بدأ الكثيرون الترويج لفكرة أن الضربات التى ينفذها التحالف العربى ضد الحوثيين فى اليمن هى بداية لحرب مذهبية بين الشيعة والسنة، وهدف هؤلاء واضح، وهو تعميق الخلافات المذهبية الدينية بين مسلمى المنطقة، وللأسف تتدخل بعض الدول لتغذية هذا التوجه من خلال تحويل الصراعات السياسة لكى تأخذ الطابع أو البعد المذهبى الطائفى.
ببساطة، فإن ما يحدث فى اليمن أزمة سياسية استقوت خلالها جماعة أنصار الله الحوثى بإيران لفرض سيطرتها وسطوتها على كامل الأراضى اليمنية بالتحالف مع الرئيس المخلوع على عبدالله صالح، الذى ما زال الحلم يراوده لكى يعود إلى السلطة مرة أخرى، من خلال الدفع بنجله أحمد إلى المقدمة بالتحالف مع الحوثيين، وهو ما لاقى تجاوباً من الحوثيين، ومن الداعم الأساسى لهم وهى إيران، كون أن اشتداد الصراع مرة أخرى فى اليمن هو تهديد للأمن القومى السعودى، وهو الأمر الذى تحبذه إيران فى إطار خطتها لتطويق المنطقة والمملكة بمناطق نفوذ وسيطرة، تبدأ بالعراق واليمن، ومن قبلها فرض السيطرة على سوريا ولبنان من خلال أذرعها فى الدولتين.
اللعبة سياسية من الدرجة الأولى، نعم يقف خلفها هدف مذهبى تقويه إيران، لكن دول التحالف، حينما قررت المبادرة بتوجيه ضربات عسكرية ضد الحوثيين لم يكن فى حسبانها أو تفكيرها هذا الفكر المذهبى أو الطائفى، الذى ترعاه إيران حالياً، فمصر والسعودية وبقية الدول المشاركة فى التحالف استشعرت الخطر الذى يداهم المنطقة، حينما يستقوى فصيل بالسلاح لمواجهة الشعب والدولة، بما يهدد ليس اليمن فقط، وإنما دول الخليج المجاورة لليمن، بل والمنطقة كلها، فالهدف فى البداية كان سياسياً تلعب فيه الدولة الإيرانية دوراً كبيراً من خلال إمداد الحوثيين بالسلاح والخبراء الذين مكنوهم من الانقلاب على السلطة الشرعية الممثلة فى شخص الرئيس عبدربه منصور هادى، لكن إيران الآن، وحينما رأت أنها والحوثيين يخسرون المعركة سياسياً وعسكريا،ً بدأوا فى تحويلها لحرب مذهبية من خلال الترويج لفكرة أن هدف «عاصفة الحزم» هو تشكيل تحالف سنى لمواجهة الشيعة، فى تكرار للمظلوميات التى يبرع الشيعة فى نسجها.
إيران حالياً تتعامل على أنها الوصية على شيعة العالم، وهى التى تحدد لهم حاضرهم ومستقبلهم، وهى المتحدثة باسمهم، والهدف بالطبع واضح ومعروف للجميع، فهى رغم توصلها لاتفاق مبدئى مع القوى الست الكبرى حول برنامجها النووى، لكنها لا تريد أن تترك الكروت التى منحتها القوة فى مواجهة العالم، فإيران لن تتخلى أبداً عن الحوثيين فى اليمن أو حزب الله فى لبنان ولا شيعة البحرين والعراق أو العلويين فى سوريا ورئيسها بشار الأسد.. لن تتخلى عنهم ولا عن فكرة الحرب المذهبية لأنها الورقة التى تناور بها الغرب، وإذا فقدتها فإنها ستقف عارية تماماً أمام الجميع.