عصام كرم الطوخى يكتب: الاختيار الحر

الثلاثاء، 19 مايو 2015 08:00 ص
عصام كرم الطوخى يكتب: الاختيار الحر شخص محتار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل شىء يغضب وينفعل ويتوتر ويقلق ويثور وينفجر هكذا هى الطبيعة بجبروتها وعنفوانها، فللصحراء عاصفة وللبحر ثورة وما نراه من براكين وزلزال وغيرها الكثير من ظواهر الكون يدل على أن كل شىء لا يستقر على حال، ومع ذلك فنحن نعيش فى حيرة مستمرة ما بين أن نفعله وما يجب أن نفعله، نحن نعيش فى غيبوبة تامة عن الحقيقة الواضحة بأن كل شىء يتبدل ويتغير بل يذهب إلى غير عودة، وقد نتجاهلها ليس عن عمد ولكن لقصور العقل والإدراك وعن الحكمة البالغة للكون وعظمة تواجدنا فيه.

حتى الجمال والقوة والفرح والحزن.. كل شىء يضعف ويذبل ويتساقط كما تتساقط أوراق الخريف ويفنى كل شىء بمرور الوقت وكأنه لم يأت للدنيا، كل اللحظات والذكريات بكل ما تحويه من مشاعر تصاب بضعف فى الذاكرة وتنتهى مهما كانت قوتها..، وأمام ذلك نعيش حياتنا بين انتظار وترقب مع إننا ندرك حقيقة نهايتنا.. وهى التراب، ومع ذلك تظلمنى وأظلمك.. نعيش بين توجس وحيرة وخوف وقلق.. لا أحد يبقى ولكننا مستمرون بجهل مركب فى تدمير كل شىء وكأن ليس هناك طريق آخر لحياة كل منا فى البقاء طوال فترة رحلته إلا بالصراع والقتل والتخريب والتدمير. ولكن كل منا يخدعه الأمل الكذوب.. بأنه مخلد فيتملكه الاستحواذ على كل شىء وخاصة فى ريعان شبابه ومع تقدم العمر تأتينا العديد من رسائل مفارقة الحياة، ولكننا نصر على أن نعيش إلى آخر لحظة بنفس ممزقة شريرة قليل من يجاهدها ويزكيها بل يترك الكثير منا ميراث من الحقد والغل والكراهية لمن بعده ليحافظ على ماله وجاهه ليستمر الإنسان فى خداع نفسه بنفسه مع إنه يملك الاختيار الحر فى كل تصرفاته حتى وإن لم يجد التفسيرات لكل ما يدور بخلده، فهكذا تكون إرادته واختياراته ما بين صراعات عديدة وما بين داخل نفسه وعالم يحكمه ميزان عادل رغم ما نراه من تناقضات وانقسامات وإبادات.

يقول مصطفى محمود: "إذا أردت أن تفهم إنسانًا فانظر إلى فعله فى لحظة اختيار حر وحينئذ سوف تفاجأ تمامًا؛ فقد ترى القديس يفجر، وقد ترى الفاجر يصلى، وقد ترى الطبيب يشرب السم، وقد تفاجأ بصديقك يطعنك، وبعدوك ينقذك، وقد ترى الخادم سيدًا فى أفعاله، والسيد أحقر من أحقر خادم فى أعماله، وقد ترى ملوكًا يرتشون، وصعاليك يتصدقون"، لا يغرنك شىء مهما كان، ولا تجعل ما تراه من متع الدنيا يجبرك على خسران نفسك لأن الحياة رحلة وليست مقصدًا فهى متغيرة ولا شىء يثبت فيها على حال، انظر إلى جوهر علاقتك مع ربك، وتعرف على حقيقة ذاتك لتعرف من أنت فى لحظات الاختيار الحقيقى والحر، أبحث عن لحظات التغيير فى حياتك، لحظة استغاثة لحظة صدق لحظة تقرير مصير لحظة تقدر الله حق قدرِه، فلا تكن حياتك مجرد كمالة عدد أو بلا معنى فقط لمجرد الاستمرار. فى لحظات الاختيار الحر تقرب إلى الله واطلب منه ما تشاء فله نسمات رحمه ومغفرة تسع الكون وما فيه، وأعترف بذنوبك بأنها ليست جرأة وتكبر على من أعطاك ووهبك كل شيء وإنما ضعفًا وقصورًا منك فى لحظات الغفلة والظلمة الداخلية ومتاهة النفس بكل ما فيها، ابحث عن مخرج لك من ظلمة النفس إلى نور الهداية وتمسك به وحافظ على إشعاعه بداخلك، فالعدل الحقيقى عند الله فلا ملجأ منه إلا إليه وهذا يجعلك تتمسك بلحظات الاختيار الحر فى حياتك مهما كان ما تمر به من فقر وجوع ومرض وابتلاءات فلن يجبرك أحد مهما كان على فعل شىء لا تريده لأنه الوحيد المطلع عما تكنه نفسك.







مشاركة




التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

دكتور سمير البهواشى

راااااائع

عدد الردود 0

بواسطة:

عصام كرم الطوخي

شكر وتقدير

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة