ورغم التوترات السياسية الأخيرة التى شهدت إعلان رئيس البرلمان الألمانى «البوندستاج»، نوربرت لامرت، الشهر الماضى، إلغاء ما سماه اللقاء المقرر له مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال زيارته لبرلين هذا الأسبوع، احتجاجا على أحكام الإعدام الصادرة بحق قيادات جماعة الإخوان المسلمين المتورطين فى العنف والتآمر مع جهات خارجية ضد مصر، وبعدما أكدت الخارجية المصرية أنها لم تطلب هذا اللقاء، فإن الحكومة الألمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل مضت فى دعوتها التى وجهتها للرئيس السيسى 3 مرات منذ مارس الماضى.
فبين 14 مارس و15 إبريل، بعثت المستشارة الألمانية 3 تحيات للرئيس السيسى، وأعربت فى الثلاث عن تطلعها للقائه فى برلين، وجاءت الدعوة الأولى الرسمية خلال المؤتمر الاقتصادى فى شرم الشيخ عندما نقل زيجمار جابريل، وزير الاقتصاد والطاقة الألمانى، تحيات ميركل ودعوتها للرئيس بزيارة برلين، وبحلول نهاية مارس حمل فولكر كاودر، زعيم الأغلبية فى البرلمان الألمانى، خلال زيارته للقاهرة، نفس الرسالة، ثم فى 15 إبريل حمل جوزيف كيسر، الرئيس التنفيذى ورئيس مجلس إدارة شركة سيمنز الألمانية، رسالة مشابهة، خلال لقائه بالرئيس، وهذه الدعوات سبقتها دعوة شفهية فى سبتمبر 2014، خلال المنتدى الاقتصادى العالمى الذى عقد فى دافوس، سبتمبر الماضى.
موقف المانيا
ورغم التردد الذى بدأ فى موقف ألمانيا من ثورة 30 يونيو فإن تمسك المستشارة الألمانية بدعوتها للسيسى، والذى يعد تحديا لرئيس البرلمان وللدعاية المضادة التى يشنها تنظيم الإخوان المسلمين بدعم من تركيا، فضلا عن الزيارات عالية المستوى التى قام بها دبلوماسيون كبار ووزراء ومستثمرون لمصر خلال الأشهر القليلة الماضية، يعكس كما يقول محللون الرؤية الواقعية التى اعتادت عليها ميركل فى تعاملها مع الدول الكبرى.
وأعلنت «ميركل» صراحة، فى بيان صادر عن الخارجية الألمانية، الجمعة الماضية، أن برلين تتمسك بالبقاء على قنوات الحوار مفتوحة مع مصر التى تمثل فاعلا رئيسيا فى الشرق الأوسط، مؤكدة «أنه يوجد ما يكفى من بؤر الأزمات فى المنطقة»، وهو نفس ما ذهب إليه وزير الخارجية الألمانى، فرانك فالتر شتاينماير، مطلع مايو الماضى، خلال زيارته الأولى للقاهرة، بأن الأزمة فى الشرق الأوسط يمكن حلها من خلال مصر التى تلعب دورا حاسما فى المنطقة.
تحديات امام السيسى
فيما تظل هناك تحديات ملحة أمام الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته لبرلين، على رأسها مواجهة ما أعلنته الحكومة الألمانية من اعتزامها إثارة قضايا حقوق الإنسان خلال الزيارة، وبحسب تقارير صحفية فإن حزب الخضر الألمانى، المعارض، دعا ميركل لإلغاء لقائها مع الرئيس السيسى، بزعم ما سماه قمع المعارضة فى مصر، وقد أعقب ذلك دعوة بعض ممثلى اليسار المعارض فى لجنة حقوق الإنسان فى البوندستاج، أن تكون قضية انتهاكات حقوق الإنسان داخل السجون المصرية ضمن القضايا المهمة التى تتناولها المستشارة الألمانية ميركل فى حديثها مع الرئيس السيسى. يأتى هذا فضلا عن الحاجة لمزيد من التوضيح حول أسباب الأحكام التى صدرت ضد قيادات جماعة الإخوان، رغم تأكيدات الرئيس دائما على استقلال القضاء.
ملف ثالث يحتاج مزيدًا من التوضيح من رئيس مصر للقيادة السياسية والرأى العام فى ألمانيا، هو ملف غياب البرلمان المصرى، وهو ما أثاره أيضا رئيس البرلمان الألمانى.