«كيف تصنع عملًا دراميًا مشوقا؟».. أعتقد أن هذا هو السؤال الذى يشغل بال الكاتب عمرو سمير عاطف دائمًا، فهو من أوائل كتاب السيناريو الذين برعوا فى صياغة هذه النوعية من الأعمال، بعد عدد من الأعمال الدرامية الناجحة.. يخطو عمرو مع النجم طارق لطفى والمنتج ريمون مقار والمخرج أحمد خالد موسى، خطوة جديدة ومميزة، فالعمل التشويقى ليس بالضرورة أن يكون بوليسيا، أو عملا يقدم بخلطة تجارية جاذبة.. العكس تمامًا هو ما حدث فى مسلسل «بعد البداية»، فالبطولة هنا هى لكواليس العمل الصحفى، وعلاقة الفساد بالسلطة، وتوجيه الإعلام واستغلاله لمصلحة جماعة بعينها.
يعرف عمرو الكثير من خبايا العمل الصحفى، وأيضًا يملك حسًا فى التقاط القضايا التى تحضر بقوة ثم تغيب أو يتم تغييبها، من منا يذكر قضية الصحفى الكبير رضا هلال المختفى منذ أكثر من 11 عاما، والتى تعد واحدة من القصص الدرامية المليئة بالصراعات والألغاز التى لم تفك حتى هذه اللحظة، رضا هلال كان واحدا من صحفيى وكتاب جريدة الأهرام، والذى كان معارضًا للتوريث فى أيام مبارك، نزل من الجريدة فى موعده اليومى متجها إلى منزله، ثم صعد إلى المنزل وطلب «أوردر» من أحد المطاعم، ووصل «الأوردر»، واختفى رضا هلال، وحتى هذه اللحظة لا يعرف أحد شيئا عنه.. أين اختفى؟.. من هو الجهاز الأمنى المسؤول عن ذلك؟.. اختفى رضا ولم تظهر جثته. هل تم الاتفاق على موت رضا معنويًا حيث يعيش بيننا حاليا باسم آخر مثلا.. هل قتل؟.. هل تمت إذابة جسده؟ لا أحد يعرف، أعتقد أن ذكاء عمرو سمير عاطف - وهذا ظنى - جعله يقدم معالجة تحمل تشويقا وغموضا يحاكى قصة الزميل رضا هلال، فعمر نصر بطل العمل، صحفى مشاغب وجرىء، يجرى وراء القضايا الشائكة، ويكشف الفساد ولا يسكت، يستيقظ فى صباح يوم على خبر وفاته منشورًا بكل الصحف بعد اتهامه بالجاسوسية والعمالة، تماما مثلما تم اتهام رضا هلال. ويشاهد عمر جنازته ومراسم دفنه بعينيه، ويكون عليه كشف المؤامرة وأبعادها، والأجهزة الأمنية التى حاكت خيوطها.
مسلسل «بعد البداية» من أكثر الأعمال اللافتة للانتباه فى دراما رمضان بدءاً من السيناريو المحبوك دراميا، حيث لا توجد لحظة ملل وصولا إلى الإيقاع السريع، ومخرج يملك قدرة على صنع حالة بصرية تتناسب مع هذه النوعية من الأعمال، كما أن المسلسل ملىء بالتفاصيل الكثيرة والتى يتم زرعها منذ الحلقات الأولى، فى محاولة لفك لغز العمل.
«بعد البداية» عمل درامى مهم ومن الأعمال التى تتصدر السباق الرمضانى ليس فقط لتميز عناصره الفنية ولكن لجرأة موضوعه وكشفه الجرىء لعلاقة الأجهزة الأمنية بالإعلام، ونجح طارق لطفى فى أن يؤكد على موهبته ونجوميته وأنه فنان يستحق تحمل بطولة عمل بمفرده، ومازال يملك الكثير ليقدم مع منتج واع مثل ريمون مقار ومحمد محمود عبدالعزيز، إضافة إلى تميز العديد من عناصره الفنية فى الموسيقى، التصوير، الديكور.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة