تستحوذ السينما على مساحة جيدة فى الثقافة المجتمعية العربية والغربية، لم تعد معها مصدراً للترفيه فقط، وإنما تحولت إلى مصدر ثقافى أيضاً، ورغم أهمية السينما إلا أن هيمنة هوليوود على صناعة السينما العالمية مكنها من التأثير على شرائح المجتمع العربى، ومن بينها الطفل الذى لم ينجو من التأثر بما تقدمه بعض أفلامها من مشاهد وأفكار غريبة، وفى هذا السياق، فقد شكل الطفل العربى وعلاقته بالسينما محوراً بارزاً فى الندوات التى يقيمها مهرجان الشارقة القرائى للطفل فى دورته السابعة المقامة حالياً فى مركز اكسبو الشارقة بتنظيم من هيئة الشارقة للكتاب.
وحملت الندوة عنوان "الطفل العربى والسينما"، وركزت د. مانيا سويد فى محاضرتها التى قدمتها فى ملتقى الثقافة وأدارها نوزاد جعدان، على ما خلفته بعض الأفلام السينمائية من تأثيرات سلبية على الطفل، مثيرة بذلك مجموعة أسئلة حول دور الرقابة فى حفظ الطفل من التعرض لكميات العنف العالية الموجودة فى الأفلام، ودور شركات الإنتاج فى تقديم أفلام عربية قادرة على تلبية احتياجات الطفل العربى، داعية فى الوقت ذاته إلى ضرورة إدخال السينما ضمن المنهج الدراسى لما تحتفظ به من قدرة على تنمية القدرات الفكرية للطفل وإطلاق خياله، ليتمكن من رواية حكايته التى يريد، لتشهد المحاضرة تفاعلاً ملحوظاً من قبل زوار المهرجان الذين دعوا أيضاً إلى ضرورة تفعيل دور الرقابة الأسرية لحفظ الأطفال من التأثر بما تقدمه بعض الأفلام من أفكار.
فى بداية محاضرتها أوضحت د. مانيا سويد طبيعة الخطر المترتب على تعرض الأطفال لبعض أفلام السينما، واصفة إياه بالمرض الخطير الذى يحتاج إلى علاج، وقالت: "نحن أمام مخاطر عدة، متنوعة ومتشعبة: فهناك مخاطر الانحراف بشتى صوره الدينى والأخلاقى والاجتماعى والقانونى، وهناك مخاطر العبث فى التكوين الثقافى والتشويه لثروة التقاليد والموروثات التى تعد عنواناً للهوية الاجتماعية، وغيرها"، مشيرة إلى أن طبيعة الخطورة تكمن فى سيطرة السينما على ثقافة الطفل، وبالتالى توجيهها نحو ما لا يرضينا، منوهة إلى ضرورة الانتباه لهذا الجانب عبر تحديد العيوب ومواطن الخطر التى تحويها مثل الأفلام على الناشئة، ما يساعد على تجنيب الطفل التأثيرات السلبية والتى تجلت، بحسب د. مانيا، فى ظهور أنماط سلوكية غريبة على الطفل، لم يعد معها يخاف من مشاهد العنف والانفجارات وأصوات الطلقات، كما أصبحت تستهويه مشاهد المطاردات.
وردت د. مانيا سبب العلة إلى طبيعة كتابة وإعداد سيناريو بعض الأفلام، وقالت: "بحسب تقديرى، ما دام الأمر يتعلق بعمل سيقدم للطفل فمن الضرورى أن يعكف على إعداد السيناريو فريق عمل يضم جميع الاختصاصيين المعنيين بالطفولة وشئونها، لنضمن بذلك حدا أدنى من الجودة التى تجنبنا المخاطر التى نخشاها". مؤكدة فى هذا الصدد على الدور الذى تلعبه الرقابة فى تحصين الطفل، وقالت: "لا ينبغى أبداً على الأطفال مشاهدة أفلام الكبار حتى فى حضورنا، لأننا إذا استطعنا أحيانا أن نفسر لهم الأحداث بما يلائم إدراكهم وفهمهم، فإننا لن نتمكن من تفسير بعض المشاهد التى تقدم للكبار". وأضافت: "علينا أن ندرك أن السينما فى الغالب لا تعرض حقائق وإنما تقدم وجهات نظر المخرج والمؤلف والممثل، وهنا مكمن الخطورة على الطفل، الذى قد يتأثر بوجهات النظر هذه بطريقة تؤثر على سلوكياته".
وفى هذا السياق، أكدت أننا بحاجة إلى كافة أنواع الرقابة، التى تكفل تقليل حجم الضرر الذى قد يقع على الطفل، نتيجة لتعرضه للأفكار الغريبة التى تبثها بعض الأفلام.
وبرغم ذلك، فقد أشارت د. مانيا إلى أن السينما ليست سيئة بالمطلق العام، قائلة إن لها إيجابيات عديدة، وتطرقت فى ذلك إلى تجربة الإمارات فى صقل مواهب الطفل السينمائية، والتى قالت إنها سبقت الركب العربى من خلال تقديمها لمهرجانات سينمائية خاصة بالطفل، وهى مهرجانى الشارقة السينمائى الدولى للطفل، والأطفال السينمائى الدولى فى دبي، والتى سمحت للطفل خوض تجربة السينما والتعايش معها من خلال إنتاج أفلام تشبهه وتحاكى واقعه.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة