يسرا محمد سلامة تكتب: فارس المؤرخين العرب

السبت، 16 مايو 2015 02:11 ص
يسرا محمد سلامة تكتب: فارس المؤرخين العرب ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
"المؤرخون العرب والدراسات التاريخية منذ إنشاء الجامعة المصرية" كان هذا عنوان المؤتمر السنوى للجمعية المصرية للدراسات التاريخية والذى عُقد يومى 28، 29 أبريل الماضى، تم تكريم العديد من المؤرخين المصريين الذين كان لهم دور بارز فى المدرسة التاريخية على مر السنوات السابقة، والذين أثّروا فى الكتابة التاريخية فى فتراتٍ طويلة فجاء تكريم شيخ المؤرخين أ. د.محمد محمود السروجى، والعلّامة الرائع أ. د.رؤوف عباس، والقديرة أ. د.لطيفة سالم.

ولأن المؤتمر هذا العام يحمل عنوان "المؤرخون العرب والدراسات التاريخية"، اغتنمت هذه الفرصة لأُكرّم بشكل خاص – رُغم أنه لا ينتظر تكريم منى ولا من أى شخص – أستاذى المؤرخ العظيم صاحب العطاء الذى لا ينضب أبدًا، ومؤسس مدرسة التاريخ العثمانى فى جامعة الإسكندرية المغفور له بإذن الله تعالى الأستاذ الدكتور عمر عبد العزيز.

بداية تعارفى بسيادته كانت عن طريق كتاباته أولاً، فقد تعايشت طوال فترة دراستى فى الجامعة مع مدرسته فى الكتابة التاريخية، أسلوب سلس، بسيط، يصل إلى الطالب بسرعة دون تعقيد، ودون مراوغة، فالفكرة مكتوبة بشكلٍ دقيق كى تصل مباشرةً؛ مما يجعلنا نحن كطلاب نستمتع بما هو مكتوب ونرغب فى قراءة المزيد من الأحداث التاريخية، تلك كانت البداية.

بعدها وفى مرحلة الدراسات العليا كنت قد قررت التخصص فى التاريخ الحديث والمعاصر؛ لحبى الشديد له ورغبتى فى استكمال دراستى به، وبسبب الدكتور عمر!!، نعم بسبب دكتور عمر، فما سمعته عنه وما عرفته من فيض علمه جعلنى أتشوق للقائه والتتلمذ على يديه، فأىُ شرفٍ هذا وأى فخر؟!! أخيرًا سألتقى به!! إنه القلق المُغلّف برهبةِ لقاء العظماء – لكن – سرعان ما زالت هذه الرهبة وذلك القلق بمجرد رؤية بشاشة وجهه، طلةٌ مشرقة لا يمكن وصفها، تدعو إلى الراحة من أول وهلة، ما هذا؟! الوقوف فى محرابه شرفٌ لم أكن أحلم به ، لكنه حدث لسنةٍ كاملة تعلمت فيها الكثير والكثير، تعلمت معنى أن تكون باحثًا جدير بالاحترام من خلال ما تكتبه، أن تكون بغير هوى أمينٌ مع المادة العلمية محل دراستك، والأهم أن تكون مُتميزًا فى مجال تخصصك فلا تنساق وراء السرب، بل يجب عليك أن تجعل لنفسك هوية يُعتد بها، أمور لم أكن أجرؤ ولا أتوقع أن أتعلمها فى هذا العمر الصغير وبلا خبرة حياتية، إلا لو جاء هذا التعلم عن طريق عملاق المدرسة التاريخية الأستاذ الدكتور عمر عبد العزيز، هل هو الحظ السعيد، أم دعاء أمى الصادق لى، أم ثمن اجتهادى؟!، الحقيقة أنا لا أعلم أين الإجابة، كل ما أعلمه وأُدركه جيدًا أنه صاحب الفضل بعد الله عز وجل، فيما صِرت إليه الآن وفى تحديد مستقبلى الأكاديمى، فلولاه ما كنت تخصصت فى هذا الفرع الدقيق – التاريخ الاقتصادى – ولولاه ما كانت ستصبح دراستى فى مرحلة الماجستير فى هذا الموضوع الذى درسته ولا الفترة الزمنية التى صاحبت الدراسة، فهو الوحيد الذى لجأت إليه عندما وددت فى دراسة هذا الموضوع واستشرته فكان لى الناصح الأمين.

وبطيبة وحنان الأب، وحزم وحسم الأستاذ الفقيه فى مجال التخصص، أمسك بورقةٍ وقلم وشرع فى كتابة بعض المراجع التى من الممكن أن أستفيد منها فى موضوع الدراسة، ثقةٌ جعلتنى لا أخشى مواجهة ما كان ينتظرنى من مشقة البحث العلمى، فياله من حظ إذا كان حظًا، وياله من قبول من السماء إذا كان دعاء أمى، ويالها من نتيجة مذهلة إذا كان ثمنًا لمجهودى، ومع أنى لم أنل شرف أن يتفضل بالإشراف علىَّ - وكان هذا من حظى العثر - إلا أنه ظل يُتابعنى ويسأل عنى طول فترة دراستى فى الماچستير وحتى انتهائى منها، إنه الحرص على المستقبل الذى كوّنه ورمى بذرته فأراد أن يرى ثمرته بعينيه، ويشهد ميلاد باحث جديد شَرب من ينبوع عطائه وخبراته العلمية، لن أنسى يومًا حرفًا واحدًا ألقاه على مسامعى هذا القدير، لن أنسى لفتةٍ واحدة صدرت منه لى، لن أنسى ابتسامة واحدة ارتسمت على وجهه الذى كان يُشع دائمًا بطاقةٍ من نور مُستمدة من نفسه الصافية النقية، نعم العظماء لن يتكرروا، سيظلون دومًا قامات شامخة خالدة تبقى على مر الزمان، وفى كل مكان تظل سيرتهم تُعطّر الألسنة عندما يُذكرون، أستاذنا ستظل معى فى كل وقت وأينما حللت فى حِلّى وترحالى، فأنتم القدوة وبكم نحيا ونُقسم لكم أننا سنسير على الدرب.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة