وينقسم التقرير إلى 6 أقسام – القسم الأول عن حالة حقوق الإنسان فى هذه الفترة – القسم الثانى جهود معالجة الشكاوى – والثالث جهود نشر ثقافة حقوق الإنسان – والرابع يغطى إستراتيجية عمل المجلس وإعادة هيكلة بنيته الداخلية – والخامس توضح تعاون المجلس على المستوى الوطنى والإقليمى والدولى – وأخيرًا القسم السادس ويحتوى على التوصيات الذى يقدمها المجلس.
الإرهاب واستخدام الإخوان للعنف الممنهج
وأوضح التقرير الحقوقى، أن أكبر الانتهاكات وأوسعها كانت خلال هذه الفترة – ما قام به الإرهاب فى سيناء، حيث ارتفع عدد جرائم الإرهاب التى استهدفت قوات الجيش والشرطة وعددا غير قليل من المدنيين بشكل غير مسبوق، إضافة إلى ضحايا أحداث التجمع المسلح للإخوان المسلمين فى منطقة رابعة والنهضة وفضهما، والعنف الممنهج الذى بدأه الإخوان المسلمون ومؤيدوهم بمجرد البدء فى فض رابعة والنهضة، وتبنى الإخوان إستراتيجية متكاملة تستهدف تقويض أركان الدولة والإخلال بالأمن وترويع المواطنين، وشل البلاد عبر تغييب سلطة القانون وتعطيل الخدمات العامة وضرب المرافق الخدمية بما فى ذلك خطوط ووسائل النقل ومحطات توليد الطاقة، وشل العملية التعليمية، والهجمات المسلحة على المنشآت العامة والمنشآت الأجنبية والمحاكم والكنائس وملحقاتها ومنازل المواطنين المسيحيين والمتاحف والمراكز الثقافية ومديريات الأمن، مع خطة إعلامية تحرض على العنف، وتأجيج الكراهية وفقدان الثقة.
ولفت التقرير إلى أنه قد ترتب على ذلك انتهاك جسيم للحق فى الحياة فقد بلغ عدد الضحايا خلال هذه الفترة 2600 ضحية منهم 700 من ضباط وجنود الشرطة والجيش، 550 من المدنيين الذين سقطوا نتيجة أعمال عنف ارتكبتها المليشيات المؤيدة لتنظيم الإخوان والجماعات الإرهابية، بالإضافة إلى 1250 من المنتمين لتنظيمات الإخوان المسلمين ومؤيديهم.
وأكد التقرير ضرورة إعلان نتائج التحقيقات التى أجرتها السلطات بشأن أفرادها – وأى أخطاء أو قصور فى أدائهم إن وجد – فذلك من شأنه أن يسهم فى تحقيق الطمأنينة والراحة وتلبية لاعتبارات الشفافية والعلنية.
وفيات فى أماكن الاحتجاز
القضية الثانية فى الانتهاكات الواردة بالتقرير كانت أيضا خاصة بالحق فى الحياة حيث توفى العشرات من المتواجدين رهن التحقيق فى مراكز الاحتجاز، وقد أعلنت وزارة الداخلية (فى 24/11/2014) أن عدد الضحايا 36، وتشير أرقام متفاوتة لجماعات حقوق الإنسان إلى ما بين 80 إلى 98، وأن أغلب هذه الوفيات يرتبط بسوء الظروف المعيشية والصحية والتكدس الحاد فى مراكز الاحتجاز المؤقتة فى أقسام الشرطة وفى السجون.
وقد بلغ التكدس وفقا لما أعلنته وزارة الداخلية فى الأقسام إلى 400%، وفى السجون إلى 160%، مما يجعل الحياة داخل هذه الأماكن بالغة الصعوبة، وأضاف التقرير أن هذه الظاهرة – ظاهرة الوفاة داخل أماكن الاحتجاز– كانت اختفت تماما، ولكنها تعود مرة ثانية، صحيح أنه لا يوجد ما يثبت أن أى من هؤلاء قد مات نتيجة التعذيب إلا أنه أيضا لا يوجد ما يثبت عكس ذلك.
وأوضح تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان أنه بطبيعة الحال فإنه مطلوب إيجاد حل سريع لمشكلة التكدس داخل أماكن الاحتجاز.
القضية الثالثة: تتعلق بالأمن والأمان الشخصى
ورصد التقرير أيضا توسعا فى الحبس الاحتياطى لفترات طويلة للمشتبه فيهم، وفيهم من تبرأ ساحته، فيصبح الحبس الاحتياطى فى هذه الحالة عقوبة على جرم لم يرتكب، مطالبا بوضع حد أقصى مقبول للحبس الاحتياطى، كما يطالب بإخلاء سبيل الحالات الإنسانية والصحية من كبار السن والمرضى، وكذلك الطلبة الذين لم يتورطوا فى أعمال عنف.
قضايا عامة
ويرصد التقرير الانتهاكات المختلفة ويتناول فى فصله الأخير حزمة من التوصيات التى تلبى التزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان وتتفق مع مبادئ وتوجهات دستور 2014 وثورتى يناير ويونيو، يوضح مواقفه من القضايا الأخرى فما زال المجلس يطالب بتعديل قانون التظاهر السلمى، ووقف إذاعة ما يسمى بالتسريبات التى تمس أشخاص دون تحقيقات قضائية، والتأكيد على حق أصحاب الأديان الأخرى – غير الأديان السماوية – فى الحصول على الأوراق الثبوتية ومنها الزواج، وأهمية قصوى لقانون الجمعيات.
كما أكد متابعته بدقة لما يتعرض له العمل النقابى من أزمات نتيجة الجمود التشريعى، وإصدار قانون بناء وترميم الكنائس، وتوصيات عديدة أخرى فى مجال الحقوق المدنية والسياسية.
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية
يرصد التقرير ما تضمنه الدستور من التزامات فى مجال تلبية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وحقوق الأولى بالرعاية، ويسجل ما ذهبت إليه التقديرات المستقلة بتضاعف معدلات الفقر والفقر المدقع خلال السنوات الثلاث السابقة على الفترة التى يغطيها التقرير.
كما أشار التقرير إلى التخفيض الجزئى لدعم الطاقة، والذى أدى لتداعيات سلبية على مستويات أسعار السلع والخدمات الأساسية بما فى ذلك الغذاء، ولكنه يرصد أيضا التحسن الكمى والنوعى فى منظومة الدعم السلعى للفقراء، والتى تخدم شريحة تزيد على ثلثى السكان، جنبا إلى جنب بعض التدابير المؤقتة لمحاربة الاحتكارات والغلاء التى تبقى خطوات أولية.
بالإضافة إلى الارتفاع المتزايد فى أسعار الأدوية، وإمكانية استمرار تفاقم أزمة الدواء نتيجة ضغوط الملكية الفكرية، ويرصد أيضا نجاح الدولة فى جلب عقار دواء السوفالدى لمعالجة المصابين بفيروس سى الكبدى، وتصنيعه فى مصر.
وعلى صعيد الحق فى التعليم يرصد التقرير استمرار الأزمة الهيكلية فى الميزانية التى تلتهم الأجور والمصروفات الإدارية أغلبها، والتحديات المرتبطة بإشكالية تنقية المناهج، مشيرا إلى أزمة استيعاب الأجيال الجديدة فى العملية التعليمية لانخفاض معدلات بناء المعاهد التعليمية، والزيادات المستمرة فى الرسوم المالية للمدارس الخاصة والأجنبية، واستمرار ظاهرة الدروس الخصوصية.
بعض الإيجابيات فى مسار حقوق الإنسان
وفى التقرير العاشر له يرصد المجلس كل الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان – باعتباره دوره الطبيعى – ولكن لفت النظر إلى أن هناك إنجازات فى البنية الأساسية لحقوق الإنسان تحققت بفضل ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ومنها على سبيل المثال، دستور 2014، والذى أكد التقرير أنه لاشك أنه طفرة غير مسبوقة فى تعزيز الحريات واحترام الحقوق وحمايتها، وعكس ما عبرت عنه شعارات الثورتين، وإن كان مازال يحتاج إلى تفعيل من خلال تشريعات جديدة وتعديل العديد مما هو قائم، وأنه لاشك أن هذا الدستور رفع سقف المطالبة بالحرية باعتباره العقد الاجتماعى بين الدولة والمجتمع.
وأضاف المجلس أنه من ضمن الإنجازات كان الخلاص من فرض الطوارئ، قائلا: "فقد حكمت مصر لفترات طويلة تحت إعلان حالة الطوارئ، اليوم خلصنا من هذه الحالة والتى استمرت 32 عاما متواصلة، تعطل فى ظلها الحريات وحقوق الإنسان، وعندما اقتضت الضرورة فرض حالة الطوارئ فى 30 يونيو 2013، فرضت فقط لمدة 3 شهور، ولم تستخدم إلا فى حدود فرض حظر التجول ليلا بدعم من القوات المسلحة للشرطة".
وأشار المجلس القومى لحقوق الإنسان إلى عدم اللجوء إلى المحاكم الاستثنائية رغم قيام ثورتين إلا أنه لم تجرِ أى محاكمات استثنائية مخالفة للدستور، وحوكم قادة تنظيم الإخوان المتهمون أمام قاضيهم الطبيعى.
كما رصد التقرير إجراء انتخابات واستفتاءات سليمة من إنجازات ثورة 25 يناير أننا أصبحنا قادرين على إجراء انتخابات سليمة بالمعايير الدولية، واستفتاءات سليمة، وهو ما كنا نعجز عنه قبل ثورة يناير.
بالإضافة إلى مزيد من التشريعات لحماية المرأة، مؤكدا أنه لاشك أن التشريعات التى صدرت خلال هذه المدة والخاصة بحماية المرأة من العنف وجرائم التحرش والاعتداءات الجنسية بشكل خاص، وضمان ممارستها وتمتعها بحقوقها على قدم المساواة، مؤكدا أن كل ذلك ساهم فى بناء بيئة مؤسساتية تراكمية لحماية المرأة من العنف بشكل عام، وقد صدر بالفعل حكم بحبس أحد الأطباء لإجراء عملية ختان لإحدى الفتيات.
وأشار التقرير إلى أن هناك ارتباطا شديدا بين الأمن وحقوق الإنسان، بمعنى أنه لا يوجد أمن بدون احترام حقوق الإنسان، كما أنه لا حقوق إنسان بدون أمن، مضيفا "نظرنا إلى حالة الأمن فى 30 يونيو وحالته الآن سنجد أن هناك تقدما كبيرا فى مجال حفظ الأمن".
القسم الأخير : التوصيات
ويعرض فيها المجلس التوصيات العملية التى قدمها إلى آلية المراجعة الدورية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة عند مناقشة تقرير مصر الوطنى، وهى التوصيات التى بلورها المجلس بعد جولات من المشاورات الوطنية الموسعة وورشات العمل والندوات التى يشارك فيها المجتمع المدنى وذوى الاختصاص.
التوصيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية
وبدأ قسم التوصيات بالحقوق المدنية والسياسية، وهى حزمة من التوصيات التى تلبى التزامات مصر الدولية فى مجال حقوق الإنسان وتتفق مع مبادئ وتوجيهات دستور 2014 وكذلك ثورتى 25 يناير، و30 يونيو.
ومنها على سبيل المثال، إصدار قانون بناء وترميم الكنائس، وإصدار قانون بإنشاء مفوضية تكافؤ الفرص وحظر التمييز، وتعديل قانون العقوبات ليتواءم مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التعذيب.
كما أوصى المجلس بوقف الضغوط والقيود التى تمارسها الجهات الإدارية على الجمعيات الأهلية وفقا لقانون 84 لسنة 2002 لحين إصدار قانون الجمعيات المرتقب من مجلس النواب، والقضاء على العشوائيات فى مدة زمنية محددة، وتعديل قانون المرافعات والإجراءات الجنائية لضمان المحاكمة العادلة والناجزة وتطوير نظام العدالة.
التوصيات الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية
وأوضح المجلس أنه يعمل على دمج حقوق الإنسان فى خطة التنمية، قناعة منه بأن التنمية لم تعد مجرد نمو اقتصادى فقط، وإنما عليها أيضا أن تلبى كل معايير حقوق الإنسان، وعلى هذا الأساس حرص المجلس على تنظيم العديد من ورش العمل والندوات المتخصصة فى مختلف المجالات (فى الصحة + فى التعليم + فى العمل + فى البيئة"، بمشاركة فاعلة من جانب الوزارات والأجهزة الحكومية المختلفة بجانب مؤسسات المجتمع المدنى والهيئات المختلفة ذات الصلة بهدف أن تتمكن كل من تلك الوزارات والأجهزة بإدراج حقوق الإنسان فى سياق خطتها للتنمية.
وفى النهاية أعرب المجلس عن تطلعه استكمال خطة المستقبل التى حددتها ثورة 30 يونيو بالانتهاء من الانتخابات البرلمانية التى نستكمل بها النظام السياسى فى أقرب وقت ممكن، وأن تقوم السلطات السياسية بتطوير قانون تأسيسه على نحو يمكنه من النهوض بمسئولياته والمهام الملقاه على عاتقه، وأن يكون القانون متمشيا مع المعايير الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة