"أداجيو" إبراهيم عبد المجيد.. "قصيدة فراق" فى نفس واحد

الأربعاء، 20 مايو 2015 08:40 م
"أداجيو" إبراهيم عبد المجيد.. "قصيدة فراق" فى نفس واحد غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى عام 1982 حصل الكاتب الشهير جابريل جارثيا ماركيز على جائزة نوبل، وانتظر الجميع كيف ستكون روايته القادمة بعد حصوله على الجائزة العالمية وبعد روايته البديعة "مائة عام من العزلة، وفاجأ ماركيز الجميع برواية "الحب فى زمن الكوليرا" وهى رواية تدور عن الثلاثية الشهيرة "الزوج والزوجة والعشيق" وهى تيمة مطروقة من قبل كثيرا فى المسرح والشعر والرواية والسينما، لكن كيف كتبها "ماركيز" كانت هذه هى المعضلة، هذا نفسه هو ما حدث فى رواية "أداجيو" للكاتب الكبير إبراهيم عبد المجيد، الصادرة عن الدار المصرية اللبنانية.

"أداجيو" قصة حب، تحمل ظروفها الخاصة، قصة يصحبها الحزن والوجع، وتقوم معتمدة على التلاحم فى "شكل صوفى" مع كل الموجودات المحيطة، رجل يحب زوجته فى لحظاتها الأخيرة يسعى لأن يعيشا معا ما تبقى من "حياتها" يطاردها "السرطان" ويداهمه الوقت وتحييه الذكريات، يعرف النهاية جيدا، والمحيطون به لا يخدعونه بإخفائها، الجميع يعرف والكل يصرح، لكنه يرهن نفسه وجهده لما تبقى من حياتها القليلة.

فى "أداجيو" نجد الزوج المحب الذى ترهف روحه جدا فبعد أن يهرب بزوجته إلى مكان يهرب الناس منه ويتركون منازلهم بسبب المياه الجوفية التى تطارد حياتهم وبيوتهم، يصبح هو قادرا على التواصل مع كل الموجودات المحيطة به، ويكون قادرا على التأمل ورؤية الأشياء بشكل مختلف ومغاير ويعيد تقييم الأشياء، هو منذ البداية كان مقررا الموت معها بشكل ما يقوم على الانعزال سيعتزل العالم لأنها اعتزلته، لكن الحياة وجدت فى كل مكان تواجد فيه رغم ما يبدو من نهاية، فالمكان الذى ينهار من حوله والزوجة التى تضيع من بين يديه جعله يدرك "ذاته" بشكل جيد بسبب هذه المحنة، هذا الانهيار كان له وجه آخر فى "عثمان" السائق، وزهرة ابنة "علياء" الطباخة حيث تمثلت الحياة بصور مختلفة، وتمثل الموت بأشكال متعددة أينما ذهب وجده أو سمع عنه، فعندما كان يظن بأن الموت يطارده فى الحقيقة كانت الحياة أيضا تسعى خلفه.

إذن "أداجيو" هى الزوج رجل الأعمال المحب للفن والزوجة الفنانة الشهيرة المريضة وثالثتهم العاشقة "جميلة الروح" التى استطاعت فى لحظة ما، أن تصنع له توازنا مهما لاختلاف الكتابة، حيث أخرجته من إطار "الملائكية" الذى كدنا نضعه فيه وشعرنا ببشريته ولم نتهمه أو نكرهه لأنه أقام علاقة ظل يقاومها سنينا، حتى جاءت فى وقتها الطبيعى ومكانها الطبيعى، وإن بدا غير ذلك، لقد كانت روحه تحتاج هذه اللحظة حتى "لا ينتحر"، فَهِم هو ذلك فلم يطارده "الإحساس بالذنب" كثيرا، وفهمت هى ذلك ففرت مبتعدة.

"أداجيو" لحن موسيقى فرض نفسه على طول الرواية، ومنحها خصوصية مميزة كانت تحتاج إليها، وإبراهيم عبد المجيد فى الرواية كان مهموما بوصف "الحالة النفسية للشخصيات" أكثر من اهتمامه بوصف الشخصيات نفسها، قصد هو ذلك، أراد أن يجعلنا نتتبع الحدث الأهم أن ننتظر مترقبين مع "سامر" لحظة الفراق، الآتية لا محالة، نترقبها خائفين وآملين أن تمر بسلام، وجعلنا "عبد المجيد" نحب "ريم" الحاضرة بقوة خلف كل سطر فى الرواية، التى فرضت أسلوبها وموسيقاها وألوانها وذوقها فى الاختيار على كل الرواية، نرى فيها اختصارا لكل ما هو جميل فى الحياة، ونشعر دائما بالفرق بينها وبين الآخرين وننتصر لها.

كتب إبراهيم عبد المجيد "أداجيو" مثل قصيدة "فى نفس واحد" أو لحن موسيقى "تنويعاته" تغازل حالته النفسية وتحقق الشجن المطلوب والفرح المخفى.


موضوعات متعلقة..


الروائى الكبير إبراهيم عبدالمجيد فى حوار لـ"اليوم السابع": كتبت أغلب أعمالى وأنا أسمع لحن "أداجيو" حتى صنعت رواية عنه.. والحياة مليئة بالغرائب وأنا محب جدًا لطائر الهدهد ولى قصة معه حدثت من قبل





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة