ليس مهمًا إن كان وزير العدل استقال أو تمت إقالته، لأن المهم هو كيفية التعاطى مع أزمة التصريح المنسوب للوزير الخاص بعدم أهلية أبناء عمال النظافة فى تولى أى من المناصب القضائية، فرد الفعل الرسمى كان سريعًا بعدما اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعى غضبًا من الوزير.. ما يهمنى أيضًا فى هذه الأزمة أننا يمكن استنتاج عدة أمور، أو قل عنها حقائق جوهرية لا ينبغى أن نتغافلها تحت أى ظرف.
الحقيقة الأولى أن وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعى مازالا يملكان دفة توجيه الرأى العام المصرى، فى ظل غياب تام للأحزاب المنشغلة بالصراعات الداخلية، وتسارع قياداتها للظهور الإعلامى، وتجاهل العمل الميدانى والتواصل مع الشارع.
الحقيقة الثانية أن حكومة المهندس إبراهيم محلب بحاجة لعملية ترقيع واسعة تشمل الوزراء الذين تحولوا إلى عبء على الرئيس والدولة المصرية بشكل عام، سواء من خلال ضعف أدائهم، أو عدم نضجهم سياسيًا، ورغبة بعضهم فى أن يكونوا سكرتارية للرئيس ينفذون التعليمات فقط، دون أن تكون لديهم رؤية مستقبلية للحل، أو استراتيجية لإدارة القطاعات المسؤولين عنها.
الحقيقة الثالثة أننا مازلنا نعانى من ازدواجية، فما قاله وزير العدل حول عدم أهلية أبناء عمال النظافة فى تولى المناصب القضائية ما هو إلا إقرار لواقع موجود بالفعل، ليس فى القضاء فقط، إنما فى مؤسسات عدة بالدولة، سواء كانت حكومية أو خاصة، ليس هذا فقط، إنما بداخل كل منا هذا الشخص العنصرى الذى ينظر بطبقية شديدة لأصحاب المهن التى يطلقون عليها المهن الدنيا.
الحقيقة الرابعة أننا إزاء عملية ممنهجة للنيل من الرئيس وما يقوم به، بل التقليل من الإيجابيات التى تحققت خلال الأشهر الماضية، وللأسف هذه العملية تخوضها وسائل إعلام وإعلاميون ليس مفهومًا حتى الآن لماذا يفعلون ذلك، رغم أنهم كانوا أول الداعمين للسيسى.. المفهوم الوحيد لدى أن لدى هؤلاء أو من يدفعونهم لهذا الاتجاه مصالح لدى الرئيس يريدون تحقيقها، ويحاولون الضغط عليه بالهجوم الإعلامى الذى يصل إلى مرحلة التجريح فى بعض الحالات، لذلك فإن المطلوب من الرئيس هو الحسم، لأن التيار سيشتد، والحملة ضده ستستعر، والمتحولين سيتزايدون إذا لم يكن الرئيس حاسمًا ضد هؤلاء.