أتم الشاعر الكبير أحمد عبدالمعطى حجازى الثمانين من عمره قبل أسبوعين، وكنت أنتظر احتفالا يليق به، وبمسيرته العذبة مع الشعر والحياة، بالطبع احتفل أصدقاؤه بالمناسبة وكنت هناك، ولكن صاحب مدينة بلا قلب يستحق «فرحا» كبيرا، هو أحد رموز التجديد فى الشعر العربى الحديث، ومن عناوين مصر المبدعة، نجح مع صلاح عبدالصبور ونازك الملائكة وبدر شاكر السياب فى الانتقال بالشعر إلى من زمن إلى زمن، نجحوا فى التعبير عن العالم الجديد الذى تشكل بعد الحرب العالمية الأولى، كان شعر حجازى عنوانا للبراءة الريفية فى مواجهة المدينة، كان يعبر عن جيل ثورة يوليو الذى آمن بنبل أهدافها وانحيازها للفقراء، ولم آخذ انقلابه عليها مأخذ الجد، عينه البريئة طوال الوقت أنقذته من الفخاخ التى نصبتها الحسابات غير الشعرية، هو الغريب الذى أخذ غربته معه إلى باريس مطلع السبعينيات وقال:
أنا، والثورة العربية
نبحث عن عمل فى شوارع باريس
نبحث عن غرفة
نتسكع فى شمس إبريل
إن زمانا مضى
وزمانا يجىء!
قلت للثورة العربية
لابد أن ترجعى أنت
أما أنا
فأنا هالك
تحت هذا الرذاذ الدفىء!
أعرف الأستاذ حجازى منذ ثلاثين عاما، وأحبه كما أحب شعره، وأختلف معه فى كثير من آرائه حول الشعر و السياسة، ولكنى لم أشك فى صدقه، ولم أعتبره خصما لجيلى كما يعتقد بعض الشتامين من الشعراء الذين لا يعرف الناس عن شعرهم شيئا، أشعر بساعدة بالغة كلما التقيته، نتحدث فى الغناء أكثر من أى شىء آخر، هو سميع كبير، وصاحب صوت جميل مثل شعره، يشع بهجة أينما حل، وهو فى الثمانين بكامل لياقته الروحية، وبابتسامته كاملة، أتذكر:
يا من يعيدنا إلى بلادنا
بلادنا العميقة الخضرة
نبكى، ولو مرة
من قلبنا!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
اجمد عادل هاشم
سؤال