انفصال جنوب اليمن

«اليمن الموحد فى طريقه إلى الانتهاء»، هكذا حدثنى صديق إعلامى يمنى قبل أيام.

تحدث عن بلد ممزق منذ فترة طويلة، قال إن الأطراف الخليجية لعبت دورا رئيسيا فى تفريغ مضمون ثورة الشعب اليمنى ضد حكم على عبدالله صالح، وأن هذه الأطراف تجنى الآن ثمار ما فعلته، حيث ساعدت على إبقاء نفوذ صالح، وأهمها نفوذه فى الجيش، وفى نفس الوقت كانت العيون مقفلة أمام التمدد الإيرانى فى الداخل، فعبر سنوات مضت كانت إيران تستقبل وفودا يمنية لأغراض مختلفة، بعضها لتنمية العلاقات السياسية وبعضها لأغراض إعلامية وبعضها لأغراض تدريبية فى مجالات متنوعة، وساهم كل ذلك فى صناعة علاقات تتحول إلى ولاءات يوما بعد يوم.

قال محدثى: بينما كانت إيران تفعل ذلك، كانت السعودية تخفف من متانة علاقاتها مع الأطراف القبلية التى لها علاقات تاريخية بها، وفيما كان العرب منشغلين بخلافاتهم ولا يربطهم مشروع واحد، كانت إيران تنفذ خطتها على مهل.

شدد محدثى على تخوفه مما سيحدث فى المستقبل بالنسبة لجنوب اليمن، مؤكدا أنه بعد كل ما يجرى الآن فى عدن، لن يستطيع أحد الحديث عن «يمن واحد»، فأهل الجنوب يتساءلون الآن: لماذا تدفع «عدن» فاتورة الحرب؟ لماذا يأتى الشمال هكذا بحروبه إلى الجنوب؟ لماذا كل هذا الدمار والخراب الذى يلاحقها من الاشتباكات اليومية والضربات الجوية؟ لماذا تبقى «عدن» محاصرة هكذا من كل الأطراف، من الحوثيين، من رجال على عبدالله صالح، من القاعدة، وغيرهم؟

يشير محدثى إلى أن ما جرى فى عدن والجنوب بعد الوحدة اليمنية يستحق الدراسة والتوقف عنده طويلا، فبعد أن كانت المدينة أقرب إلى الحداثة وبعيدة عن هيمنة التيارات الدينية المتطرفة، أصبحت تحت سيطرة النفوذ السلفى، بدرجة جعلتها الأكبر فى اليمن فى هذا الأمر، أى أن هناك ردة كاملة عما كان موجودا من قبل، وبالتالى أخذت عدن من الشمال أكبر أمراضه السياسية، وهذا أمر أصبح جزءا من المعادلة السياسية المطروحة حاليا، فالحنين إلى الماضى أصبح موجودا لدى قطاع من اليمنيين الجنوبيين فى مواجهة قطاع آخر مستفيد من أوضاع ما بعد الوحدة، وهذا يعطى سببا إضافيا لخطر المستقبل، فالذين يرون أن الوحدة تسببت فى كارثة سيستندون على الخراب الذى يحل الآن.