أكد إيهاب سعيد، خبير سوق المال، إنه بالنظر إلى تعديلات قانون ضمانات وحوافز الاستثمار رقم 8 لسنة 1997، والتى ظهرت أخيراً بعد فترة انتظار طويلة على شكل تعديلات على القانون السابق، تبين أنها قد اشتملت على تعديلات غاية فى الأهمية والإيجابية، ومن المنتظر أن تحدث فارقا واضحا فى نظرة المستثمر سواء المحلى أو الأجنبى خلال الفتره القادمة.
وأضاف أنه على الرغم من أننا كنا نطمح فى مزيد من التحفيز، خاصة فيما يتعلق بالمحفزات الضريبية، خاصة أن مصر تمر بفترة من أصعب فتراتها على مدار تاريخها المعاصر فى ظل اضطرابات إقليمية وظروف جيوسساسية غير مسبوقة وحالة من العداء والترقب الشديدين من قبل بعض الدول والتى لا يخفى على أحد سعيها بكل الطرق إلى إضعاف مصر سواء على الصعيد الداخلى أو الخارجى.
وكل هذه الأمور بطبيعة الحال كان على المشرع أن يضعها فى اعتباره وهو يقوم بإجراء تلك التعديلات، وعلى كل حال وبمبدأ ليس فى الامكان أفضل مما كان، فإذا ما نظرنا على الجانب الإيجابى فى تلك التعديلات سواء التى تم تعديلها أو إضافتها فأظنها تنحصر فى بعض المواد، وأبرزها من وجهة نظرنا على سبيل المثال وليس الحصر، إجازة تسوية منازعات الاستثمار بالطريقة التى يتم الاتفاق عليها مع المستثمر أو وفقا لأحكام قانون التحكيم فى المواد المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 27 لسنة 1994، فالمعروف أن من أهم معوقات الاستثمار فى مصر هو بطء عملية التقاضى أمام القضاء العادى وهو الأمر الذى بدأت العديد من الشركات الخاصة فى الهروب منه عن طريق الاتفاق على جواز اللجوء للتحكيم فى المنازعات التى تنشأ بين طرفى التعاقد بدلا من المحاكم المدنية المختصة، وحتى المحاكم الاقتصادية لم تكن حلا لتلك الأزمة لاسيما وأنها تخلو من خبراء حقيقين فى مجال الاستثمار وهذا باعتراف المحكمة ذاتها.
وشملت التعديلات أيضاً إقرار مبدأ التصالح فى الجرائم المنصوص عليها فى الباب الرابع من الكتاب الثانى من قانون العقوبات وهو فى رأيى أحد أهم تعديلات هذا القانون، سيما أنى كنت شخصيا أول من نادى فى أعقاب ثورة الخامس والعشرين من يناير مباشرة بضرورة التصالح مع رجال الأعمال على غرار قانون التصالح الذى طبق بين رجال الأعمال و البنوك لضمان استردادها للقروض الضخمة التى حصلوا عليها بدون ضمانات فى تسعينات القرن الماضى، فالقانون رقم 88 لسنة 2003 المعدل (قانون البنك المركزى) يجيز انقضاء الدعوى الجنائية بالتصالح إذا ما قام رجل الأعمال بسداد ما عليه و جدولة ديونه بضمان ممتلكاته، وهو ما حدث بالفعل مع الكثير من رجال الاعمال..بعدما اكتشفت الحكومة آنذاك أن البنوك المقرضة لن تستفيد من سجن هؤلاء و لكن الفائدة تكمن فى استراداد أموالها، عدا عن استعادة الثقة المفقودة لدى رجال الاعمال الشرفاء الذين تم تصويرهم من قبل البعض على انهم مجموعة من الفاسدون عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وأما التعديل الابرز فكان بطبيعة الحال فى تفعيل الشباك الواحد والموجود اصلا فى وزارة الاستثمار منذ سنوات ولكنه لم يكن مفعل، وهذه المادة الجديدة تقوم على أن هيئة الاستثمار هى من يتولى التعامل مع الجهات الادارية المختصة لاستيفاء التراخيص والموافقات بدلا عن المستثمر .. على ان تلتزم كافة أجهزة الدولة بمنح التراخيص والموافقات بالتعامل مع الهيئة دون غيرها، وبطبيعة الحال ستسهل تلك المادة على المستثمر اجراءات الحصول على التراخيص والتصاريح اللازمة لبدء مشروعة وقصر المدة الزمنية المستغرقة والتى كانت تمتد فى بعض الحالات لسنوات عدة.
وأضيفت كذلك بعض المواد فيما يتعلق بتخصيص الاراضى والعقارات تصب جميعها فى صالح المستثمر ايا ما كانت جنسيته .. وتم استحداث ماده مؤقتة لمدة خمس سنوات تنتهى فى ابريل 2020 تنص على انه يجوز لأغراض التنمية دون غيرها وفى المناطق التى يصدر بتحديدها قرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس الوزراء التصرف فى الاراضى والعقارات المملوكة للدولة ملكيه خاصة بدون مقابل للمستثمرين الذين تتوافر فيهم الشروط الفنية والمالية المحددة سواء كان التصرف بدون مقابل بنظام جق الانتفاع أو بالتملك أو باى صورة اخرى من صور التصرف .. وهذه المادة بطبيعة الحال ستلقى معارضة من قبل البعض سيما هؤلاء اصحاب نغمة "بيبيعوا البلد" وأن كنا نرى انها مادة غاية فى الايجابية خاصة وانه محددة المدة ولمدة خمس سنوات فقط وهى الفترة الصعبة التى يمر بها الاقتصاد المصرى كما سبق واشرنا فى البداية
وقد شملت التعديلات ايضا بعض المحفزات الاستثنائية خاصة للمشروعات كثيفة العمالة أو التى تعمل على تعميق المكون المحلى فى منتجاتها أو التى تستثمر فى مجال الخدمات اللوجيستية أو تنمية التجارة الداخلية أو مجالات الطاقة التقليدية أو المتجددة أو التى تستثمر فى المناطق النائية والمحرومة المستهدفة بالتنمية، مثل السماح بانشاء منافذ جمركية خاصه لصادرات أو واردات المشروع الاستمثارى، ومنح تلك المشروعات اسعارا مخفضة أو تيسيرات فى سداد قيمة الطاقة المستخدمة، ورد قيمة توصيل المرافق الى الارض المخصصة للمشروع الاستثمارى أو جزء منه للمستثمر وذلك بعد تشغيل المشروع، وكذلك تحمل الدوله لجزء من تكلفة التدريب الفنى للعاملين ..وغيرها، وكما يلاحظ أن تلك المشاريع تعد من الاولويات خلال المرحلة القادمة ولذا حازت بإعفاءات اضافية غير ضريبية، وان كنا نرى انه كان من الممكن الاستعاضة عن منح تلك المشروعات اسعارا مخفضة للطاقة ان تمنح بعض الاعفاءات الضريبية ولمدة محددة.
وأكد سعيد أن ما يجب ملاحظته أن تلك التعديلات لا يقتصر أثارها الايجابية على المؤتمر الاقتصادى وانما نتصور ان أثارها ستمتد خلال السنوات القادمة سيما وان المؤتمر لم يكن يوما هو الهدف الاسمى وانما هو مجرد وسيلة لجذب الاستثمارات، وأعتقد أن توفير البيئة الملائمة للاستثمار هو الهدف المنشود، وبما أن سياسة الدولة بكل اجهزتها تدعم من تحقيق هذا الهدف، فحتما سنصل فى النهاية الى مبتغانا بعد ان اضعنا سنوات فى صراعات سياسيه لم نجنى منها سوى تراجع حاد فى شتى موارد الدوله ..ولا يجب على الحكومة ان ترضخ لضغوط بعض هواة الابتزاز السياسى والاعتراض الدائم، فهؤلاء كانوا احد الاسباب الرئيسية لتدهور الاوضاع الاقتصادية على مدار السنوات الماضية سواء كان عن قصد أو عن دون قصد.
خبير: تأثير تعديلات قانون الاستثمار الإيجابية ستمتد لعدة سنوات قادمة
الأحد، 08 مارس 2015 11:27 ص