تقديرًا من الدولة لاحتياج الأطفال الأيتام للعون والمساعدة فى مصر، خصصت الدولة يومًا للطفل اليتيم يقام فى الجمعة الأولى من شهر أبريل من كل عام فى أنحاء الجمهورية، وفى جميع مؤسساتها على السواء، تقام فعاليات هذا اليوم لهذا الطفل اليتيم، والطفل اليتيم معناه هنا (يتيم الأب أو الأم أو الاثنين معًا)، وهذا لا بأس به، ولكن هل كل طفل يتيم بهذا المفهوم يحتاج أن نحتفل به ونخصص له يومًا من أيام السنة، وتحتفل به وتكرمه جميع مؤسسات الدولة؟، هل جميع الأطفال الأيتام بهذا المعنى المذكور فعلا محتاجون لمساعدة من الجميع؟، ومحتاجون لإلقاء الضوء عليهم ليتبناهم أهل الخير؟، وحتى يتم مساعدتهم بطريقة أو بأخرى، وحتى لا يشعرون بفرق بينهم وبين أقرانهم فى المدارس والمعاهد والنوادى أو حتى فى الشوارع التى يلعبون فيها؟.
إن هذا اليوم الذى تم تخصيصه لهذه الفئة من الأطفال أو الأولاد الذين يراهم المجتمع فى حاجة للرعاية والتعويض النفسى للأبوة أو الأمومة أراه أمرًا قاصرًا ومتحيزًا لفئة بعينها كى تسلط عليها أضواء التليفزيون والفضائيات، فئة ليست بحاجة لعائل يوفر احتياجاتها، ولكن هناك ملايين الأطفال يعيشون فى الشوارع وتحت الكبارى، وفى الورش الميكانيكية، ويعملون فى المهن اليدوية الشاقة التى لا يتحملها أى طفل على الإطلاق، ورغم ذلك فهم يتمتعون بأب وأم، ولكن!! جهلاء ـ فقراء ـ ضعفاء، وكل شىء جائز، أليس هؤلاء أحق بالرعاية وتسليط الأضواء عليهم بدلا من استثنائهم من قاعدة الأيتام التى تخصص مسمى لا يحدد فقرا أو تشريدا أو ضياعا لهؤلاء الأطفال، وهذا المسمى يفتقر للعدل والمساواة، لأنه عندما نريد مساعدة أحد فليس بالضرورة أن يكون يتيمًا، ولكن الضرورة تحتم علينا جميعًا أن من يستحق المساعدة هم أولى بهذه المساعدة، وأولى بتسليط الضوء عليهم، وليس كل طفل غير يتيم لا يحتاج لهذه المساعدة، ولكن الطفل اليتيم فعلا هو من لا يجد من يرعاه، من لا يجد من يعلمه، من لا يجد من يوجهه، من لا يجد قدوة حسنة أمامه فى بيته وفى مدرسته وفى مسجده، وفى الشارع الذى يلعب فيه، الطفل اليتيم هو الذى يولد فى مجتمع لا يعترف به كإنسان من حقه أن يفكر، ويبدع، ويدلى برأيه فى كل شىء، ومن الممكن أن يقع فى يد أحد المخربين والإرهابيين، وبذلك يكون صيدًا سهلاً لترويضه لتجنيده وتحويله لإنسان كاره لجميع الناس، رافض لكل شىء، ومن الممكن أيضًا أن يقع فى يد شباب البانجو وما أدراك ما البانجو أصبح أرخص من السجائر.
الطفل اليتيم هو الذى لا يُنظر إليه بعين رأفة أو حنان أو إحسان ممن حوله.
عزيزى القارئ هناك بعض التوضيح لهذه النظرة للأطفال، فلابد من تصنيف الأطفال كى نعرف ما يحتاجه الطفل فعلا ونبدأ فى مرحلة البحث عن تعويض هذا النقص والاحتياج.
1ـ طفل يتيم - غنى - وهذا يحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية فى المقام الأول، ومن يقوم على رعاية أمواله حتى يكبر ويرشد ويستطيع القيام على أمواله، ويعتمد على نفسه.
2ـ طفل يتيم ـ فقيرـ وهذا يحتاج إلى رعاية نفسية واجتماعية أيضًا، ثم مساعدة مادية من المجتمع المحيط به من أهله وأقاربه ثم جيرانه ومن الدولة، فهو فى أمس الحاجة لمن يكفله حتى يصير عضوا نافعا فى المجتمع.
3ـ طفل ضائع ـ غير يتيم ـ وهذا الطفل أبواه أحياء أموات، وهو الطفل الأكثر شيوعا فى المجتمع، وهو الطفل الذى يتسرب من التعليم لجهل مدرسيه، لجهل الأسرة، وانحراف الأبوين أو انفصالهما، ولعدم وجود القدوة الحسنة فى المجتمع، فهذا الطفل أشد الأنواع خطورة حيث يتخرج من هذا النوع بالتحديد محترفى الإجرام مما يعوم على المجتمع فى النهاية بالضرر، وهذا يرشدنا إلى حل الموضوع منذ بدايته، وهو أن الطفل لو وجد الرعاية المناسبة منذ صغره والتوجيه المطلوب فلن يتحول إلى مجرم محترف الإجرام، وبالتالى نكون قد وفرنا على أنفسنا مجهودا كبيرا ووقتا أكبر.
فيجب علينا جميعا أن نعرف ونحدد من هو الطفل الذى يحتاج للمساعدة فعلا، ونفكر لو أن هذا الطفل لم تقدم له المساعدة كيف سيكون حاله فى المستقبل، من خلال هذه النظرة يمكن تحديد الفئة الأجدر بالرعاية والاهتمام من الأطفال، حتى يمكن أن نضمن لهم مستقبلا مضيئا خاليا من الإجرام والانحراف.
قال تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ) (9) الضحى. حفظ الله أولادنا وبلدنا من كل مكروه وسوء.
احتفال بأطفال أيتام - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة