ناجى عباس

العلاقات الألمانية المصرية.. مالها وما عليها

الجمعة، 22 مايو 2015 06:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كيف تبدو العلاقات الألمانية المصرية فى الوقت الحالى؟ وما هو المغزى من وراء الزيارة المقررة للرئيس عبد الفتاح السيسى بداية الشهر المقبل إلى برلين؟.. ولماذا تأتى الزيارة فى هذا الوقت بالذات رغم العواصف السياسية العاتية التى تواجه مصر، وتلك المفاجأة التى بدت فى الساعات الأخيرة، والتى تسبب فيها رئيس البرلمان الألمانى؟.. أسئلة فرضت وتفرض نفسها لأكثر من سبب.

بات معلومًا أن ألمانيا كانت قد وجهت الدعوة الأولى بعد أسابيع من تسلم الرئيس لمنصبه الرئاسى لزيارة ألمانيا شريطة أن تتم بعد إجراء الانتخابات النيابية المصرية.. ولم يمر وقت طويل حتى جددت ألمانيا دعوتها للسيد الرئيس مرة أخرى مع إغفال شرطها الخاص بالانتخابات النيابية، وفسر ذلك حينها بأن المصالح المصرية الألمانية اقتضت التعجيل بتطوير علاقات قائمة على المصالح المشتركة، خاصة بعد كشف ألمانيا خطأ موقفها من جماعة الإخوان الإرهابية واختلال تقديرها الأولى بشأن تأييد شعب مصر بأغلبه للرئيس السيسى وهو ما عبرت عنه نتائج الانتخابات الرئاسية بوضوح .

ولم يمر وقت طويل حتى جددت ألمانيا دعوتها للمرة الثالثة وهى التى حملها نائب المستشارة زيجمار جابريل- وزير الاقتصاد ورئيس الحزب الاشتراكى الديمقراطى- حزب التحالف الحكومى مع المستشارة أنجيلا ميركل، ليسلمها للرئيس بنفسه خلال مشاركته فى مؤتمر شرم الشيخ، وتزامن ذلك مع الإعلان عن استثمارات ألمانية كبيرة - لتزييل أى شكوك حول النوايا الألمانية فى بناء علاقات متوازنة مع مصر.. تراعى فيها بالدرجة الأولى المصاعب التى تعانى منها مصر فى الوقت الحالى.

المراقبون فى ألمانيا فسروا الموقف الألمانى هذا باعتباره موقفًا براجماتيًا بحتًا فرضته المصاعب التى تواجهها ألمانيا فى فهم طبيعة ما يحدث فى المنطقة العربية، علاوة على اكتشافها خطأ تقديراتها بشأن الموقف الأمريكى من المنطقة والقوى الفاعلة فيها.. وهو خطأ يتوجب تداركه وبسرعة، فألمانيا باتت فى حاجة ماسة لمحاصرة الإرهاب والعمل على عدم اتساع رقعته ووصوله من جنوب أوروبا إلى شمالها علاوة على حاجتها الماسة للتعاون مع دول المنطقة العربية المهددة بشكل متزايد بالسقوط وإلى فترة طويلة مقبلة فى براثن الإرهاب، وهو ما لا يمكن السماح به.. لارتباط المصالح الألمانية بشكل وثيق بدول المنطقة وهى مصالح لا يمكن الاستغناء عنها ببساطة، يضاف إلى ذلك احتياجها للتعاون تحديدًا مع مصر فى مجال الأمن بالنظر لتزايد خطر الإرهاب على أراضيها من مواطنيها أنفسهم الذين تدربوا فى المنطقة وتحديدًا فى شمال المتوسط إبان حكم الإخوان فى مصر.. وهو ما يحتاج إلى تنسيق من نوع خاص مع مصر وهذا أمر غير ممكن إلا بتفعيل العلاقات بين الجانبين بشكل يضمن المصالح المشتركة.

لكل تلك الأسباب وغيرها ارتأت ألمانيا التعجيل بتفعيل العلاقة مع مصر بغض النظر عن أى خلافات حول قضايا ليست جوهرية، فالأمر يتعلق بالمصالح الحيوية بين البلدين.

هدف ألمانى- مصرى لم يكن يسيرا إلا بعد الانتخابات النيابية الألمانية الأخيرة التى أطاحت بالحزب الليبرالى الحر الذى شارك المستشارة ميركل فى حكومة التحالف السابقة، وبالتالى الإطاحة بوزير الخارجية الألمانية السابق جيدو فيسترفيلله الذى ربطته مصالح عدة مع أطراف مصرية وعربية وغيرها لم تكن تستسيغ بأى شكل من الأشكال تحسن العلاقات المصرية الالمانية .

النوايا الألمانية تلك لم ترق للبعض داخل أوروبا وخارجها، بل وفى المنطقة العربية نفسها. وبدأت جماعات الضغط المختلفة تمارس ضغوطها لوقف التقارب الجاد والمتوازن بين مصر وألمانيا، وتم رصد محاولات تركية وقطرية عديدة.. بل ومحاولات حثيثة من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين لوقف التقارب الألمانى المصرى ووأده فى المهد مهما كان الثمن.

لم يتوقف الأمر عند حد تسميم العلاقات بين البلدين من أطراف خارجية وبدأ الاعتماد على وسائل إعلام أوروبية عديدة عبر ضخ الملايين القطرية لتصوير الأمور إعلاميا حول مصر وما يحدث فيها على غير حقيقتها.. مع مساهمة أشخاص وجماعات وجمعيات واتحادات مصرية عديدة فى ذلك.

ولم ينجح الأمر أيضًا لقناعة وإصرار المستشارة الألمانية والرئيس السيسى على أهمية وضرورة إعادة بناء علاقات صحية بين الطرفين.
فجأة ومع اقتراب إتمام زيارة الرئيس السيسى لألمانيا.. وقبل أيام قليلة من الموعد المحدد لها، أدلى رئيس البرلمان الألمانى نوربرت لامرت، وهو الأضعف بين أقرانه فى هذا المنصب منذ الديمقراطية البرلمانية الأولى فى ألمانيا بجمهورية فايمر عام 1918، ودون أسباب حقيقية بتصريحات مليئة بالأكاذيب، وتجاوز الحقائق بشكل كبير... فمن ناحية أعلن عن نيته عدم مقابلة الرئيس السيسى حال قدومه إلى ألمانيا وهو تصريح غريب ومستهجن باعتبار أن مصر لم تطلب أساسًا مقابلة رئيس البرلمان الألمانى.. بل كان الاقتراح بإتمام مثل هذا اللقاء اقتراحًا ألمانيًا ولم ترد عليه مصر حتى صدور تصريح رئيس البرلمان الألمانى.

ولم يكتف نوربرت لامرت بذلك بل أقدم أضعف رئيس للبرلمان الألمانى فى تاريخه منذ ما قبل الحربين على ترديد أكاذيب التنظيم الدولى للإخوان المسلمين والذى كان له لفترة طويلة علاقات متشعبة فى ألمانيا مع العديد من الدوائر الأمنية والسياسية الألمانية وغيرها.

من تلك الاكاذيب مثلاً أن مصر تشهد إصدار أحكام إعدام بالجملة على "خصوم" الرئيس السيسى من الإسلاميين!.. لامرت لم يسمح لنفسه فقط بالتدخل فى شئون القضاء المصرى بل تجاهل أيضًا أن الأحكام القضائية تلك ليست على "خصوم" السيسى بل على مجرمين إرهابيين، وهو تجاهل فاضح لما يقوم به الإرهابيون فى مصر.. وتجاهل كذلك لحقيقة أن ما يقوم به هؤلاء الإرهابيون يتسبب فى سقوط الأبرياء يوميًا فى مصر.

ثم تجاوز لامرت الضعيف مرة أخرى حين تصور أن رئاسته للبرلمان الألمانى تمنحه حق التحدث باسم شعب مصر وفرض إرادته عليه، معتبرًا نفسه رئيس برلمان ديمقراطى وأن الرئيس السيسى لم يأت بشكل ديمقراطى!.. متناسيًا بشكل متعمد نفسه وهو يتحدث عن دولة خرج فيها الملايين ليفرضوا إرادتهم ويزيلوا نظامًا إرهابيًا حسبما دللت الوقائع بعد ذلك بمعلومات شاركت ألمانيا نفسها فى إيصالها لمصر.

استمرت أكاذيب لامرت على نحو غير حيادى متبنيًا وجهة نظر التنظيم الدولى للإخوان المسلمين دون غيرها مشيرا فى لقاء صحفى إلى اعتقالات فى مصر شملت أربعين ألف شخص لأسباب سياسية! ولم يفسر لنا السيد لامرت أو يوضح من أين استقى معلوماته تلكك إلا من التنظيم الدولى للإخوان المسلمين.

لم يتطرق أضعف رئيس برلمان فى تاريخ ألمانيا منذ الديمقراطية البرلمانية الألمانية الأولى فى جمهورية فايمرعام 1918 إلى حجم العمليات الإرهابية التى تمارس على أرض مصر فى المدن والقرى والنجوع.. ولم يتحدث عن الآلاف من الضحايا الذين سقطوا والأبرياء الذين يسقطون يوميًا.. بل وتجاوز كل الحدود حين قال إن اللقاء لو تم مع الرئيس المصرى سيكون لقاءً بين رئيس برلمان منتخب ديمقراطيًا ورئيس جمهورية لم يجر انتخابة ديموقراطياً!

كان الأولى بأضعف رئيس برلمان لألمانيا أن يقتدى بأقرانه فى هذا المنصب وكلهم علامات بارزة حقيقية وسياسيون من الطراز الأول، أو أن يسأل رئيسة حكومته والعودة للبرلمان الذى يرأسه خاصة بعد أن عبرت المستشارة أنجيلا ميركل عن إصرارها على إتمام زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسى لبرلين.. وكان الأولى بنوربرت لامرت الأضعف فى تاريخ رئاسة البرلمان الألمانى بإعطاء نفسه فرصة للتفكير فى المصالح الألمانية قبل أن يتورط فى تقديم مجاملات سياسية تضر بالمصالح الألمانية الدولية بشكل كبير.

ولم يكتف رئيس البرلمان الألمانى الضعيف بذلك بل بدأ بوقاحة غريبة على من يحتل مثل هذا المنصب فى ألمانيا بالحديث عن استقلال القضاء المصرى! والتأثير السياسى عليه وعدم حياديته.. أمر استهجنه حتى أعضاء البرلمان أنفسهم.. ورفضت إدارة الصحافة الألمانية بارتباك شديد التعليق عليه.. حرصًا على صورة رئيس البرلمان الألمانى الضعيف من التدهور أكثر من ذلك.

ثم.. سقط رئيس البرلمان الألمانى الضعيف فى ورطة أكبر.. فرغم كل ما قاله عن مصر إلا أنه ناقض نفسه بشكل كامل عقب تصريح المستشارة الألمانية ميركل الخاص بإصرارها على إتمام الزيارة بالتأكيد على المصالح المشتركة بين مصر وألمانيا وضرورة تعميقها بين الحكومتين المصرية "بغض النظر عن طبيعة شرعيتها الديموقراطية".. وفقًا لمنطوق كلامه.

رئيس البرلمان الألمانى الأضعف فى تاريخ ألمانيا اطلق عاصفة كاملة من الأكاذيب بدعوى الديموقراطية... ثم يتخلى فى آخر تصريحاته عن الشرعية الديموقراطية نفسها إذا تعلق الأمر بالمصالح المشتركة فأى قدر من النفاق السياسى يمتلكه هذا الرجل!؟.






مشاركة




التعليقات 3

عدد الردود 0

بواسطة:

وليم سدراك

يا هوووووه قولولهم

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ربما ارسال 5ملايين مواطن مع السيسى يقنعهم بارادة الشعب وعزمه على مكافحة الارهاب

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

د/محمود خليل

اين دور السفارة المصرية فى المانيا؟؟؟؟؟؟

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة