً كاملاً لأبناء الشعب، مسانداً ومؤيداً لتلك الثورة الشعبية، فاستحق أن يحظى بحب واحترام الجميع.

وظل هذا الالتفاف الشعبى حول الرئيس يتزايد يوماً بعد الآخر وهم يرونه على هذا النحو من الحركة الدءوبة شرقا وغرباً من أجل إعادة الاعتبار لمصر، واستعادة مكانتها المحورية فى المنطقة، وقد تجلى هذا التألق فى أروع صوره من خلال المؤتمر العالمى لدعم اقتصاد مصر الذى أقيم فى شرم الشيخ، فكانت خطوات الرئيس فى هذا الاتجاه وكأنه يعزف سيمفونية من العمل الوطنى الجاد الذى امتزجت فيه الإرادة الشعبية مع طموح رئيس الدولة والرغبة الصادقة من جانب العديد من الدول، للمشاركة فى هذا التحول الاقتصادى الذى تشهده مصر وفق منظومة جديدة من القوانين الجاذبة للاستثمارات العالمية.
وهو ما يجعلنى أجزم بأننا أمام مرحلة فارقة فى عمر الوطن وفترة  مليئة بالصعوبات جعلت الرئيس يبدو وكأنه ينحت فى الصخر، من أجل تحقيق حلمه وحلم كل مصرى فى بناء دولة قوية قائمة قادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية.

الأمر الذى يجعل الحديث عن مرور عام من حكم الرئيس السيسى مسألة مجهدة ومرهقة جداً، لأن الرجل وإن كان قد جلس على كرسى الحكم بإرادة شعبية جارفة، إلا أن أداء مؤسسات الدولة المعاونة له لم تكن على نفس مستوى الحالة المتوهجة من المشاعر الوطنية التى أحاطته والتى أحبها فيه الشعب، فالشعب الذى أتى به إلى سدة الحكم قد علق عليه آمالاً كبيرة بأن نصحو من النوم لنجد أنفسنا فى حال غير الحال وأن نودع حالة الفقر بلا رجعة، خاصة بعد أن وصل مستوى الاقتصاد المصرى إلى أدنى درجات التدنى والانحدار.

وحينما نتوقف أمام ما تحقق من إنجازات فى عهد الرئيس السيسى لابد أن نقف احتراماً لمشروعات مثل قناة السويس الجديدة التى ستكون بالفعل هدية مصر «أم الدنيا» للعالم أجمع، وغيرها من المشروعات التى وإن كانت لم تكتمل ملامحها، إلا أنها ستكون بمثابة مرحلة فارقة فى النهوض بالمجتمع المصرى بالكامل، ويجىء معها فى نفس السياق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروعات تطوير خطوط مترو الأنفاق ومشروع زراعة المليون فدان، وإنشاء شبكة الطرق الجديدة وغيرها من المشروعات التنموية، ولم يتوقف الأمر عند حد هذه المشروعات وحسب، بل هناك إنجازات أخرى على صعيد التشريعات التى من شأنها تصحيح المسار فى مجال جذب الاستثمار إلى مصر، وهو ما حدث قبيل عقد المؤتمر الاقتصادى لدعم اقتصاد مصر بشرم الشيخ خلال مارس الماضى.

ولكن الأمر يختلف تماماً حينما ننظر إلى فترة حكم الرئيس من منظور موضوعى، بعيداً عن الانجراف فى بئر «المجاملة» الذى يقع فيه البعض حينما يتناولون موضوعات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرئيس، فهناك بالفعل الكثير من علامات الاستفهام حول موضوعات ما تزال محل جدل ونقاش واسع النطاق، ومنها على سبيل المثال الانتخابات البرلمانية وهى التى تمثل الاستحقاق الثالث فى خارطة المستقبل التى أقرتها القوى السياسية أثناء ثورة 30 يونيه، علماً بأننا كنا فى غنى عن كل هذا اللغط الذى أحاط بموضوع الانتخابات، ليس بسبب هجوم الداخل فقط، بل كنا فى غنى عن هذا التدخل السافر فى شأننا المحلى من جانب تلك الدول التى تعترض على تأجيل الانتخابات، وعدم وجود برلمان يتولى شؤون التشريع فى مصر حتى الآن.

ولأن مصر ليست العاصمة القاهرة فقط، وإنما هى المحافظات الأخرى المنتشرة على أرض مصر من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، فكان لزاماً على الرئيس أن يولى وجهه شطر الأقاليم، وأن يعطى للمواطنين فى المحافظات اهتماماً يوازى ما يحظى به أهل العاصمة والمدن الكبرى حيث لم تعد المحافظات تقنع بمعسول الكلمات، فقد أصبح المواطن فى مراكز ومدن وقرى مصر يريد إنجازاً يراه بعينيه ويلمسه بيديه، بل ويقوم بنفسه بالتحقق من جدواه ومدى النفع الذى يعود منه من أجل حاضره ومستقبله. ومن هذا المنطلق ففى عام من عمر مصر شهدت بعض المحافظات طفرة حقيقية، بل عادت تلك الأقاليم تذوق طعم التنمية الذى حرمت منه لسنوات طويلة زادت خلالها معاناة البسطاء من أهل الأرياف والمدن، فهناك الكثير من القرى تفتقد إلى أبسط الاحتياجات الإنسانية مثل الخدمات الصحية ومياه الشرب النقية والخدمات الطبية البسيطة، مما جعل المواطن فى تلك الأقاليم لا يعطى ثقته لمسؤول وكأنها «شيكا على بياض»، وإنما أصبحت تلك الثقة تأتى بعد أن يختبر قدرة هذا المسؤول أو ذاك، والتأكد من مدى صلابته وقيمه وإخلاصه، وصدقه فيما يقول، وشفافيته فيما يتخذ من قرارات.

والحديث عن عام من حكم الرئيس ما يزال موصولاً، لذا فإننى أرى أنه على الرغم من كل تلك التحديات التى واجهها الرئيس داخليا إلا أننا نراه، وقد نجح فى خياراته الخارجية التى اقتحمها بمحض إرادته فجاءت النتائج إيجابية، وعلى نحو يدعو إلى الدهشة، حيث إن نجاحات الرئيس فى تحركه على المستوى الخارجى تفوق كثيرا تلك النجاحات التى حققها فى الشأن الداخلى، فها هو يقتحم العالم الخارجى شرقا وغربا وفى كل جولة يقوم بها يضع قدميه على مساحات جديدة من الثقة الدولية التى كنا قد خسرناها فى السنوات القليلة الماضية، وبالطبع فإن تلك الدهشة تختفى، وتزول تماماً من المشهد، حينما نعرف أن تحديات الداخل كانت وما تزال أكثر بكثير مما كانت القيادة السياسية تتصور، وعلى الرغم من ذلك فإنها تعاملت مع الأمر على أنه مجرد زوبعة فى فنجان سرعان ما تهدأ، وهو ما أتى بنتائج عكسية على أرض الواقع، حيث فوجئنا بمعوقات أشبه بالصخور الصلبة التى تكسرت فوقها الطموحات والآمال والأحلام ولكنها بقوة الإرادة والعزيمة تتكسر تلك المعوقات، وتتحول إلى نجاحات يشهد لها القاصى والدانى.

خلاصة القول.. فإن الرئيس السيسى وبعد عام من حكم مصر ما يزال أمامه الكثير والكثير من الإنجازات التى من شأنها تثبيت دعائم الدولة القوية التى تتحرك شرقاً وغرباً، من أجل إرساء قواعدها على أساس من الحرية والعدالة الاجتماعية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة