حزب الوفد هو حزب عريق، ويطلق عليه أنه الحزب التاريخى، حيث إنه ظهر للوجود نتيجة للهبة الشعبية الوطنية عام 1919، كما أن زعماءه ومن ترأسه هم قامات وطنية بدءا من سعد زغلول مروراً بمصطفى النحاس، حتى فؤاد سراج الدين، ولكن بعد سراج الدين وبوصول نعمان جمعة لرئاسة الحزب، وصار هناك صراع معلن بين قياداته ليس خلافاً فى الرؤى الحزبية، نهوضاً بالحزب، ولكن للأسف كان صراعاً على مواقع لم تعد ذات تأثير، ولكن حباً فى الظهور الإعلامى وأملاً فى التواجد النخبوى، الشىء الذى لا يتوافق مع الوفد ولا مع تاريخه الذى أصبح بلا مستقبل. فهل ما يحدث فى الوفد الآن هو مرض وفدى؟ أم أنه مرض حزبى بشكل عام ليس وليد اليوم، ولكنه مرض صاحب الحياة الحزبية منذ بداياتها؟ فقد عرفت مصر الأحزاب منذ النصف الثانى من القرن التاسع عشر استحضاراً لفكرة غربية، ولكنها كانت بهوية مصرية، حيث قد تأثرت بالظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية آنذاك، تلك الظروف التى أوجدت الأحزاب ليس على أساس المبادئ والبرامج السياسية والحزبية التى تهدف إلى تحقيق آمال طبقة أو جماعة جماهيرية يجمعها المصير، ويتحكم فيها الواقع وترنو إلى مستقبل أفضل، من خلال حزب يحقق لها هذه الآمال، ولكن هذه الظروف قد خلقت حياة حزبية تأثرت بالموروث المصرى البطريركى «الأبوى» الذى يعتمد على الفرد، سواء كان فرعوناً أو حاكماً أو زعيماً سياسياً، ولذلك رأينا الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل فبعده راح الحزب، وأصبح أثراً بعد عين. وحزب الوفد قد اعتمد على زعامة سعد زغلول تلك الزعامة التى لم تمنع هذا الصراع الشخصى الذى لبس ثوباً سياسياً فوجدنا عدلى يكن ينشق عن الوفد ويشكل حزب الأحرار الدستوريين. وظل هذا الصراع وتلك الأمراض تتواصل حتى يوليو 52 التى اعتمدت على الحزب الواحد، والغريب أن هذا المرض ظل ومازال متوطناً، حيث إنه بعد عودة الأحزاب عام 1978 وكانت يمين ويسار ووسط، وأضيف إليها حزب العمل الاشتراكى، فوجدنا بعد تشكيل السادات للحزب الوطنى تفتتا، وضاع حزب الوسط وهرول الجميع إلى حزب السادات. ثم وجدنا عام 1989 أول انشقاق فى الحياة الحزبية بعد عودتها فى حزب العمل بعد سيطرة جماعة الإخوان على الحزب نتيجة للتحالف الانتخابى عام 1987. وقد أعلن حزب العمل الاشتراكى الذى رأسه أحمد مجاهد وكان كاتب هذه السطور نائباً له فى مقابل حزب العمل الإسلامى. وظل المرض يؤتى نتائجة سواء كان لتدخل قيادات الحزب الوطنى الذى كان تواجده يعتمد على إفشال الحياة الحزبية حتى يكون بمفرده فى الساحة. أو عن طريق تلك الإدارة الأبوية للأحزاب التى اعتمدت على الشخصيات التاريخية «خالد محيى الدين، إبراهيم شكرى، فؤاد سراج الدين»، ولذلك نجد ما يحدث نتيجة طبيعية لواقع حزبى مريض وضعيف ولا علاقة له بأى قيم سياسية أو تنظيمية، ولكنها أحزاب تعتمد على اسم الرئيس أو على العائلة أو على القدرة المالية، ولذا نجد الأحزاب فرصة للتواجد الإعلامى وإثبات الذات وتحقيق المصالح الشخصية، دليل ذلك هذه المسخرة التى شاهدناها فى ما يسمى بالائتلافات الحزبية، وتلك المعارك الصبيانية بين الأحزاب التى لا تملك أى تواجد جماهيرى، فلن يكون هناك أحزاب بغير برامج حقيقية تخاطب المواطن وتقنعه بحلول مشاكله وتعطيه الأمل فى مستقبلة. لا أحزاب بدون إيمان حقيقى بالحزب وبرنامجه، وبالجماهير والارتباط بها وبالوطن والانتماء إليه، ولا مكان لنخبة وأحزاب، فقدت ذاتها، ففقدت صلاحياتها، حمى الله مصر من كل هؤلاء.
عدد الردود 0
بواسطة:
د اديب عطا الله
مش فاهم لية مش بترد
هو الابعد شهادتة اية بالضبط ؟