كثرت الناس والشعوب.. لكن هناك شعوب متخلفة وشعوب متقدمة ومنوعة، أن هناك خللا حقيقيا فى المواهب والأخلاق الرفيعة، خلل يعلق كل هذه الصفات عن أداء وظائفها باقتدار وإجادة.
وبلاشك فإن الانهيار الحقيقى فى بناء الإنسان والإصلاح الجاد يستهدف إعادة هذا البناء ودعمه خلقيًا واقتصاديًا وسياسيًا.
لقد كانت العامة من الناس فى أمد قريب سليمة القلوب قويمة الإيمان، حتى جاءت النهضة الأخيرة منذ منتصف قرن فمالت بالناس إلى حيث لا يعرفون ولا يألفون، ولم تبال وهى تهدم القيم والمثل النبيلة والأوضاع القويمة أن تسلط معاولها على الخبيث والطيب، حيث تأخر العقل على ما وقر فى القلب من إيمان طيب.
إن الذين يتاجرون بأخلاق الناس ويضحكون عليهم بالحرام عليهم اتباع الدين والانقياد لتعاليمه يقتضى تفتحًا ذهنيًا يتجاوب مع آيات الله فى كونه، لما يقتضى عزيمة لفطام النفس عن الحرام والمظالم والآثام.
إن المال قيمة خطيرة فى هذه الحياة. والناس منذ وجودوا يحبون المال ويتطلعون إليه، ومهما اختلفت الأمكنة والأزمنة، فطبيعة الناس فى ذلك لا تتخلف، إلاّ أنهم يتفننون فى وسائل اكتسابه وطرق إنفاقه، فالإنسان يعتنى بالأموال ويتدخل فى أحوال الناس ومعيشتها، لذلك لابد أن يكون مالك حلال وكسبه عن طريق حلال، لا.. بالنصب والاحتيال والنهب والسرقة والضحك على الناس فى المعاملات القائمة بين الناس، ومن هنا فإن ديننا الحنيف ينظر إلى العمل وإلى القلب على أنه عبادة واجتهاد وجهاد حلال، فالإسلام جاء مشخصًا المال، هو لا يعتبر المال شرًا لا خير فيه، أو خيرًا لا شر فيه، فإن المال قد يكون طريقًا يؤدى بصاحبه إلى الجنة وذلك إذا اتبع الحلال وترك الحرام، وقد يكون طريقًا ينتهى بصاحبه إلى النار، وقد يحسب المال فى ميزان الحسنات، كما قد يحسب فى ميزان السيئات. فإن أصحاب المال الحلال هم خيرًا جزيلًا وفضلًا جميلًا ونعمة تقوم بها الحياة ويصان بها الدين ويؤمر الإنسان بالمحافظة عليه.
وبات لنا أن نذكر أصحاب المال الحرام، أصحاب الجشع والنفوس الضيقة ودسائس نفوسهم فيكون المال وبالًا عليهم وفتنة لهم فى دنياهم ودينهم، وإملاء لهم فى سبل الشر والضلال إذا اكتسبوا من غير حق وأخذه من غيرهم بغير حق (إن رجالًا يتخوضون فى مال الله بغير حق فلهم النار يوم القيامة).
هناك بشر من الناس يحاولون أن يخادعوا ربهم فهم يكتسبون المال من الحرام، ولا يسعهم إلا أن تمتلئ جيوبهم وبطونهم بالمال الحرام، وأن تزخر خزائنهم منه، ثم هم يحتالون بعدئذ لتسويغ عملهم بالانفاق فى بعض نواحى الخير، يحسبون ذلك يزكى أموالهم ويطهرهم وهم فى ذلك خاطئون ( من جمع مالًا حرامًا ثم تصدق به لم يكن له فيه أجر، ومن اكتسب مالًا من مآثم فوصل به رحمه أو تصدق به أو أنفقه فى سبيل الله جمع ذلك كله فقذف به فى جهنم، وذلك بأن الله لا يبارك فى نفقة من مال خبيث ولا يحتسبها لصاحبها عملًا حتى لو تجشم متاعب السفر البعيد لكى يؤدى فريضة الحج، أن ذلك كله لا ينفع مادام مصدر المال حرام.
فلنعلم جميعًا أن الله قسم الأخلاق والأرزاق على ما قضت حكمته فبسط وقبض كيف شاء من عباده وعلى عباده الصالحين، فياليتنا نرضى بما قسم الله لنا من خير فى الدنيا حتى يبارك لنا الله فى الأموال والعيش الكريم.
محـمد شـوارب يكتب: الحلال خير والحرام إثم وعصيان
الأحد، 14 يونيو 2015 04:23 م
ميزان - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة