أحمد الطاهرى يكتب:رسالة عبد الله كمال الأخيرة لـ"السيسى".."أمير روزاليوسف":الرئيس لم يكن جائعا للنفوذ أو مستجد سُلطة.. وقيادة دولة بحجم مصر تضع فوق كاهله عشرات الأعباء..وختامًا:"الإصلاح يا عبد الفتاح"

الأحد، 14 يونيو 2015 10:18 م
أحمد الطاهرى يكتب:رسالة عبد الله كمال الأخيرة لـ"السيسى".."أمير روزاليوسف":الرئيس لم يكن جائعا للنفوذ أو مستجد سُلطة.. وقيادة دولة بحجم مصر تضع فوق كاهله عشرات الأعباء..وختامًا:"الإصلاح يا عبد الفتاح" الكاتب الكبير عبد الله كمال وأحمد الطاهرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس كانت الذكرى الأولى للكاتب الكبير عبد الله كمال.. "أسطى" الصحافة.. أمير روزاليوسف وآخر عنقود مفكريها.. وكعادة هذه المناسبات تجددت المواجع داخل تلاميذه والذى يتشرف كاتب هذه السطور أنه أحدهم.

الكاتب الكبير عبد الله كمال وبين قراءة القرآن والتأمل فى مسيرة الرجل مضت تلك الليلة الحزينة.. ولكن من نعمة القدر على أهل الصحافة أن كتاباتهم تتحول إلى نصوص محفورة تخلدهم.. أوراق الصحف مع الزمن تسحب بريق البرديات.. والفكر والرؤية تبقى وإن رحل أهلها.

يونيو يحمل علامات قدرية قاسية على قلب عبد الله كمال


كان يونيو يحمل علامات قدرية قاسية على قلب عبد الله كمال، ففى يونيو 2011 تلقى ضربة معنوية قاسية بحذف أرشيفه من على موقع مجلة روزاليوسف التى عمل بها ربع قرن ومن على جريدة روزاليوسف التى أسسها، وسريعًا جاء يونيو 2013 ليتوقف قلبه الذى أنهكته المعارك بعضها سعى إليها وكثير منها سعت إليه.. ولم تمض أيام فى الشهر نفسه إلا وتمت القرصنة على موقعة الشخصى من قبل عناصر حركة حماس ليعلنون شماتتهم فى موته بكل خسة أما اللغز السخيف فكان محو أرشيفه من على موقع "دوت مصر" الذى أسسه ورحل قبل أن يشتد عوده وقيل إن هذا الإجراء جاء بسبب أخطاء تقنية.

وقبل أن يغيب الموت عبد الله كمال بأيام كان قلمه قد سطر مقالاً حمل قدرًا كبيرًا من العمق والرؤية المستقبلية.. كان المقال رسالة إلى الرئيس السيسى فور انتخابه.. الرئيس الذى كان عبد الله كمال يراهن على ظهوره من نخاع الدولة التى يؤمن بها.. كان يراهن ويعلنها للجميع بجرأة ملفتة ويقول الدولة المصرية باقية والرواية لم تختتم فصولها بعد ومقر حكم يوليو عائد إلى يوليو بأمر الشعب.
كتب عبد الله كمال المقال بعنوان "الإصلاح.. ياعبد الفتاح".. وهو المقال الذى سأترككم مع سطوره التى تثبت قدرة هذا الأستاذ الكبير على استشراف مستقبل لم يمهله القدر عمرًا ليعيشه ويقول لقد قلت هذا من قبل.

"الإصلاح.. يا عبد الفتاح"


الإصلاح.. يا عبد الفتاح عبد الله كمال يقولون إن الكُرسى يُغيّر، و"السُلطة" تُبدِّل أحوال الناس.. هذا صحيح تمامًا، لا جدال فيه، ولكن لا ضير منه.. إذ لو لم يتبدّل الشخص بسبب السُلطة، فإنّه لا يكون عمليًا قد حازها، ولا تكون قوّتها قد أصبحتْ فى يده.

لم يكُن عبد الفتاح السيسى جائعًا للنفوذ، أو "مستجد سُلطة"، لكى ننظر إليه بقلق وقد أصبح رئيسًا، لن تُسيطر عليه رغبات الهيمنة، أو ينجرف وراء نوازع سلبية للحُكم.

ذلك أنّه كان قائدًا عسكريًا له سِجِلّ، ووزير دفاع نادى عليه الناس لكى يقود ثورتهم، ويترشّح فى الانتخابات رئيسًا عليهم. إن "التبدٌّل الحميد" -الذى أقصده- نتيجة للجلوس على الكرسي، لا علاقة له بتصوّرات البُسطاء حول السُلطة، والأخلاق، والثبات عند الحال السابق على بلوغها.. وإنما أعنى أن السُلطة تُتيح لمن يحوزها أفقًا أوسع، وزوايا رؤية أشمل، ومعلوماتٍ أكثر دقة.. فما بالنا إذا كانت تلك هى سُلطة الرئيس فى جمهورية مصر العربية.

كان عبد الفتاح السيسى رجلا يعرف الكثير، منذ فترة طويلة، ففضلا عن أنّ الجيش فى مصر يتيح للقائد العسكرى أن يعرف أكثر كلّما ارتقى لأعلى.. فإنّه كان رئيسا للمُخابرات الحربية، ثُمَّ وزيرًا للدفاع، فى واحدة من أصعب فترات اهتزاز السُلطة.. سواء حين كانت فى (لحظة انهدام) إبَّان السنة التى حكمها محمد مرسي.. أو حين كانت فى لحظة (إعادة بناء) فى العام الذى حكمه الرئيس المؤقّت المستشار عدلى منصور.

لكن "المعرفة" ليست مجرّد ملف معلومات، ولا هى فقط تقرير يحوى عدّة نقاط، تنتهى بخاتمة من التوصيا "المعرفة" نَسق.. ومنظومة علاقات ومعلومات.. وبيئة مُحيطة.. تُنتج الرؤية.. وتُؤدى إلى القرار.. الذى يُمكن ببساطة إدراك أنه يختلف حين يُصدره وزير للدفاع، عن ذلك الذى يصدره رئيس الجمهورية.

الرئيس أمام حالة مُختلفة


الرئيس اليوم أمام حالة مُختلفة، فهو مسؤول عن شعب، ويُدير دولة، كانت لديه خُطة.. ولا بدَّ ستطرأ عليها تعديلات، وكان لديه منهج، وهو ينتوى المُضى به فى طريق التطوير.. لا بدَّ أنه سوف يخضع لبعض المرونة.. السُلطة توفّر معرفة أخرى، وقيادة دولة بحجم مصر تضع فوق كاهل صانع القرار، عشرات الأعباء.

فى المسافة بين الرؤية المُسبقة والواقع الجديد، يتحدّد من هو الرئيس الذى سيحكم مصر.. وفى المساحة بين الأحلام العريضة وضغوط البيئة وتوازُنات المجتمع، يضع الرئيس نفسه فى الحجم الذى يُريده.

ولا شكَّ أن حاصل الطرح بين المتغيّرات فى المعادلتين، هو الذى كان يُقرر حاضر مصر مع رؤسائها السابقين، وهو الذى سوف يُحدّد مستقبلها مع رئيسها الجديد.

أثقال الواقع المرير


وصل عبد الفتاح السيسى إلى قصر الحكم مملوءًا بالأحلام من داخله، ومعلقة فى رقبته الأمانى العامة التى تفوق التوقعات من قِبل كلّ المصريين.. وإذا كانت ميزته أنه صارح الناخبين بأحلامه، فإن عيب ذلك، هو أنه أطلق المُخيّلة فى ذهن 90 مليون مصرى.. كل منهم راح يحلُم ويتمنّى، وينتظر أن يقبض على الأمانى..غير أنه ليس معروفا، على وجه اليقين- لدى المواطنين- ماذا عليهم أن يفعلوا بعد التمنّى. من اللحظة الأولى، أصبح الرئيس مُثْقَلا: أثقال الأمانى العريضة، أثقال الواقع المرير، أثقال أحلامه الخاصة، أثقال الحقائق التى تكشف عنها عملية "تسليم وتسلُّم السُلطة".. وقد يكون خيارا مُتاحا فى زمن مضى أن يجلس الرئيس مُستريحًا على مقعده، مُوزّعًا الأثقال على جانبيه.. لكنَ هذا لم يعد مُمكنًا، كما أنّه ليس مُتّسقًا مع مواصفات الرئيس عبد الفتاح. إن الخيار الوحيد المقبول هو "توزيع الأثقال".. كلٌ يقوم بما عليه.

"توزيع الأثقال"


فى واقع الأمر، إن أخطر مشكلات مصر هو ذلك الخلل فى "توزيع الأثقال".. من يتحمّل ماذا؟ ومتى؟ وإلى متى؟ ومُعادلة "توزيع الأثقال" التى تُجسد العلاقة بين الدولة والمواطن، هى الأولى قبل غيرها أن يتمحور حولها "حُلْم" وأن تحاصرها " الأمانى".
وهذه المُعادلة، هى التى يجب أن تخضع لأكبر اهتمام من الرئيس والناخبين والمؤسسات.. إذ بناءً عليها، سوف يتحدّد ما إذا كنا جميعًا سوف نتشارك فى صناعة المستقبل.. أم سوف يتفرج كلٌ منّا على الآخر، ونعود للتحسر على الأمانى بعد سنوات.

الإصلاح جوهر المعادلة


جوهر هذه المعادلة هو «الإصلاح».. إصلاح العلاقات.. إصلاح التّوازُنات.. إصلاح المسؤوليات.. ومن ثَم إعادة تعريف الأدوار.. وتوصيف وظائف ومهام الأفراد والمؤسّسات. الإصلاح الذى يقضى على الخلل فى معادلة «توزيع الأثقال»، هو المسار الأول الذى يُمكن من خلاله تحقيق الأحلام، وتجسيد الأماني.. ووفقًا له، يقرّر الرئيس موقعه الذى يريده فى التاريخ. كتبتُ قبل أيام أن الرئيس الذى جاءت به «شرعية الاكتساح»، بعد «شرعية الاستدعاء» و«شرعية التفويض» صار عليه أن يسعى إلى «شرعية الإنجاز».. وبينما دخلت الساحة المصرية فى عملية «استعراض سياسى وفئوي» مفهومة ومتوقعة من الجميع أمام الرئيس الجديد.. استعراض يمثّل فى حقيقته أثقالا جديدة، تُعلّق فى عنق الرئيس ورقبة السُلطة..سيكون على الرئيس أن يستثمر «طاقته» و«دَفعة البداية» فى شق طريق الإصلاح.. وعبره سوف يتحقّق الإنجاز.

إلى هنا وانتهت رسالة عبدالله كمال التى نعيد التأمل فى سطورها وقراءة مابين هذة السطور وهو فى مرقده .. وننظر إلى حال بلدنا ورئيسها القوى المحمل بأثقال كثيرة والذى اتفق مع استاذى عبد الله كمال انه حان الوقت للنظر فى معالجة خلل توزيع الأثقال فى مصر.

رئيس تحرير جورنال مصر





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة