رمضان جاب الله يكتب: الحل الأمنى وحده لا يكفى

الأربعاء، 13 مايو 2015 12:04 ص
رمضان جاب الله يكتب: الحل الأمنى وحده لا يكفى سوق خضار ـ أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى التسعينيات شهدت القاهرة تجربة ناجحة لنقل سوقين من أكبر أسواقها للجملة، وهما سوق روض الفرج للخضراوات والفاكهة، وسوق السمك بمنطقة شادر السمك بشارع بورسعيد، وقد مرت التجربة بمعوقات كثيرة حتى اكتملت، ومنها أن التجار امتنعوا عن الذهاب لسوق العبور وقامت الشرطة بالتعامل معهم أكثر من مرة حتى امتثلوا أخيرا، وأصبح سوق العبور ما نعرفه الآن.

عندما زرت منطقة وسط البلد مؤخرا وجدت بعض الباعة الجائلين – الثابتين - قد رحلوا والبعض يحاول العودة إلى مكانه على استحياء، والشرطة دوما فى حالة تأهب للعائدين الذين لم يمتثلوا، وهناك موقف سيارات ميكروباص عشوائى فى أول طريق التسعين بالتجمع الخامس وسط الفيلات الفاخرة، وطبعا اجتذب عربات الفول وبائعى العرقسوس حتى صارت منطقة عشوائية وسط منطقة مخططة حديثا والشرطة متأهبة دوما والميكروباص موجود دوما وقت أن تسهو أو تغفل القوة الأمنية التى تمنعه.

سردت لك ثلاثة مواقف تناقش الحل الأمنى ومدى نجاحه وحده دون إيجاد البديل الذى تخير الشخص بينه وبين الخطأ الذى تود معاقبته عليه، ففى المثال الأول تعنت تجار الشادر وروض الفرج فى النقل لسوق العبور لبعد المسافة، وظنهم أن الزبائن لن تأتى إليهم، وما إن تم الضغط عليهم أمنيا حتى امتثلوا وربح الكل لأنه يوجد بديل ولأنه بديل واقعى وناجح.

وفى تجربة وسط البلد لم ينجح الحل ولن تتوقف الشرطة عن مطاردة البائعين لأن البديل بأسواق الترجمان لا يناسبهم وسواء كان الخطأ عندهم أم عند من خطط للبديل فذلك لا يصنع فارقا أن عليهم دائما مواجهة الشرطة للعودة لاحتلال الطرق بوسط البلد، وعلى الشرطة مواجهتهم دوما فى حل أمنى مثل صخرة سيزيف لا يفنى أبدا وإنما يتحول من صورة لأخرى.

وفى تجربة موقف الميكروباص العشوائى بالتجمع الخامس يكون الموقف الأسوأ، فلا يوجد أى موقف مواصلات بديل يخدم البسطاء، خصوصا الذين يعملون فى الخدمات بالتجمع والذين غالبا لا تسمح لهم ظروفهم باقتناء سيارات خاصة، وعلى الميكروباصات أن تخترع حلا يبعدها عن قبضة الشرطة ويسمح لهم بأكل العيش دون وجود موقف، ومعناها أن المعركة مستمرة أيضا دون حل، فضلا عن أن حل تخصيص موقف بعيد أو غير مناسب سيجعل تجربة وسط البلد تتكرر، طبعا مع وجود أماكن متاحة لمواقف مقترحة مثل تحت الكوبرى الجديد الذى يعبر الدائرى على بعد خطوات من الموقف العشوائى.

أقول إن الحل الأمنى وحده ليس حلا لمشاكل الناس، وإنه لابد من الحل المجتمعى معه، وإيجاد البدائل الحقيقة التى تتيح للمواطن أن يستمر فى ممارسة نشاطه أو أكل عيشه وفى نفس الوقت لا يعتبر مخالفا للقوانين، وتجربة سوق العبور ونقل شادر السمك وسوق روض الفرج خير دليل.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة