لقد كان لعقد القمة الثلاثية بمقر القصر الجمهورى القبرصى، والتى جمعت الرئيس عبد الفتاح السيسى، وكلًا من نيكوس أنستاسيادس، رئيس جمهورية قبرص، واليكسيس تسيبراس، رئيس وزراء جمهورية اليونان، والتى تم من خلالها التوقيع "إعلان نيقوسيا"، أثرا كبيرا بتغير قواعد اللعبة وخلط الأوراق من جديد بمنطقة شرق المتوسط، وقد شكلت هذه القمة بتفاصيل عملها وإسقاطات نتائجها فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية، صفعة قوية للنظام التركى العابث بأمن هذه المنطقة، فقد بعثت هذه القمة من خلال "إعلان نيقوسيا" مجموعة رسائل وبعدة اتجاهات .
فهذه القمة التى جاءت بعد ظروف اقتصادية وأمنية صعبة نوعا ما عاشتها ومازالت الدولة المصرية بسبب الفوضى المصطنعة والممنهجة والتى تحاول بعض القوى المدعومة بأجندة خارجية فرضها على الداخل المصرى، بالإضافة إلى مجموعة ظروف أخرى تعيشها المنطقة، كالصراع فى ليبيا وسورية واليمن وتشاد، وو،الخ.
ومن هنا يمكن قراءة أن هذه القمة جاءت بهذه الفترة تحديدا لتحمل عدة رسائل مصرية داخلية وخارجية، فهذه القمة وفق إسقاطات نتائجها، حملت مجموعة رسائل مصرية وجهت بعدة اتجاهات، للحلفاء كما للأعداء، أولى هذه الرسائل هى موجهة إلى الداخل المصرى وخصوصا إلى الشعب المصرى وجزء منه بعض الجماعات المعارضة بالداخل المصرى، ومضمونها أن الدولة المصرية ما زالت تتمتع بقوة كبيرة، وهى بحالة تتطور مستمر، وإن مسار الضغوط الإقليمية، لن يثنى الدولة المصرية عن استمرار مسيرة البناء بالداخل المصرى، ولن تحد من قوة مصر الإقليمية.
ثانى هذه الرسائل، هى موجهة إلى بعض دول الإقليم وتحديدآ الى الأتراك ومن بصفهم ، ومضمونها أن مصر قادرة على الضغط عليهم وفى المكامن التى تؤذيهم، فتوسع مصر بشراكتها نحو دول البحر الأبيض المتوسط يعنى توسيع مساحة نفوذها الإقليمى، ما يعنى أن مصالح الأتراك بعموم هذه المناطق وخصوصا بمجالات الطاقة والنفوذ السياسى والأمنى ستتعرض لانتكاسة كبيرة ما يعنى أن الأتراك مقبلون على مرحلة صعبة، وهم بالنهاية مضطرون للعودة إلى مصر للتفاوض وتسوية الخلافات.
ثالث هذه الرسائل موجهة إلى كل دولة ونظام وهيئة دولية تحاول الضغط على الدولة المصرية، اقتصاديا وسياسيا وأمنيا، ومضمون هذه الرسالة أن الدولة المصرية بمقدورها أن تتكيف مع وضعها الحالى، وأنها قادرة وباستمرار بمسار بناء وتطوير قدرات الدولة المصرية بمختلف المجالات، رغم حجم الأزمات الاقتصادية والأمنية التى تعيشها مصر اليوم.
رابع هذه الرسائل، وهى موجهة إلى حلفاء الدولة المصرية، إقليميا ودوليا، ومضمون هذه الرسالة هو أن مصرما زالت تمتلك من أوراق القوة ولديها الكثير من الإمكانيات والمقومات التى ستوفر لها ولحلفائها بالإقليم تحديدا نوعا من التوازن العسكرى والأمنى والسياسى، وبذات الإطار هى تبعث رسائل طمأنة إلى كل أصدقاء مصر بأنها قادرة بالإمكانيات السياسية المتطورة لديها على تدعيم وتمتين قوة التحالف مع حلفائها الإقليميين والدوليين، للتخفيف من أثار وحجم الضغوط، الذى يحاول المحور الآخر فرضه على الدولة المصرية وحلفائها.
ختاما، أن هذه القمة وفق نتائجها الواسعة والشاملة، تؤكد أن مصر كانت طوال الفترة الماضية والى الآن قادرة على التكيف مع مسار الضغوط الاقتصادية والأمنية والسياسية المفروضة عليها إقليميا ودوليا، فهى أثبتت بهذه القمة بأنها مازالت قوة إقليمية كبرى، وأنها مازالت قادرة على الحفاظ على مصالح الشعب المصرى داخليا وتطوير وبناء تحالفات جديدة دون الارتهان لمسار الضغوط وبجهود وقدرات ذاتية، وأنها بذات الإطار قادرة وباستمرار على المحافظة على مكانتها الإقليمية والتصدى لكل من يحاول التعدى على هذه المكانة الإقليمية، وأخيرا فقد أثبتت للحلفاء وللأعداء أنها مازالت حاضرة وبقوة ولن ترضخ لأى ضغوط تحاول بعض الأطراف فرضها عليها، وأنها حاضرة وبكل خياراتها للتصدى لهذه الأطراف.
هشام الهيشبان
ما مضمون الرسائل المصرية الأربع التى حملها إعلان نيقوسيا؟
الجمعة، 08 مايو 2015 06:08 م