قصة قد تكون غريبة بعض الشىء وقد تكون مؤلمة ومؤثرة، لكنها حدثت بالفعل وهنا فى مصر، ولم يكن اختيارى لعنوانها بالشىء الهين بل توقفت كثيرا لأنتقى عنوانا لهذه القصة التى يجب أن تدرس جيدا لنستخلص منها المفيد كما يجب أن نأخذ رأى أهل العلم من أهل التحليل النفسى والتربية.
وتبدأ القصة مع هذا المعلم الذى يعمل فى مدرسة فى منطقة نائية (واسمحوا لى فى عدم ذكر المكان أو حتى الأسماء فربما كان لها تأثير غير محمود)، فما يهمنا الآن هو الواقعة بغض النظر عن أبطالها، هذا المعلم بطل تلك القصة يمكث فى تلك المدرسة لسنوات طوال فهو من إحدى محافظات الوادى الضيق.
واختياره لهذا المكان لعوامل مادية بحتة وذلك للاستفادة من الفارق فى المرتب فقط فهو فى عمل روتينى بحت، وتبدأ القصة بطفل يلتحق بالمدرسة بالصف الأول الابتدائى ولكن المعلم بطل قصتنا لم تصله الطرق الحديثة للتربية فهو مازال ينصب تفكيره على العقاب البدنى فقط فبالضرب ولا شىء غيره سوف تصل المعلومات للطفل وهى السبيل الوحيد لتثبيت حشو الكتب فى رأس التلميذ.
وكان أول الدروس أن يحفظ الطفل فاتحة الكتاب، ولكن الطفل لم يحفظ كما أمره المعلم فانهال عليه ضربا حتى كره هذا الطفل المدرسة وقبلها ذلك المعلم، وتحت الإكراه البدنى اليومى حفظ التلميذ الفاتحة ومر العام الأول وظن الطفل أنه عندما ينتقل إلى صف آخر سوف يتخلص من ذلك المعلم، ولكن للأسف وجده هو معلمه فى الصف الثانى وبدأ يتهرب الطفل من المدرسة حتى تركها تماما.
مرت السنوات سريعا ثم أتت ثورة يناير 2011 وحدث الانفلات الأمنى الخطير لاسيما فى المناطق النائية، وفى تلك الأثناء كان المعلم بطل تلك القصة قد اشترى سيارة متواضعة لتسهل عليه الانتقال من منزله فى محافظة إقامته إلى تلك المنطقة النائية وحال عودته من مقر عمله متجها إلى بيته استوقفه مجموعة من الملثمين.
فارتبك ارتباكا شديدا وكما يحكى بنفسه فقد أيقن بالموت القريب وفقد السيطرة على أعصابه وصار يستعطفهم وهم يأخذون منه مفاتيح السيارة وكل ما يملك فيها ثم يقول له أحدهم أذهب للكبير وأشاروا إلى أحدهم الذى يجلس فى سيارته على بعد أمتار فإذا بشاب ملثم يقول له هل تعرفنى؟ فيقول له لا فيقول له الشاب أنا (فلان) هل تذكره؟ (أنا ذاك الطفل الذى ضيعت مستقبله وحولت مسار حياته ليكون هكذا قاتل وقاطع طريق ومتطرف فكريا).
يقول المعلم أيقنت ساعتها أننى هالك لا محالة بل وبدأت أردد الشهادة فى صدرى فالموقف جلل فبدأت استعطفه وأقول له أننى صاحب أولاد وأسرة وقتلى لن يفيدك وخذ ما تريد السيارة وما أملك بل وملابسى إن شئت ولكن اتركنى أعيش فيرد عليه الشاب بقوله والله إنى أتمنى ليس قتلك فقط بطلق نارى حتى لا أقضى على حياتك بشكل سريع بل أتمنى أن أقتلك بطريقة يكون فيها أعلى درجات التعذيب فأنت السبب الرئيسى فيما أنا فيه.
ولكنى سوف أتركك لسبب وحيد هو أنك علمتنى (فاتحة الكتاب) فهى فقط شفيعك عندى وبدأ يكيل له السباب ويعطيه درسا فى كيفية التربية وأساليبها الحديثة فى حين أن بطل قصتنا يعد الثوانى التى تمر عليه سنوات ويستبطئ الوقت حتى يفلت من هذه المصيبة التى وقع فيها.
عزيزى القارئ هذه قصة حقيقية وليست من تأليفى وأردت أن أطرحها عليك لنشترك جميعا فى التفكير فيها ونستخلص منها العبر ونبحث من خلالها كل الجوانب التى أدت لحدوثها بداية من البحث فى تنمية المناطق النائية وصولا إلى إصلاح العملية التعليمية فهى قصة ليست للتسلية وإنما لاستخلاص ما فيها من عبر.
تلاميذ فى فصل
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مشهور
لا يزال اسلوب ارهاب الطفل اسواء وسائل التعليم
عدد الردود 0
بواسطة:
عمر حلمي
رائعة وبها العبر