رغم قسوة الحياة وما يصادفنا من متاعب وصدمات فمن الممكن السيطرة على حالتنا النفسية، فالناجحون يدركون ذلك جيدًا حتى لا تبقى حياتهم مهددة بفقد السيطرة عليها وحتى لا يفلت زمام الأمر منهم فى التوجه الوجهة الصحيحة وقت الأزمات، وحتى لا يكونون تحت رحمة أى شىء قد يصادفهم من ظروف وإخفاقات مما قد يصيبهم بحالة مزمنة من الإحباط واليأس.
فإذا أردت أن تتناغم مع الحياة وتشعر براحة البال وحتى لا تعيش فى حالة مزاجية أنت لا ترغبها فأنت مطالب بضرورة تغيير الحالة النفسية وقت الشدائد، وأن تنظر إلى باقى النعم التى وهبك الله لها بتفكر وتدبر، فإذا استمر الإنسان فى التفكير فيما لا يملكه أو فى الأشياء التى ليست فى استطاعته أو التى ليست فى يده، حتما سيفقد الكثير من راحة باله وسعادته، وسيحصل على القليل من النجاحات فى حياته. على عكس من يتمتع بفكر ورؤية واضحة ويقدر معنى وجوده وحياته المليئة بالعديد من الأشياء التى يطمح فى إنجازها ويساعده فى ذلك أصدقاء أوفياء. لذلك تجدهم عندما يتعرضون لشىء يعكر صفو مسيرتهم يشعرون بالرضا دون تذمر أو استياء.
لذلك تجد الكثير منا دائما ما يركز على الجانب السلبى فيما يعترضه من متاعب، وذلك لعوامل عدة منها جذب الانتباه له والشفقة والتماس الأعذار بمعنى التركيز على الأخطاء فقط أو على ما أصابنا من ابتلاءات، فلو مرض الإنسان أو أصيب فى حادث فإن تركيزه على ما يشعر به من الم فقط مع أن باقى أجزاء جسده بخير وسوف يزول المرض بمرور الوقت ولو تمعن بهدوء لوجد أن ما حدث له كان خيرا كبيرا ومنع عنه شرا أكبر كان كفيلا بؤد حياته.
يقول أحمد أمين إبراهيم: "إن الصعاب فى الحياة أمور نسبية فكل شىء صعب جدًا عند النفس الصغيرة جدا ولا صعوبة عظيمة عند النفس العظيمة وبينما النفس العظيمة تزداد عظمة بمبالغة الصعاب إذ بالنفوس الهزيلة تزداد سقمًا بالفرار منها، وإنما الصعاب كالكلب العقور إذا رآك خفت منه، وجريت عنه، نبحك وعدا وراءك، وإذا رآك تهزأ به ولا تعيره اهتمامًا وتبرق له عينك، أفسح الطريق لك، وانكمش فى جلده منك". لذلك نجد حالتنا النفسية تتأثر بكلامنا ومشاعرنا، وما يشغل فكرنا ينعكس على ما نقوله ومشاعرنا، وما نستشعره من أحاسيس يؤثر بالضرورة على مردود أقوالنا وأفعالنا مما يجعلنا نعيش حالة نفسية مشبعة بالانهزامية والصور السلبية لذلك العديد من سلوكياتنا يكون مصدرها الحالة النفسية والعصبية التى نمر بها وقت حدوث مشكلة ما أو نعيشها. يقول مالكوم إكس: "ليس هناك أفضل من الشدائد.. فإن كل هزيمة، كل حسرة، كل خسارة، تحتوى على بذورها الخاصة؛ دروسها الخاصة فى كيفية تحسين أدائك المرة القادمة".
فكثيرا ما تسوء حالتنا النفسية بسبب فشلنا فى التعامل مع الضغوط النفسية بشجاعة، فتستهلك من تفكيرنا وأجسادنا تفاؤلنا وإقبالنا على الحياة، مما تضيف إلينا مشكلات إضافية على المدى البعيد، لأننا لا ندرك كيفية التعامل مع أنفسنا وقت ظهور المؤثرات الخارجية أو وقت الشدائد مع افتقادنا إلى كيفية استدعاء القدرة من الثوابت الضرورية والقدرات الغير عادية عند الاحتياج إليها والتى تحقق لنا الرفعة للاحتفاظ بقدر من التوازن لعبور تلك المحنة.
يجب أن نقاوم أى فكرة مدمرة أو خاطرة متنافرة أو أفكار معادية للنفس تذهب بنا إلى الوهن واستنزاف طاقاتنا وراحتنا النفسية بتكرار الإيحاءات السلبية لأنها ستجعلنا فى النهاية نستكين إلى ضعفنا وتفقدنا اهتمامنا بالحياة وتعطل قدراتنا وكل قوانا العقلية والروحية فلا تستجيب لأى نداء يعيد لها توازنها.
ورقة وقلم
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة