د. رمضان معروف يكتب: غياب العدالة الاجتماعية وفساد المحليات

الجمعة، 12 يونيو 2015 06:10 م
د. رمضان معروف يكتب: غياب العدالة الاجتماعية وفساد المحليات موظفين أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدثت الحكومة كثيرًا عن الفساد الذى استشرى فى المحليات ليس حاليًا فقط، ولكن منذ عصر المخلوع حتى وقتنا هذا حيث تعاقبت علينا حكومات كثيرة تتحدث بنفس الطريقة وفى النهاية يزيد فساد المحليات بطرق أخرى قانونية تارة والالتفاف حول القانون تارة أخرى ومخالفة القانون تارة ثالثة، ولو حللنا الأمر بمهنية وحرفية نجد أن الحكومة هى صانعة الفساد فى المحليات حيث كانت ومازالت مرتبات العاملين بالحكم المحلى دون استثناء من أقل المرتبات فى الدولة حيث لا تكفى الاحتياجات البسيطة لأى مواطن صالح يريد العيش بالحلال، ولا يتوافر فيها شروط تطبيق الحد الأدنى للأجر والذى يكفل حياة كريمة للمواطن ويجعل الموظف لديه القدرة والرغبة للعمل.

وهنا نفسر معنى حياة كريمة وهى التى تتحقق بتوافر ما يكفى لشراء الغذاء والدواء والكساء، ويكفى لدفع مصاريف الإيجار والكهرباء والمياه وفواتير المياه والكهرباء، ويغطى مصروفات التعليم وخلافه شريطة ثبات معدل التضخم بمعنى عدة نقصان القوة الشرائية للجنيه لهذا الموظف، والشىء الثانى الذى يجعل الموظف يذهب للعمل مبتسمًا ولديه القدرة على أداء العمل بشكل مريح هو أن يكون قضى يومه بشكل مريح واستمتع بقضاء وقت فراغه ولديه فائض يدخره للمستقبل، ولو بحثنا فى هذه الأمور لا نجدها تتحقق للموظف البسيط فى المحليات، فماذا يفعل هذا الموظف البسيط الذى أعطته الدولة صلاحيات منح تراخيص وصلاحيات توصيل مرافق وصلاحيات تحقق لأصحابها مكاسب ضخمة، سواء لبناء برج سكنى يتكلف الملايين ويدر دخلاً غير عادى لصاحبه، أو توصيل مرافق المياه والكهرباء لمناطق مخالفة قانونيًا أو توصيلها لمبانٍ على أراضٍ زراعية لتكسبها صفة القانونية، وفى مجال التموين حيث يمنح صلاحيات لفتح مستودعات الغاز والمخابز ومحطات الوقود (البنزينة)، فكيف تعطى كل هذه الصلاحيات وغيرها ومرتب الموظف لا يكفى حياته البسيطة وهى حد الكفاف، لذا زرعت الحكومة الفساد فى نفوس الموظفين من ناحية وجعلتهم فى حالة احتياج مستمرة، وزاد الأمر سوءًا عندما أضفت الصفة القانونية على الفساد وأصحابه من خلال خلق ثغرات ومخالفات بالقوانين المشبوهة والمستفزة وفى النهاية يتم تطبيق القانون ورقيًا فقط وفى لحظات معدودة، ليكتمل مسلسل الفساد من قبل اختيار القيادات الفاسدة والفاشلة والذين يختارون بالتبعية أعوانهم بالمحليات ليدعموا فسادهم، لذلك لو أرادت الحكومة علاج الفساد بالمحليات يجب تناسب المرتب الذى يتقاضاه الموظف مع حجم الصلاحيات الممنوحة له فليس من المعقول أن يعطى موظف البنك صلاحيات محدودة جداً ويتقاضى ألاف الجنيهات ويمنح موظف المحليات صلاحيات واسعة جداً ويتقاضى ملاليم لأن ذلك يعكس الخلل الاجتماعى بالمجتمع ويخالف الدستور الجديد الذى جاء لينادى بالعدالة الاجتماعية فى العديد من مواده دون أن تطبق مادة واحدة منها فى الواقع، ثم يأتى دور اختيار القيادات ذات الكفاءة والإخلاص من خلال مسابقة بها شفافية ووضوح ومصداقية ونختار من يحقق المصلحة العليا للوطن دون تمييز لأى شخص على الآخر، يليه اختيار رؤساء الوحدات المحلية بنفس الطريقة، ثم يأتى دور القانون الذى يجرم الفساد ويعاقب الفسدة وتغليظ العقوبة عليهم، ونظرًا لخطورة المحليات فى كونها تتعامل مباشرة مع المواطن بالتالى تستطيع أن ترفع معاناة المواطن وتستطيع زيادة همومه وتعكس سياسة الدولة تجاه مواطنيها لم تتعرض الحكومة للتعامل الحقيقى مع هذه المشكلة وتركتها تتفاقم يومًا بعد يوم، وهى حاليًا تعالج أعراض هذه المشكلة ولا تتعامل معها التعامل الحقيقى مع الأسباب وأول هذه الأسباب المرتب ثم اختيار الكفاءة ثم القانون هكذا يكون العلاج.

دون ذلك لن ينصلح حال المحليات وسيستمر مسلسل الفساد وحيث إن الفساد منتشر بجميع دول العالم بلا استثناء لذا يجب أن تكون لنا تجربة خاصة فى التعامل مع هذا الملف بشكل حضارى يحقق العدالة الاجتماعية فليس من المعقول أن يطالب الطيار بمرتب شهريًا على 120 ألف جنيه وموظف المحليات مرتبه الشهرى لا يتجاوز 1500 جنيه وكلاً من الموظفين يعيشون فى مصر تحت معدل تضخم واحد ومستوى أسعار واحد وبيئة واحدة ، وإذا كانت هناك صرخة للحكومة يجب أن تكون صرخة المحليات ، وإذا كان هناك اهتمام من الحكومة يجب أن تهتم بالمحليات وليس بالطيارين وموظفى الهيئات الخاصة الذين يتقاضون مرتبات خيالية، فالفجوة فى المرتبات هى أساس الفساد فى المحليات وغيرها، فقبل البحث عن فساد المحليات يجب أن يعيش موظفيها حياة كريمة ثم نحاسبهم بعد ذلك ، ويجب على الدولة أن تعترف بعدم تحقيق العدالة الاجتماعية حتى الأن ، حيث لم تقدم الحكومة ما يفيد بالحد الأقصى وهل وفر شىء من موازنة الدولة أم لا ، وأين ذهب هذا الوفر خاصة بعد الاستثناءات على الحد الأقصى بحكم القانون والتلاعب به من هنا يبدأ العلاج والإصلاح فهل تستطيع الحكومة ان تواجه نفسها وتعترف بخطأها الفادح فى حق موظف المحليات وحق المجتمع جميعاً أم ستفعل مثلما تفعل النعامة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة