سئل أمبرتو إيكو بعد كتابته رواية «مقبرة براغ» عن الكراهية التى بنى العمل عليها، أجاب: «يمكننى القول إن ثمة وفرة من الروايات المكرسة للحب وحان الوقت لشرح الكراهية التى هى شعور منتشر أكثر من الحب (وإلا ما كانت هناك حروب أو جرائم أو سلوك عنصرى)، الحب علاقة انتقائية (أنا أحبك وأنت تحبنى وبقية العالم مستثنى من هذا الشعور)، فى حين أن الكراهية عامة، اجتماعية: يمكن لجماعة من الناس أن تكره أخرى، لذلك يطلب الديكتاتوريون من أتباعهم الكراهية (لا الحب)، ليحفظوا شملهم، وحيث إنى قضيت طفولتى تحت ديكتاتورية فاشية، أتذكر أنى كنت أُلقَن دائما كراهية بلد آخر- الفرنسيين، الإنجليز، الأمريكيين- وأُشجّع على محبة موسولينى فقط، لحسن الحظ لم يُجدِ هذا النوع من التعليم، ولهذا كتبت مقبرة براغ».
إيكو الفيلسوف والروائى الإيطالى الكبير (مواليد 1932) هو صاحب رواية «اسم الوردة» التى ذاع صيتها فى الثقافة العربية، وخصوصا بعد احتفاء يوسف ادريس بها فى الأهرام نهاية الثمانينيات من القرن الماضى، كتبها وهو فى الخمسين من عمره وكانت الأولى له، وقتها كان يبحث عن الفرق بين الكاتب المبدع والكاتب غير المبدع (كالفيلسوف والعالم فى الطبيعة) وبين الكتابة الإبداعية والكتابة غير الإبداعية، واكتشف كما جاء فى كتابه الجميل «اعترافات روائى شاب» ترجمة سعيد بنكراد، أن الفيلسوف والعالم فى الطبيعة يكتبان نصوصا قابلة للتلخيص، وللصياغة بطرق أخرى مختلفة دون أن تفقد معناها، فى حين أن نصوص المبدعين لا يمكن إعادة صياغتها كليا، ولا يمكن شرحها بسهولة، النقاد الأوائل الذين قرأوا رواية «اسم الوردة» قالوا إنها كتبت تحت تأثير إلهام وإشراق، فى حين أنه عندما قرّر كتابتها كان قد رأى أنه سيكون مسليا أن يكتب رواية عن تسميم راهب وهو يقرأ كتابا غريبا، فتناول مادتها عن الرفّ حيث الملفات مكدّسة من سنين عدة، «لقد كانت المادة هناك فى متناولى» كما يقول، و«لم يكن علىّ فى مدى سنتين لكتابتها سوى انتقاء ما كنت فى حاجة إليه».
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة