وقال قداسة البابا فى نص الرسالة "أخريستوس انيستى، اليثوس انيستى.
إننى أهنئكم بعيد القيامة المجيد، الذى هو فرح أفراحنا وعيد أعيادنا، والقيامة فى الحياة المسيحية ليست مجرد حدث تاريخى ولا هى مجرد مناسبة احتفالية نحتفل فيها بمظاهر متعددة، ولا هى بالطبع مجرد يوم عابر".
وأضاف البابا، أن القيامة هى حجر الأساس فى خطة فدائنا التى أتمها ربنا يسوع المسيح على خشبة الصليب، القيامة مركز إيماننا، وهى أيضا تحقيق الغفران للإنسانية، والقيامة محور الجهاد الروحى، فجهادنا الروحى بدون القيامة ليس له أى معنى".
وتابع البابا، إن القيامة أيضا هى الأمل والرجاء للأبدية القادمة، بدون القيامة لامعنى لإيماننا المسيحى، بدون القيامة لا يوجد سلام لحياتنا الأرضية كل يوم، وبدون القيامة لا يوجد عندنا رجاء للمستقبل، نور القيامة يشع فى حياة الإنسان ويشع فى حياة كل فرد وفى كل مرحلة من حياته.
ويمكن أن يأتى السؤال هل المسيح جاء ومات فعلًا؟، فبالطبع حادثة القيامة وقعت منذ أكثر من 20 قرنا من الزمان، وحادثة القيامة التى حدثت لم تتم فى الخفاء، لكن كان عليها شهود، وشهود البشر ليسوا واحدا أو اثنين، بل شهود متعددون، قائد المائة الذى طعن جنب المسيح على الصليب وحراس القبر هم شهود على قيامة المسيح. بيلاطس البنطى الذى أقام محاكمة صورية للسيد المسيح، ثم بحركة مسرحية غسل يديه وقال هذه العبارة الشهيرة "إنى برىء من دم هذا البار" (متى 27: 24 ). ولتلاحظوا التناقض فى العبارة "برىء وبار" و"بأسلمه للمحاكمة والموت".
وأشار البابا فى نص البرقية، "أن الكهنة ورؤساء الكهنة اليهود أيضا شهود لما حدث عند الصليب، وما حدث وقت القيامة، النساء اللاتى ذهبن فجرا يحملن الحنوط ويقدمنه كن شاهدات على قيامة السيد المسيح، ولكن فى نفس الوقت كان هناك شهادات مادية على موت المسيح على الصليب وقيامته، أذكركم بحجاب الهيكل الذى انشق وقت الصليب، أذكركم بالزلزلة التى حدثت، أذكركم أيضًا بالحجر الكبير، الذى وضع على باب القبر، وكل الدهشة أن هذا الحجر كان يحرس ميتا، فكأنهم كانوا خائفين من هروب ميت، أذكركم بالأكفان، التى وجدها التلاميذ فى موضع دفن السيد المسيح. أذكركم بالحراس، كما قلت الذين ضبطوا القبر، أذكركم بالختم، وهذا الختم هو علامة الحاكم، وأذكركم أنه كان قبرًا جديدًا لم يدفن فيه أحد من قبل الله فى إقامة الإنسان قدم له الكثير، قدم له وعدا بالخلاص ونفذ هذا الوعد، هذه هى خطة إلهية: التجسد، والصلب، ثم القيامة، اذكركم بحادثة فى بداية خدمة السيد المسيح عندما ذهب الى عرس قانا الجليل وأتم أول معجزاته فى عرس قانا الجليل، حيث حول الماء إلى خمر، إلى عصير عنب، عندما قالت له أمنا العذراء مريم "ليس لهم خمر" ( يوحنا 2: 3 )، كانت تقصد ليس لهم فرح، فالعذراء مريم تتكلم بلسان العهد القديم كله، كل العهد القديم ليس عندهم فرح الخلاص، فرح القيامة كلمة خمر فى الكتاب المقدس تعنى فرح، والسيد المسيح يجاوبها بإجابة غريبة، يقول لها: "مالى ولك يا امرأة لم تأت ساعتى بعد" ( يوحنا 2: 4 ). هذه الساعة هى ساعة الصليب وساعة القيامة، وهى ساعة الفرح للإنسان من أجل هذا نحن نصلى فى صلاة الساعة السادسة ونقول: "نشكرك لأنك ملأت الكل فرحًا أيها المخلص لما أتيت لتعين العالم، يارب المجد لك"، كيف نستجيب للقيامة؟ وكيف نستفيد من القيامة؟ سوف أذكر لكم ثلاث نقاط رئيسية لهذه الاستجابة ".
وتابع، ان هناك الاستجابة الواجبة، هيرودس عندما سمع بخبر ميلاد المسيح لم يذهب ليرى المسيح، قال للمجوس "اذهبوا وانظروه وتعالوا اخبرونى" ، (متى 2: 8 ). استكثر هذا الامر، شعر انه لا يليق أن يفعل ذلك الوصية تقول "اقتربوا الى الله يقترب اليكم" ، ( يعقوب 4: 8 ) ولأجل هذا السبب ذهبت المريمات فى فجر القيامة الى القبر لينلن هذه البركة الكبيرة، لينلن بركة زيارة القبر المقدس فى فجر يوم القيامة، كيف كان مقدار هذه البركة؟ فى الاستجابة الواجبة، هناك يكون حضورك وإحساسك وشعورك الداخلى".
وأكد البابا، يوجد شخص عندما تكلمه فى موضوع ما تجد استجابة إرادته حارة، فمثلا فى العهد القديم عندما طلب الله من إبراهيم أن يقدم ابنه ذبيحة.. لم نسمع أنه تكاسل أو تباطأ، بل قام مبكرا وأخذ دابته وابنه والحطب والسكين فى استجابة حارة، يوجد شخص علاقته مع المسيح تكون علاقة حية، وكلها حرارة روحية، ولأجل هذا السبب يقدم لنا الكتاب وصية هامة ويقول: "اذكر خالقك فى أيام شبابك" (الجامعة 12: 1). حيث توجد الحرارة الروحية، وتوجد الإرادة".
وأوضح البابا، بمعنى أن يستمر الإنسان فى الحياة الروحية يوجد شىء نطلق عليه "وقت التفاعل"، وفيه يكون الإنسان فى حالة تفاعل مع الله من خلال الصلوات والكتاب المقدس ووسائط النعمة، ومن خلال الأصوام والقراءات الروحية والخدمة الروحية، كل هذا يجعل الإنسان فى حالة استجابة دائمة، الاستجابة الدائمة تشعر الإنسان بأنه يحيا فى نور القيامة.. لأجل هذا السبب كنيستنا تجعل القيامة واجبة وفاعلة ودائمة فى كل يوم.
يمكنك أن تلاحظ أنه فى كل يوم تكون صلاة باكر فى الاجبية هى تذكار القيامة".
وتابع، إن يوم الأحد من كل أسبوع، هذا هو اليوم الذى صنعه الرب، تذكار للقيامة، كل شهر قبطى فى يوم 29 نحتفل بتذكارات البشارة والميلاد والقيامة، كل سنة نحتفل بعيد القيامة ليس يوما واحدًا بل 50 يوما، ونعتبر أن هذه الأيام الخمسين ليست أياما عادية فى الأسبوع لكنها أيام أحد، أو يمكننا أن ندعوه "يوم أحد طويل"، وهذا هو التعبير عن الوجود فى الأبدية، لاحظوا أن فترة الخماسين 7 أسابيع، تبدأ بأحد ثم تنتهى بأحد أيضًا، عيد القيامة وعيد العنصرة يحددون الخمسين يوما، هذا هو تعبير عن الحياة الكاملة أو حياة الكمال فى الملكوت.
وأشار البابا إلى أن عيد القيامة هو الفرحة الكبيرة، التى يعيش فيها الإنسان، ويكفى أن فى التقليد الكنسى فى كل يوم عندما بنصلى التسبحة. أول صلاة فى التسبحة فى صلاة نصف الليل نقول: "قوموا يا بنى النور"، قوموا، تفكرنا بالقيامة، وعندما نرتل قطعة من القطع الجميلة فى وسط التسبحة، قطعة اربسالين، تبدأ بجملة رتلوا للذى صلب عنا وقام وغلب الموت، القيامة إحساس وحياة وهذا يجعلنا أن نقول مع بولس الرسول: "لأعرفه وقوة قيامته وشركة الأمة متشبها بموته" ( فيلبى 3: 10 ). من خلال القيامة يمكننى أن ابنى علاقة قوية وعلاقة معرفة شخصية بينى وبين شخص المسيح".
وأنهى البابا الرسالة " اننى أنتهز هذه الفرصة لأقدم تهنئة كاملة لكم جميعًا، لكل الكنيسة، الآباء الأساقفة والآباء الكهنة، وللشمامسة ولكل الخدام والخادمات، لكل الشباب والشابات، لكل الأطفال، الأولاد والبنات، بأقدم أيضا المحبة لكل لجان الكنائس فى بقاع الأرض، وأقدم أيضًا المحبة لكل الذين يعملون ويخدمون بالروح والحق، وبأدعوكم أن تعيشوا فى فرحة القيامة ليس فى عيد القيامة فقط لكن فى كل يوم من أيام حياتكم".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة