وفاة صاحب مقهى ريش التاريخى بوسط البلد تثير جدلًا بين رواد أشهر مقاهى المثقفين فى مصر.. وتفتح الباب لرواية حكايات القرب منه والطرد من جنته.. مخاوف من فقدان مطبعة أثرية أسفله طبعت منشورات ثورة 19

الإثنين، 04 مايو 2015 12:04 ص
وفاة صاحب مقهى ريش التاريخى بوسط البلد تثير جدلًا بين رواد أشهر مقاهى المثقفين فى مصر.. وتفتح الباب لرواية حكايات القرب منه والطرد من جنته.. مخاوف من فقدان مطبعة أثرية أسفله طبعت منشورات ثورة 19 مقهى ريش
سارة علام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ككل الوفيات التى مررنا بها مؤخرًا، يفتح خبر الوفاة باب الذكريات وباب السب والنميمة بل والنفاق أحيانًا، من الناس من يرى أن "اذكروا محاسن موتاكم" هى القاعدة، فيبالغ فى الذكر حتى يحول كل عيوب الميت حسنات، ومنهم من يكتفى بالصمت إذا مات من لا يعجبه أفعاله فى الحياة الدنيا، أما الثلث الباقى فيفضل أن يكتب عن الميت بتجرد وكأنه حى.

تاريخ يروى على مقاعد المثقفين فى وسط البلد


مجدى عبد الملاك، صاحب مقهى ريش التاريخى، الذى وافته المنية السبت، كان ضمن الذين استيقظت سيرتهم بالموت، حكايته وطرائفه وقصص مقهى كان يعتبره بيته فيتحكم فى رواده، وتاريخ يروى على مقاعد المثقفين فى وسط البلد.

وللمقهى حكاية وثقها صاحبه حيث كان كازينو يضم "تياترو" صغير يمتد إلى ميدان طلعت حرب، غنت فيه أم كلثوم فى بداية حياتها الفنية، وقصة محاولة اغتيال رئيس الوزراء يوسف باشا وهبة الذى كلفه الإنجليز بالوزارة عام 1919، حيث اختار الشاب الوطنى عريان يوسف سعد مقهى ريش لتنفيذ عملية الاغتيال وألقى قنبلة يدوية من مكان جلوسه على المقهى باتجاه موكب يوسف وهبة لدى سيره بشارع سليمان باشا.

أنت رايح فين؟


على يمين الداخل إلى المقهى، يتخذ مجدى عبد الملاك مقعده، برأسه الأصلع وعينيه الواسعتين، يتطلع فى القادمين إليه ممن لا يعرفهم، ينظر إلى الزبون من رأسه إلى أسفله، ثم يعاجله بسؤال "أنت رايح فين؟"، من الناس من يرتبك فيجيب، ومنهم من يتوتر فيخرج، ومنهم من يرد السؤال الغريب بالسب.

سلوك مجدى تجاه مقهاه، يختلف من شخص إلى آخر، إذا كنت تدخل المقهى بصحبة كاتب كبير، أو زائر أجنبى، حيث يفضل مجدى أن يرى طاولات المقهى مكتظة بالمثقفين أو الأجانب ليحافظ على طابعه الأرستقراطى، أو يضم صورًا جديدة لكتاب مروا بالمكان كتلك التى يعلقها على الحوائط، فتلمح صورة لنجيب محفوظ تعلوها شارة سوداء فى الواجهة، محفوفة بصور لكتاب وفنانين أقل شهرة، جلسوا ذات يوم على طاولاته الأنيقة، وكان نجيب محفوظ يعقد ندوة فيه لأشهر الكتاب والمبدعين من جيل الخمسينيات والستينيات، حتى تم إغلاق المقهى فى المرة الأولى عقب خروج مظاهرة من المقهى تندد بمقتل الروائى الفلسطينى غسان كنفانى.

يفرض المقهى خصوصية على رواده ربما طبقية، فتجلس وأنت محاط بالستائر التى تغطى نوافذ تطل على الشارع القريب، وكأنك تقصد أن تنعزل أو تنظر إلى المارة الذين لم يحظون بشرف الجلوس فيه بنظرات الأغنياء للفقراء، خاصة أن بعض طاولاته تطل على مقهى زهرة البستان الذى تأسس نكاية فى المقهى الأرستقراطى وكتب صاحبه على بابه "ملتقى الأدباء والفنانين".

انتقاء رواد المقهى وإغلاقه بستائر ليست الملاحظة الوحيدة، ستلاحظ أيضًا أن كل العاملين فى المقهى من ذوى البشرة السمراء، يرتدون جلابيب خضراء أو ملونة، يظهرون فى هيئة حراس المنازل السودانيين أو الأفارقة الذين كانوا يملئون مصر فى الستينيات، يحرسون بوجوههم الكادحة منازل الأغنياء الفارهة.

يروى رواد المقهى من المثقفين حكاياتهم مع مجدى، حكايات تبدأ دائمًا بتاريخ الطرد من المقهى، وللطرد طريقتين الأولى، هى الطرد المباشر بسؤالك عن هويتك؟ أما الطرد غير المباشر فيبدأ حين يعاجلك النادل ويخبرك "عليك أن تطلب الغداء الآن، نحن فى موعد الغداء"، فتضطر للانسحاب إن لم تكن ترغب إلا فى المشروبات، أما إذا وافقت سيتأخر عليك الطعام حتى تمل وتغادر.

ذاكرة وسط البلد وحواريها وأزقتها الضيقة


رواد آخرون، اعتبروا مجدى ذاكرة لوسط البلد وحواريها وأزقتها الضيقة خاصة وما يحمله المقهى من حكايات تاريخية يعرفها صاحب المقهى الذى أصر أن يعود بنفس ديكوراته وشكله القديم الذى بدأ به عام 1908، وأثناء قيامه بتجديد المقهى عقب زلزال 1992 اكتشف عبد الملك نفقا سريا أسفل الجزء المخصص للمطعم كان يستخدمه الثوار من رواد المقهى فى ثورة 1919 للهرب من قوات الاحتلال، وفى النفق وجد ماكينة قديمة لطباعة المنشورات وبعض المقتنيات النادرة، فقام بترميمه على نفقته الخاصة وحوله إلى متحف صغير لثورة 1919.

يخشى رواد المقهى إغلاقه خاصة أنه يخضع لقانون الإيجارات القديم، الذى تنتهى العلاقة بين المستأجر والمالك بمجرد وفاة الأول، ما يعنى أن المقهى سيرجع إلى شركة الإسماعيلية مالكة العقار، الشركة أكدت أمس فى بيان لها، إنه لا مساس بالمقهى الأثرى، وستعمل على إعادة فتحه فى أقرب وقت ليستمر كما كان ملتقى للكتاب والفنانين.

اليوم السابع -5 -2015

اليوم السابع -5 -2015

اليوم السابع -5 -2015

اليوم السابع -5 -2015









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة