أحمد الجمال

مراجعة مطلوبة.. مصر هى المستهدفة وليس دورها فقط

الثلاثاء، 03 مارس 2015 11:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نكاد كدولة- شعبا ومؤسسات حكم- أن نصرح بأننا نمشى «جنب الحيط» فى كل المعادلات الإقليمية والدولية، وأقصى طموحنا هو أن يتركنا الآخرون فى حالنا، نأخذ ما يصل إلينا من مياه النيل دون أن يتهددنا خطر العطش والجفاف والجوع، ونصافح كل الأيدى الممتدة إلينا ونضرب لأصحابها «تعظيم سلام»، ولا نفكر إلا بعد طول عناء وجسيم خطر وعظيم ضغط فى ألا نصافح، أو أن نقاوم، بعض الأيادى التى امتدت إلينا لتصفعنا أو تدمينا أو تصادر حاضرنا ومستقبلنا.. ومع ذلك، وبالرغم من فداحته على عقولنا ووجداننا، فإنهم لا يتركوننا فى حالنا، سواء كانوا داخل الإقليم أو خارجه، على بعد آلاف الأميال.. يعنى تركيا وإثيوبيا وإسرائيل وإيران وقطر، بل حتى سلطة حماس، ويعنى الولايات المتحدة ومن سعى مسعاها فى بقية العالم، ولذلك أجدنى هنا مضطرا لمراجعة مسألة طالما طرحتها وناقشتها وطالبت بمناقشتها على أوسع نطاق، وهى: كيف تلعب مصر دورها فى محيطها وفى العالم دون أن تستفز أطرافًا تتربص بها فتضربها وتقوض تجربتها كما حدث مع محمد على فى القرن التاسع عشر وعبدالناصر فى القرن العشرين؟! أراجع ما أطرحه لأننى أكتشف مع الوقت والوقائع أن الموضوع ليس هو الدور المصرى فى محيط مصر والعالم، لأننا الآن نكاد بالفعل نمشى بجوار الحائط، بل إذا استطعنا أن نمشى داخله لفعلنا، حتى نخرج مما نحن فيه، ومع ذلك لا يتركوننا فى حالنا، ويكادون أن يعلنوها حربا فعلية بالدبابات والطائرات، مع استمرار الحرب التى طالت عمق مصر فى ريفها وحضرها وباديتها! وعندئذ يكون الاستنتاج العقلى والمنطقى هو أنهم يرفضون أصلا وجود مصر المتماسكة المتوازنة، ومن ثم القوية! سوءا انكفأت على نفسها أو تصدت لدورها الذى رتبته الجغرافيا وشهده وأكده التاريخ، هم يرفضون وجود مصر على هذا النحو، لأن الأمر متصل- فعلا وليس مجازا ولا مزاحا- بصراع الحضارات والثقافات، بما فيها التراث الذى يعد الدين أحد جوانبه! ولقد سبق وتصدى بعض مفكرينا لما كتبه هانتنجتون عن صراع الحضارات، وتحدثوا عن أنها حضارة واحدة عالمية متعددة الجوانب والمراحل، وأننا لا نرفض الإلحاق بالموجة الحضارية المعاصرة «العولمة والكوكبة» وخلافه إلى أن نندمج اندماجا كاملا ولا نصبح أو نستمر جسما غريبا فى الحضارة العالمية الواحدة يمكن أن تلفظه أو أن يقضى عليه جهاز مناعتها، ولكن وبعد ما عشناه فى السنين الأربع الأخيرة أكاد أجزم أن صراع الحضارات والثقافات أمر سابق على أطروحة السيد صامويل هانتنجتون، وأنه التفسير الأقرب إلى الصحة، لأنه منطقى ويمكن البرهنة عليه بسهولة لكل مراحل الصراع بين الغرب والشرق، هو أنه صراع حضارات وثقافات متضمنة الأديان، لأن المسيحية الأرثوذكسية الشرقية فى مصر والمشرق العربى وأفريقيا صنفت عند المسيحية الكاثوليكية والبروتستانتية الغربية باعتبارها ابتعادا عن الدين القديم، إن لم تكن هرطقة، ولعل الحوار المستمر بين الكنائس المسيحية الكبرى- حتى الآن- يبرهن على صحة ما أذهب إليه! إننى أذهب إلى أن الجوانب الاقتصادية والسياسية التى يفسر بها البعض حالة الصراع العالمى المستمر منذ القدم هى جوانب تمثل جزءًا لا يتجزأ من صميم حضارة وثقافة أصحابها، وكل تقدم علمى وتقنى واقتصادى وتفوق سياسى يصب فى خدمة حضارة الذين أنجزوه، وهم يوظفونه لتقويض حضارات وثقافات أخرى لتصبح حضارتهم هى المنتصرة السائدة، لدرجة تضطر الآخرين المهزومين حضاريا وثقافيا لأن يزينوا هزيمتهم بمقولة: إنها حضارة عالمية واحدة متعددة المراحل، ثم إن سائلا قد يسأل: ماذا عن مظاهر التأثير والتأثر التى قد تبدو جلية أحيانا بين حضارات وثقافات تعيش فى المدى الزمنى نفسه، وما تفسير تأثر المنتصر ببعض مكونات حضارة وثقافة المغلوب.. مثلما فعل الإسكندر الأكبر بدخوله عبادة آمون على سبيل المثال؟! وأقول: إن الصراع لا ينفى التأثير والتأثر، ولكن فى سياق إصرار وحرص الذين يتبادلون التأثير فيؤثرون تارة ويتأثرون أخرى على الانتصار فى النهاية وتهميش الحضارات والثقافات الأخرى إن لم يكن نفيها وتدميرها كى لا تدخل سياق الدورات الحضارية على مدى طويل، فلقد تأثر الإسكندر والإغريق ومن بعدهم الرومان بالحضارة المصرية، وعرفنا اندماج الهللينى مع الشرقى «المصرى» ليصبح هللينستيا، ومع ذلك سادت القيم الحضارية والثقافية الإغريقية والرومانية، وأجبر المصريون على الانضباط فى النمط البطلمى والنمطين الرومانى والبيزنطى، إن المجال لا يتسع إلا لهذه الخطوط العريضة، وإذا حانت فرصة للتفاصيل فإن كاتب هذه السطور- وقد استبد به هذا التصور الذى يذهب إلى أن المستهدف ليس هو دور مصر فقط وإنما وجودها كوطن موحد متماسك ومتوازن وقوى بحد ذاته- يمكن أن يتحدث فى تلك التفاصيل بغير توقف!
إنهاء الدردشة








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب الاصيل

ابتلاع مصر يعنى ابتلاع العرب جميعا وليس امامنا الا التوحد امام اعداءنا والتعامل معهم كجبهه واحده

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة