بعد نجاح روايته الأولى صار أمبيرتو إيكو أكثر سعادة بلقب «الروائى»، قبلها كان فيلسوفا وسيميائيا، و قال إنه تعلم أشياء كثيرة وهو يكتب «اسم الوردة»، منها أن «الإلهام» كلمة سيئة، ويعترف فى كتاب «مذكرات روائى شاب»، أن كل رواية من رواياته كانت حاصل فكرة تملكته، اسم الوردة مثلا عبّرت عن تعلّقه بصورة راهب تسمّم وهو يقرأ كتابا، صورة مرتبطة بذكرى تجربة عاشها وهو فى السادسة من عمره، وحكى عن أسباب كتابة أعماله الأخرى.
فى الأسبوع الماضى كتب إيكو مقالا فى «لوموند» الفرنسية نشرته الحياة الأربعاء، عن تراجع الصحافة النقدية فى عصر هيمنة الأخبار الفورية وضعف الاستقلال النقدى، أكد فيه أنه ملتزم بمقولة هيجل أن قراءة الصحف هى «صلاة الإنسان الحديث»، رغم أن الصحافة تميل إلى تكرار الأخبار البائتة منذ المساء، ويرى أنه فى الإمكان قصر الأخبار الرئيسية فى الصحيفة على عمود واحد، على نحو ما تفعل نيويورك تايمز، وأن الصحافة فى حاجة إلى إفساح المجال أمام الأفكار، والنقد الأدبى كاد أن يلفظ أنفاسه الأخيرة فى الصحف التى تنشغل بسباق حيازة الخبر الحصرى وترجح كفة المقابلة السريعة التى تنشر يوم صدور الكتاب، على كفة مطالعة الرواية وتقويم أسلوبها.
ومثل هذه المطالعة تقتضى أسبوعاً، والصحف التى تتريث فى تناول الكتاب الجديد تغامر بخسارة السبق، ولا يجوز للصحافة أن تتخلى عن بلورة الذائقة العامة ورسم وجهها، مطلوب منها إنجاز عدد أكبر من التحقيقات، وتسليط الضوء على التظاهرات المعادية للعولمة وتاريخ الحركات الأناركية، على سبيل المثل، وانتقالها إلى أشكال جديدة من النشاط السياسى. وفى الإمكان تسليط الضوء على ما يترتب على السيطرة على تدمر، ويرى أن هيمنة المجموعات الاقتصادية الكبيرة أضر بها و جعلها أمام خيارين: إما تثقيف القارئ وإما اللحاق بذائقته، وأن المشكلة هى الزيف، واعتماد نظرية المؤامرة، التى هى الجسر إلى رفع المسؤولية عن طرف ما، وهى تعفينا من المسؤولية، ويرى أن الصحافة النقدية قادرة على تصحيح الأوضاع.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة