حــسـن زايـد يكتب: سيادة القيم السلبية آفـة المجـتـمـعات

الأربعاء، 06 مايو 2015 08:00 م
حــسـن زايـد يكتب: سيادة القيم السلبية آفـة المجـتـمـعات ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
المجتمعات كالأفراد سواء بسواء، فكما أن الفرد يولد طفلاً رضيعًا، ثم يحبو ويمشى، ثم يسعى صبيًا، ثم شابًا فتيًا، ثم رجلاً قويًا، ثم كهلاً وهن العظم منه، واشتعل الرأس شيبًا، كذلك المجتمعات، يعرض لها ما يعرض للأفراد، من فتوة وقوة، ووهن وضعف، وصحة ومرض، وحياة وموت. وكما تتوقف صحة الإنسان، وقوته، وفتوته على مدى ما يتمتع به جهازه المناعى من قوة، كذلك المجتمعات. وكلما كان الجهاز المناعى للفرد قويًا، كانت لديه القدرة، والقوة، على مقاومة الأمراض، ومقاومة الآفات التى تصيب الإنسان، وكذلك المجتمعات، وإذا انهار الجهاز المناعى للإنسان، انهارت معه كل مقاومة للميكروبات والآفات، وأصبح نهبًا لتناوش الأمراض على جسده، ومصيره إلى الهلاك لا محالة، وكذلك المجتمعات. والجهاز المناعى فى المجتمعات يتمثل فى منظومة القيم السائدة فى هذه المجتمعات، التى تمثل الأساس الذى تنطلق منه، وتستند إليه، وتستمد منه، قدرتها على مواصلة الحياة. وهى المرجع الذى يتم على أساسه تصحيح الانحرافات الناشئة عن الحركة، ومعالجة الاعوجاج الذى يصيب بعض الجوانب السلوكية لعناصرها.

وهى المرجعية المعرفية التى يُحتكم إليها عند الاختلاف. هذه المنظومة الحاكمة لأى مجتمع، تنطوى على جانب إيجابى، وآخر سلبى .أو بمعنى آخر: قيم إيجابية تستوجب إلتزام المجتمع بها التزامًا صارمًا دون تهاون. وأخرى سلبية تستلزم من المجتمع الامتناع عنها ومحاربتها، ودفعها خارج إطاره. وغلبة القيم الإيجابية فى المجتمع، تعكس قوته وفتوته وانطلاقه، وغلبة القيم السلبية، تعكس مدى ضعفه، ووهنه، وتهافته وتراجعه . وآفة المجتمعات، سيادة القيم السلبية فيها، على القيم الإيجابية، وتراجع المساحة أو الرقعة المجتمعية للقيم الإيجابية، وتآكلها، فى مواجهة حالة التصحر القيمى، التى تحدثها القيم السلبية . وبالملاحظة الدقيقة للمجتمع المصرى، يتبين أن القيم الإيجابية، تراجعت، وتآكلت فى مواجهة القيم السلبية، منذ منتصف سبعينيات القرن الماضى . وهى الفترة التى كان من المفترض فيها، لو تم مد الخط البيانى للمجتمع المصرى على استقامته، أن يشهد قمة التوهج القيمى الإيجابى، بعد الانتصار التاريخى للجيش المصرى، فى مواجهة مخلب قوى الشر فى العالم ـ إسرائيل ـ لأن فترات الانتصار هى من فترات المد فى حياة الشعوب والمجتمعات.

وإعلان سياسة الانفتاح الاقتصادى التى أعلنها الرئيس السادات على النحو الذى جرت عليه، لم تحدث انكسارًا فى المسار الاقتصادى فحسب، بل امتد هذا الانكسار إلى الأبعاد الاجتماعية، والمنظومات القيمية الحاكمة فى المجتمع . واتباع سياسة الصدمات التى انتهجها الرئيس السادات، لا تتفق مع طبيعة الشعب المصرى. وقد استمر مسلسل السقوط القيمى الإيجابى، ومسلسل صعود القيم السلبية، فيما بعد فترة حكم الرئيس السادات، وحتى نهاية فترة الرئيس الأسبق مبارك . وها نحن ـ بعد ثورتى يناير، ويونية ـ وجدنا أنفسنا كمجتمع، نقف أمام حالة مجتمعية أقرب إلى السقوط . مجتمع سلبى لا إرادة له، ولا فعل . مجتمع لا يتناهى أعضاؤه عن منكر فعلوه . بل نواجه ذلك بسلبية مستنكرة . المسالك والتصرفات السلبية لم تعد مستهجنة، ولا منكرة، ولا مقاومة. والسقوط الأخلاقى لدى أفراد المجتمع أصبح هو الصفة الغالبة التى تجرف الأخلاق فى طريقها إلى أعماق المستنقع الآسن . وفقد المجتمع ـ فرديًا وجماعيًاـ أجهزة المناعة القيمية التى تصحح انحرافات السلوك والتصرفات، وانحرافات التفكير والإدراك، وانحراف الخطط والسياسات. وحين يفقد مجتمع ما القيمة والبوصلة والاتجاه، فإنه يسلك مسلك الهلاك.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة