40 دقيقة بالتمام والكمال انقطع فيها الإرسال واسودت الشاشات، وكأن مصر بلا صوت وأصابها الخرس لأول مرة فى التاريخ منذ أن انطلق التليفزيون العربى أو تليفزيون جمهورية مصر العربية حاليا، وكالعادة وكأننا نعيش فى «جمهورية الموز»، سارع مسؤولو ماسبيرو بجميع قطاعاته إلى الـتأكيد على أن المسألة قضاء وقدر لا توجد شبهة تخريب، وأن انقطاع الكهرباء وتذبذب التيار هو ما أدى إلى تلك الكارثة..وكأن تلك هى المرة الأولى التى ينقطع فيها التيار وكأنها المرة الأولى التى تتذبذب فيها الكهرباء فى مصر، وكأن القائمين على ماسبيرو يعيشون فى كوكب تانى، الكهرباء تنفى وماسبيرو يلقى بالمسؤولية على الوزارة.. والمسؤولون بالمبنى يخرج علينا بعضهم بتصريحات عنترية عن المبادرة بالاستقالة، فى حالة ثبوت أن هناك إهمالا!! وأيا كان سبب كارثة الإظلام المفاجئ لماسبيرو وتسويد الشاشات، فالاستقالة لا معنى لها، وأيضا الاعتذار للشعب لا يعنى شيئا، خصوصا وأن الشعب يستحق الاعتذار عن أشياء كثيرة.
ما حدث فى ماسبيرو قابل للتكرار لأنه وببساطة يعكس كارثة حقيقية فى الحكومة ويبدو أن ماسبيرو الذى يعد أمنا قوميا - «إذا كان البعض قد نسى أو تناسى ذلك» - والتى أظن أن القائمين عليها يتعاملون مع تأمين مبنى ماسبيرو بنفس عقلية التعامل مع أى مبنى حكومى وهو نفس حال مسؤولى ماسبيرو، ذلك المبنى المثقل بالعمالة والأزمات، حاله مثل حال الوطن.. كيف يسمح أى مسؤول أيا كان منصبه أن يكون هناك ولو بنسبة واحد فى المئة أن يصمت صوت مصر؟! كيف وصل الإهمال واللامبالاة إلى تلك الدرجة.
عصام الأمير رئيس الاتحاد.. استقالتك وحدها لا تكفى، سيادة رئيس الوزراء اعتذارك تأخر وليس له معنى، خصوصا وأنه لا يعكس إلا حالة الارتباك التى تشهدها الحكومة يا رئيس الوزراء، وما يؤكد كلامى هو حالة التخبط ومحاولة كل طرف نفى تهمة التقصير عن نفسه، حيث أكد مصدر فى وزارة الكهرباء أنه بالتزامن مع العطل الداخلى للوحة الداخلية لمبنى التليفزيون حدث خروج للدائرة 220 كيلو فولت فى الساعة 4:59 أدى إلى حدوث ذبذبة بالشبكة، لافتاً إلى أن هذا العطل استمر لفترة واستمر انقطاع الكهرباء عن ماسبيرو لمدة 35 دقيقة حتى تم الانتهاء من إصلاحه، وشدد المصدر على أن تلك التفاصيل تؤكد أن وزارة الكهرباء ليس لها علاقة بتلك الكارثة.
وسواء كان المتهم فى تلك الواقعة وزارة الكهرباء أو القائمين على ماسبيرو من إدارة ومهندسين وفنيين جميعكم فاسدون وفشلة، لأن التستر على الإهمال والسماح بوقوعه لا يعكس إلا إدارة مهترئة، ومرتعشة لا تستطيع أن تحكم السيطرة على المبنى، وبمعنى أكثر دقة غير قادرين على حماية صوت مصر، ويكفيكم أن اسمكم سيرتبط بتلك الكارثة فى تاريخ مصر وليس تاريخ الإعلام فقط، أنتم تديرون ماسبيرو بمنطق من يعيشون فى جمهورية الموز - مع كامل التقدير لتلك الفاكهة - حتى عندما شهدت مصر انقطاعا كاملا للكهرباء فى عام 89 لمدة ساعتين وقت أن كان صفوت الشريف وزيرا للإعلام وعبدالحليم موسى وزيرا للداخلية أظلمت مصر ولم يظلم ماسبيرو يا سادة، وإذا كنتم لا تقدرون أهمية المبنى اتركوه لمن يستطيع إدارته والحفاظ عليه.