أكرم القصاص - علا الشافعي

د. عمار على حسن

الفكر المستنير فى مواجهة الإرهاب

الأربعاء، 20 مايو 2015 10:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحت عنوان «الفكر المستنير فى مواجهة الإرهاب» عقدت بمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أمس الثلاثاء، ندوة شاركت فيها ببحث عنوانه «صناعة تنوير يحاصر الإرهاب». والندوة انطلقت بالأساس من كتاب «السراب» للدكتور جمال سند السويدى مدير عام المركز وأستاذ العلوم السياسية الذى صدر مؤخرا، لتبحث فى كيفية إبداع فكر تنويرى بوسعه أن يضع حدا لاستشراء التطرف الدينى فى مجتمعاتنا، والذى يؤدى إلى الإرهاب، الذى تقوم به جماعات دينية سياسية شتى، تتسطر فوق خريطة العالم الإسلامى من أقصاها إلى أدناها.

والتنوير الذى يجب السعى إليه بخطوات حثيثة قد تم إجهاضه فى بلاد المسلمين منذ قرون، حين هُزم الفكر المعتزلى الذى يُعلى من دور العقل، ويعول عليه، وانتهى الصراع بين المعتزلة والأشاعرة وأهل الأثر إلى انتصار الطرف الأخير، بتشجيع من السلطة السياسية، وصمت من المجتمع أو تواطؤ أو استسلام أو مجاراة، خاصة أن المعتزلة لم يتحولوا إلى مسار شعبى مثل أصحاب الأثر، الذين زعموا أنهم يمثلون «أهل السنة والجماعة» دون غيرهم، وأقنعوا الناس بهذا عبر كل الآليات التى توفرت لديهم. وحين جاء فلاسفة متعاقبون على رأسهم ابن رشد وأرادوا إطلاق لحظة تنوير جديدة حوربوا بقسوة، وبنيت جدران سميكة بين أفكارهم وبين عموم الناس.

ومع هذا فقد وقع المسلمون المعاصرون فى أوهام حيال التنوير، بدعوى أنه ابن بيئة اجتماعية وسياق تاريخى مغاير، وبالتالى هو بضاعة غيرنا ولا تلزمنا، وأن خروجنا من مأزقنا ليس بالتنوير، الذى يعنى فى مقصده التقدم إلى الأمام فى التاريخ، إنما بالعودة إلى الماضى، كما أن هناك قيودا على الحيز المتاح للإصلاح الدينى، تقوم بها مؤسسات وأفراد من منتجى الخطاب الإسلامى فى الفقه والتفسير وعلم الحديث وعلم الكلام والفتوى وسرد سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.

إن التنوير هو المطلوب حقا، وليس ما يثار حاليا عن «تجديد الخطاب الدينى» أو «تجديد الفقه» أو «فتح باب الاجتهاد» إذ إن ذلك يشكل الحد الأدنى الذى لا أتصور أن بمُكنته أن يخرج المسلمين من المأزق الذى يعيشونه الآن، بعد أن حول بعض المتطرفين منهم الدين من مصدر للسعادة إلى سبب للشقاء، فالاكتفاء بتجديد الخطاب الدينى لن ينتهى إلى شىء نشعر معه ونلمس فيه تقدما إلى الأمام، لأن الذى سيتصدى لعملية التجديد تلك، أو من يراد له أن يفعل هذا الآن، هى المؤسسات الدينية ذاتها التى تنتج الخطاب الحالى على ما فيه من عوار شديد، وتلك المؤسسات ستدافع عما تعرفه، وعما يحقق مصالح ومنافع القائمين عليها، ولذا إما أن تلتف على مطالب التجديد، أو تفرغها من مضمونها، أو تجرى عليها تعديلات طفيفة، لا يمكنها أن تلبى ما يطلب فى سبيل التقدم إلى الأمام، سواء بالنسبة للرؤية الدينية، أو بتفاعلات الدين من المجالات الأخرى، فمثل هذه التصرفات لن تنقذ صورة المسلمين التى تضررت كثيرا بفعل تصرفات المتطرفين والإرهابيين، ولا تنقذ المسلمين أنفسهم من خطر الإرهاب.

فى الحقيقة لن نتقدم خطوة على طريق التنوير، كعملية حياتية شاملة، إلا إن تعاملنا مع الإيمان على أنه مسألة فردية، وأعدنا للعقل دوره، باعتباره مكملا لمسار الوحى وليس مناقضا له، وتعزيز الوعى الأخلاقى، والتمييز بين الدين والسلطة السياسية، وتحديث المجتمع، وإدخال بعض العلوم الإنسانية فى الدراسات الدينية.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

واضح الفكر المستنير .. ربنا يستر بعد تعيين الزند وزبرا للعدل

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة