محمد فودة يكتب .. شبح الانهيار يهدد «مصر للطيران»!! .. سوء الإدارة «أخرج» الشركة العريقة من التصنيف الدولى

السبت، 23 مايو 2015 05:06 م
محمد فودة يكتب .. شبح الانهيار يهدد «مصر للطيران»!! .. سوء الإدارة «أخرج» الشركة العريقة من التصنيف الدولى الإعلامى محمد فودة وحسام كمال وزير الطيران المدنى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك حكمة قديمة تقول إن من ليس له ماضٍ ليس له حاضر ولن يكون له مستقبل، وعلى الرغم من أننا نمتلك ماضيا عريقا فى مجال الطيران يتمثل فى شركة «مصر للطيران» التى يرجع عمرها إلى حوالى 83 عاماً، إلا أنه وللأسف الشديد ليس لنا أى وجود الآن فى مجال الطيران وبالطبع طالما تسير الأمور على هذا النحو «المتدهور» فلن يكون لنا أى مستقبل خاصة أن شركتنا الوطنية أصبحت الآن خارج المنافسة ولم تعد تحتل رقماً ضمن التصنيف الدولى لشركات الطيران رغم تاريخها العريق الذى كان مصدر فخرنا إلى وقت قريب، بينما نجد من حولنا دولة مثل إثيويبا وعلى الرغم من أنها لم يكن لديها شركة طيران بمعنى الكلمة قبل 20 عاماً مضت إلا أنها الآن تحتل التصنيف الثالث على مستوى قارة أفريقيا فى مجال الطيران.

فما الذى أوصلنا إلى هذا الحال الذى لم يعد «يسر عدوا ولا صديقا» ومن المتسبب فى تلك المهزلة التى يعيشها الآن عدد كبير من العاملين فى شركة مصر للطيران التى كانت وما زالت تضم أكفأ الطيارين فى العالم وأكثرهم خبرة، وهل هذا التراخى فى الإدارة والتهاون فى حقوق العاملين بمصر للطيران مجرد مصادفة وسوء طالع أم أنه يتم بشكل متعمد ومقصود ويستهدف هدم إحدى أكبر مؤسساتنا الوطنية.
والحق يقال فإنه من خلال متابعتى للأزمة الأخيرة لطيارى مصر للطيران قد وضعت يدى على مسألة فى غاية الأهمية وهى أن هؤلاء الطيارين ما كان يجب أن تعاملهم الدولة على هذا النحو من «عدم التقدير» وحينما أقول عدم التقدير فإننى لا أعنى التقدير المعنوى فهم على «العين والرأس» بل إن مقامهم محفوظ فى كل مكان فى العالم ولكننى أعنى التقدير المادى، فهل يعقل أن يكون مرتب «الطيارين» على هذا القدر من السوء حيث لا يكفى لسد متطلبات الحياة بالنسبة للإعاشة والإنفاق على أسرهم بالشكل اللائق، خاصة أن الصورة الذهنية لدى المجتمع المصرى عن هؤلاء الطيارين تتمحور فى أنهم يتقاضون مرتبات مرتفعة ويعيشون فى مستويات تندرج ضمن الفئات الأكثر دخلا والأكثر إنفاقاً.. ولكن الحقيقة المرة التى لا يعلمها أحد أن طيارى مصر للطيران يعيشون ظروفا مادية صعبة للغاية وفى منتهى القسوة علماً بأن أى شركة طيران فى العالم تتهافت على «خطف» الطيار المصرى للعمل لديها وبمرتبات تفوق ما يتقاضونه فى الشركة الوطنية أضعافاً مضاعفة ولكنهم يضعون المصلحة العليا فوق كل الاعتبارات ويرفضون ترك شركتهم الوطنية مهما كانت المغريات حفاظا على تاريخ عريق ما زلنا نعيش فى ذكرياته.

وهنا يجب على الدولة أن تعيد النظر فى هذا الملف شديد الحساسية، وأن يتم التعامل مع الأمر بنوع من الجدية وذلك بوضعه فى حجمه الطبيعى وهنا فإننى أكرر أنه يجب التعامل مع المشكلة بشكل بعيد كل البعد عن أزمة الاستقالات التى أظهر فيها طيارو مصر للطيران مدى وطنيتهم ومدة حرصهم على هذا الكيان وهو ما ترجموه فى الاستجابة النبيلة لتدخل الرئيس، مما يستوجب على الدولة أن تكون لديها حلول عمليه وتسير وفق منظومة الارتقاء بالمؤسسات العريقة.

لقد التقيت مع بعض الطيارين وتحدثت معهم فى الكثير من مشاكلهم ومطالبهم المشروعة والعادلة التى يتنظرون من الدولة أن تتدخل لحلها، ووجدت نفسى أمام تجسيد حى للإهمال فى أسوأ صوره والتسيب فى أبشع معانيه، وإن كنت أرى أن الحل المنطقى يكمن فى ضرورة إسناد إدارة مصر للطيران إلى شركة متخصصة تتولى إعادة النظر فى نظم التشغيل وتعديل هياكل الأجور. واعتقد أن وجود الطيار حسام كمال وزيراً للطيران سيكون دافعاً قوياً للارتقاء بشركة مصر للطيران وبطياريها الذين كان واحدا منهم، عاش مشكلاتهم وعانى معاناتهم.

واللافت للنظر أننا لو ألقينا نظرة على سوق الطيران فى العالم الآن سنجده وقد امتلأ بشركات كثيرة تتنافس فيما بينها على «خطف» المسافرين ومستخدمى النقل الجوى من خلال تقديم أفضل العروض وأرقى الخدمات من أجل الحفاظ على عملائها، فلماذا نضع رؤوسنا فى الرمال مثل النعام ونجتر ذكريات الماضى بالحديث عن تاريخنا العريق فى مجال الطيران متناسين أننا نعيش أزمة حقيقية، ظهرت بوضوح حينما تفجرت مؤخراً أزمة استقالات الطيارين، فتلك الأزمة فى نظرى كانت أحد الأسباب لأن تنتبه الدولة إلى ما يجرى فى هذا المجال المهم.

نحن لسنا فى حاجة إلى تشكيل لجان أو القيام بدراسات فنية بحثاً عن الحلول وإنما نحن فى أشد الحاجة الآن لرغبة حقيقية من جانب الدولة لأن تضع يدها على الخلل فى إدارة الشركة، ولن أكون مبالغا إن قلت إن الحلول الأكثر عملية لمثل هذه المشكلة لن تكلف الدولة كثيراً وذلك بأن يتم إسناد إدارة الشركة إلى مؤسسة متخصصة تقوم بهذه المهمة وفق رؤى ومعايير عملية بمقتضى ما يفرضه العالم المحيط، فسيكون هناك مرتبات «تحترم» خبرة الطيار وكفاءة العاملين فى الشركة العريقة وفى نفس الوقت ستكون هناك خطط تسويقية تعود بأكبر قد من الدخل الذى يمكن من خلاله تحديث وتطوير الأسطول الذى تمتلكه مصر للطيران من طائرات حيث أننا مطالبون بتجديد ما نمتلكه من طائرات بحلول العام 2020 وذلك وفق برنامج زمنى لا يمكن تجاهله بأى حال من الأحوال.

يا سادة.. ما وصل إليه حال شركة مصر للطيران لا يجب السكوت عنه، ولابد من اتخاذ خطوات حقيقية وإيجابية تستهدف فى المقام الأول الارتقاء بمستوى الطيارين بل جميع العاملين بالشركة وذلك قبل فوات الأوان وقبل أن ينحدر المستوى العام للشركة إلى ما هو أسوأ مما نحن عليه الآن، فيصبح الحل مستحيلاً ويتحول الحديث عن إنقاذ «مصر للطيران» أشبه بـ«النفخ فى القربة المقطوعة».








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة