احتفالا بذكرى ميلاد شاعر العربية الراحل

الناقد أحمد حسن عوض يكتب: سميح القاسم.. جسد الشعر جسد المقاومة

الإثنين، 11 مايو 2015 05:04 م
الناقد أحمد حسن عوض يكتب: سميح القاسم.. جسد الشعر جسد المقاومة الناقد احمد حسن عوض

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

أجل تتكاثر في قاع نومي الأفاعي
أمدّ ذراعي إلى كوكب من الفضاء البعيد
تحز البروق شرايين صدري
وأصرخ لا ألمًا
صرختي شارتي أنني لا أزال على الأرض جسمًا وحزنًا
أمد ذراعي وأصرخ من لوعة ، يا حبيبة عمري
نموت ولا لن نموت ..
أجل جسدي أمة ويدي دولة
ودمي ثورة وأصابع كفي مزارع
أوردتي منشآت، جبيني مصانع
أنفي جسورُ وساقي شوارع
أذني مدارس عيني بيوت
وإني أموت ولا لن أموت
يكاد هذا النّص الشعري الفائق المكثّف أن يكتنز جوهر الرؤية الشعريّة في تحولاتها الأخيرة لدى شاعرنا الفلسطيني الكبير الراحل سميح القاسم الذي نحتفي بذكرى ميلاده السادسة والسبعين . وكأنه احتفال متجدّد بروح الشعر المقاوم الذي ظلّ يكتبه سميح القاسم ورفاقه الشعراء الفلسطينيون الكبار محمود درويش ، توفيق زياد ، راشد حسين ، سالم جبران وحنا أبو حنا.
وهو شعر يعي طبيعة الصراع ، ولا يحلّق في فضاء زاعق أو يدّعي بطولة مفارِقة للواقع الأليم الذي تخاذلت فيه الأنظمة العربيّة عن أداء دورها النضالي بقدر ما يؤكد بطولة المقاومة وصمودها العاتي في وجه العدوان الصهيوني الغاشم عبر الاعتراف بكثرة المتآمرين الذين يرمز لهم سميح القاسم بالأفاعي المتكاثرة في منامه في النّص المشار إليه، مؤكدًا في الآن ذاته على أنّ الصرخة الفلسطينيّة ليست ألمًا بقدر ما هي شارة أو أيقونة تؤكّد تجذّر الجسد الفلسطيني في عمق أرضه حتى وإن ظلّ مُسّيَّجًا بالحزن، بل إنّ هذا الجسد يتحوّل في التأويل المتفرّد للشاعر إلى جسد كوني مفارق يحتفظ بصلابة فائقة تقاوم الانتهاكات العدوانيّة والممارسات القامعة ، وتفرغ فعل انتهاك الأرض من محتواه ليصبح هذا الجسد الشعري العملاق بتجلياته المتعددة هو الحافظة الحاوية لمظاهر الحياة الفلسطينيّة المستلبة، والكينونة البديلة التي تؤثّر على تجدد معنى الحياة وتخلقها من خلال التحرك الإسنادي من (مبتدأ) الجسد الشعري إلى (خبر) المجتمع الفلسطيني المشتهى.





جسدي أُمّة

يدي دولة

فمي ثورة

أصابع كفّي مزارع

أوردتي منشآت


جبيني مصانع
أنفي جسور

ساقي شوارع
أذني مدارس
عيني بيوت


إنّ هذا الصنيع الرمزي البديع يؤكّد في معناه القريب التطوّر الصاعد لهذا الجسد الشعري الأسطوري الذي يترسّم حدوده بحدود الوطن المفتقد ويجتلي صورته في مرآة الوطن الحلم ، ويؤكد في معناه العميق قوة إيمان شاعرنا سميح القاسم بوظيفة الشاعر وبدور الشعر عبر اجتراحه لتقنية الكتابة بالجسد ، وهي تقنية مبتكرة وظّفها الشاعر بسلاسة لتعقد تصالحًا بديعًا بين روح الفن وابتكاره وروح الالتزام وانتمائه ، وتصنع تآلفا محبًبًا بين قضية الشعر وشعر القضيّة.


موضوعات متعلقة.

.
- أحمد حسن عوض يكتب: صلاح عبد الصبور .. ميلاد جديد










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد عبد الحميد

إبداع نقدى موازى

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة