وقالت المحكمة فى حيثيات حكمها، "من التحقق بملف قضية النيابة الإدارية رقم 652 لسنة 2013 نجع حمادى أنه قد تم تحريرها بخط غير مقروء، حيث استحال على المحكمة الوقوف على مضمون ما تضمنته من عبارات، على النحو الذى يجعل ذلك التحقيق غير محقق للغاية التى قصدها المشرع من ورائه أو الضمانات التى ابتغاها من إجرائه، ولما كان ذلك، وكان الأصل فى الإنسان البراءة، وكانت الإدانة يجب أن تقوم على دليل قطعى لثبوتها، وقد خلت الأوراق من سند يمكن الاطمئنان إليه".
الأوراق جاءت خالية من تحقيقات للنيابة الإدارية بخط واضح مقروء
وأضافت المحكمة فى حيثياتها، أن الأوراق جاءت خالية من تحقيقات للنيابة الإدارية بخط واضح مقروء، فضلا عن عدم اشتمالها على أى دليل إثبات آخر يصلح أن يكون سندا لإدانة المحال، وكانت مذكرة تصرف النيابة الإدارية وإن كانت موجودة بملف الدعوى إلا أنها لا تغنى عن التحقيقات مقروءة الخط ولا تقوم مقامها، وهو الأمر الذى تكون معه أوراق الطعن الماثل قد خلت مما يدلل على ثبوت المخالفات فى حق المحال، فضلا عن أنه لا يمكن معه الوصول للحقيقة بشأن تلك المخالفات بطرق الإثبات الأخرى، الأمر الذى لا تطمئن معه المحكمة إلى ثبوت تلك المخالفات.
وأشارت المحكمة إلى أنها لا تزيد على كونها مخالفات قد أُسست على شفا جُــرُفٍ هارٍ فانهار بها، إذ أن مذكرة النيابة الإدارية قد اكتفت بتوجيه الاتهامات وترديدها ونسبتها إلى الطاعن دون أن يتم تقديم الأدلة الدامغة على ذلك، كما أن التحقيقات غير واضحة الخط المرفقة بالأوراق قد شابها الخلل، وقصرت عن إثبات وتحقيق وإظهار وجه الحق فى مدى ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعن على نحو قانونى صحيح، وجاءت هدرا لا يمكن التعويل عليها بحال لعدم استكمالها أركان التحقيق القانونى الصحيح بما يلقى ظلالاً كثيفة من الشك حول مدى صحة المخالفات موضوع الطعن من الأساس، مما يجعل تلك التحقيقات مشوبة بالبطلان، على نحو لا يمكن معه القول بثبوت المخالفات الماثلة فى حق الطاعن على نحو يقينى دون أن يكون لهذا القول سند من الأوراق، إذ لا يقوم على الشك إدانة، الأمر الذى يتعين معه والحال كذلك القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر عشرة أيام من راتبه.
تحقيقات النيابة على هذا النحو هى والعدم سواء
وأوضحت المحكمة ان ما ذكرته الحيثيات لا ينال من ذلك ما قد يُــحاج به من وجود تحقيقات كاملة للنيابة الإدارية بالأوراق، إذ أنها وهى على هذا النحو من عدم الوضوح تكون والعدم سواء، لأنها لا تشى بشىء عن مدى ثبوت المخالفات المنسوبة إلى الطاعن فى حقه من عدمه، ومن ثم فإنه لا يمكن التعويل عليها بحال، وقد كان من الأجدر بالمُحقق أن يُطالب كاتبها بتجويد خطه، فإن هو لم يفعل استبدل به مَــن هو خير منه خطاً، لا من هو أسوأ منه خطاً، وبالتالى لم يتم تفادى سوء خط التحقيقات، ما حال بين المحكمة حال نظرها الطعن الماثل وبين استنطاق تلك التحقيقات ومعرفة ما خفى فيها، إذ عادت كلها خفاء، بحيث لا يمكن معرفة ما تخبئه بين ثناياها، بما يستتبعه ذلك من عدم إمكان معرفة مدى ثبوت المخالفات الماثلة فى حق الطاعن من عدمه.
المحكمة تتطالب النيابة أن تتقى الله فى عملها
وفى النهاية تُهيب المحكمة بهيئة النيابة الإدارية - حرصاً على مظهرها العام، وتأكيداً على حرصها على أمانة الوظيفة العامة ومقتضى مجازاة المخالفين لواجباتها - أن تتقى الله فى عملها وأن تراعى عدم تكرار ذلك مستقبلاً، إذ ليس هذا الحكم هو الأول من نوعه فى هذا الخصوص إذ سبقته أحكام كثيرة فى هذا الشأن، لا سيما الأحكام التى يكون موضوعها تحقيقات أُجريت بنيابة نجع حمادى الإدارية، وتؤكد المحكمة أنه من المثير للاستغراب أن تكون سلطة الاتهام عالمة بخطئها منتبهة إليه أكثر من مرة ثم تكرر ذات الخطأ وكأنها لا تلقى بالاً أو اهتماماً للمصلحة العامة أو حتى لمقتضيات وظيفتها فى حماية المال العام أو حتى لمظهرها كهيئة قضائية على الأقل.
وبناء عليه حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار إدارة نجع حمادى التعليمية - شئون عاملين - عقوبات الصادر بتاريخ 15/10/2014 فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وكان ابراهيم سيد محمد على مدرس بمدرسة نجع حمادى الثانونية بنين، أقام الطعن رقم 75 لسنة 23 قضائية، مختصماً محافظ قنا ووكيل وزارة التربية والتعليم بقنا ومدير الإدارة التعليمية بنجع حمادى بصفتهم، مطالبا بإلغاء قرار الجزاء رقم 2483 لسنة 2013 فيما تضمنه من مجازاته بخصم أجر عشرة أيام من راتبه، وما يترتب على ذلك من آثار، مع إلزام المدعى عليهم بصفتهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال الطعن، إن الطاعن يشغل وظيفة مُدرس بمدرسة نجع حمادى الثانوية بنين الدرجة الأولى، وأنه بتاريخ 30/11/2013 صدر فى شأنه قرار سكرتير عام محافظة قنا رقم 2483 لسنة 2013 بمجازاته بخصم أجر خمسة عشر يوما من راتبه، وذلك لما نسب إليه بتحقيقات النيابة الإدارية بنجع حمادى فى القضية رقم 652 لسنة 2013، من أنه لم يُسجل تحضير الدرس لطلاب الصف الثانى الثانوى فصل 2/1 ثانوى الحصة الثانية والثالثة بدفتر التحضير يوم 26/2/2013، ولم يسجل غياب الطلاب لذات الحصتيتن، ولم يسجل الأهداف العامة لمادة المجال الصناعى للصف الثانى الثانوى بدفتر التحضير، ولم يسجل موضوعات المنهج للصف الثانى الثانوى الفصل الدراسى الثانى للعام الدراسى 2012/2013، وكذا عدم إحضاره الطلاب لحجرة المجال الصناعى من الفصل 2/1 ثانوى، لتلقى الحصة الثانية والثالثة يوم 26/2/2013، كما تحدث بأسلوب غير لائق وبصوت مرتفع مع صلاح الدين محمد شاهين مدير مدرسة نجع حمادى الثانوية بنين يوم 26/2/2013، وأضاف الطاعن أنه وقع بما يفيد العلم بصدور القرار الطعين بتاريخ 14/12/2013، وأعقب ذلك بالتظلم من القرار الطعين لمحافظ قنا والذى قرر بتاريخ 25/4/2014 تخفيض الجزاء ليكون بخصم أجر عشرة أيام من راتبه بدلاً من خمسة عشر يوماً، ثم أصدرت إدارة نجع حمادى التعليمية القرار التنفيذى بتاريخ 15/10/2014 بخصم أجر عشرة أيام من راتب الطاعن، وأضاف الطاعن أنه تظلم من القرار الأخير بتاريخ 16/11/2014 ولجأ للجنة فض المنازعات بالطلب رقم 5124 لسنة 2014 بتاريخ 13/11/2014 والتى أصدرت توصيتها بجلسة 25/12/2014 بحفظ الطلب، ولما كان القرار التأديبى المطعون فيه لم يلق قبولا ً لدى الطاعن الأمر الذى حدا به إلى إقامة الطعن الماثل.
موضوعات متعلقة
- المحكمة التأديبية تلغى قرار مجازاة مدرس بقنا تحدث بأسلوب غير لائق مع مديره