إبراهيم داود

الصنعة

الأحد، 17 مايو 2015 07:36 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أحيانا يكون الهروب إلى كتاب قديم أو كاتب له منزلة فى قلبك حلا، وخصوصا فى الأيام التى تكون مرتبكا ومتوترا فيها، وعاجزا عن صياغة آرائك بوضوح بسبب ضباب ما، الأرجنتينى خورخى لويس بورخس واحد من هؤلاء، ربما لأنه لم يكن مندفعا فى التعبير عن آرائه فى السياسة ومتابعة الأحداث مثل الصحفيين، حين فقد بصره سنة 1967 قدم سبع محاضرات «صدرت فى العربية باسم سبع ليال»، لم يقرأ من ورقة كما كان يفعل، اعتمد على مخزون الصور والخيالات التى ستواصل الرحلة معه، بدأ محاضراته بالعمى أو اقتراح العمى، ثم دخل على ألف ليلة والبحث عن الزمن المفقود ودون كيخوته، ثم ذهب إلى هارفارد ليقدم ست محاضرات عن الشعر فى العام نفسه، ترجمها صالح علمانى منذ سنوات، تحت اسم «صنعة الشعر»، فى هذا الكتاب، يمكننا أن نتقبل حرفيا تأكيد بورخيس بأنه يتقدم متلمسا طريقه، وأن تكوينه هو سلسلة من التعاسات المتنوعة، لقد كان ضليعا ومتبحرا بصورة فسيحة، وأحد الموضوعات الأساسية فى أعماله هو موضوع «العالم كمكتبة لا متناهية»، فى الكتاب تحاور مع نصوص تبدأ من هوميروس وكيتس وويتمان وجويس وألف ليلة بالطبع، تحدث عن لغز الشعر، الشعر الذى نعرفه ولا نستطيع تعريفه، تماما مثل عجزنا عن تعريف مذاق القهوة أو اللون الأحمر أو الكراهية أو حب بلادنا، كان يعتقد أن الذكاء لا علاقة له بعمل الكاتب، لأن إحدى خطايا الأدب الحديث هو امتلاكه الكثير من الوعى بذاته، ويرى أن بيت الشعر الحر أصعب بكثير من الأشكال الموزونة والكلاسيكية التقليدية، بدليل أن القوافى اللانهائية تجعل العمل سهلا، والكلمات مخصصة لتجارة الحياة اليومية العادية، والشاعر هو الذى يحولها إلى شىء سحرى، كان يرى أن النزول إلى مستوى بلاغة الصحافة (ليست صحافتنا طبعا) من شروط الإبداع، لأن من وظائف الشعر إعادة اللغة إلى منبعها الأصلى، كان يعتبر القارئ شخصية متخيلة، وهو أيضا يفكر طوال عمره فيما يريد عمله، ويفعل ما يستطيعه.. كى لا يفسده.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة