محمد حمادى يكتب: الوحدة العربية.. ومواجهة الإرهاب

الثلاثاء، 03 مارس 2015 10:10 ص
محمد حمادى يكتب: الوحدة العربية.. ومواجهة الإرهاب تنظيم داعش - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن الحرب التى يخوضها الآن وطننا العربى، تعد من أخطر الحروب التى واجهها من قبل، وهى الحرب على الإرهاب، فالإرهاب الأسود آفة هذا العصر وهو السرطان الخبيث الذى ينتشر فى كل الجسد العربى، لهدم الدول وتخريبها وتجريف ثقافتها وحضاراتها، وقتل وذبح وحرق شعوبها التى تسير على معتقد أو دين مخالف لهؤلاء الشرذمة المتخلفة، التى لا تعرف سوى الذبح والحرق.

إن الوحدة العربية والتكاتف العربى الجاد، فى تكوين شراكة حقيقية وقوية، لمجابهة هذا الخطر على الأمة العربية والإسلامية، وتكوين استراتيجية قومية فاعلة لاجتثاث هذا السرطان الخبيث الذى ما زال ينهش فى جسد أمتنا العربية، فقد سقطت العراق بعد أن دخلها الغزو الأمريكى عام 2003 ودمر جيشها ومؤسساتها، وأشعل الفتنة الطائفية والعرقية داخل الشعب العراقى، وزرع الغزو الأمريكى فى العراق الإرهاب وبدا فى تصديره إلى جميع الدول العربية أيضا المشهد السورى ويليه المشهد الليبى الحرج ثم اليمن.. وماذا بعد؟ !

هل سننتظر حتى يقتعلنا الإرهاب دولة.. وراء دولة؟ أم سنتكاتف ونتوحد لضرب الإرهاب فى مواقعه التى يسيطر عليها حتى لا ينتشر فى كافة الدول العربية؟

هنا استأثر لمحة من خطاب الزعيم الراحل جمال عبد الناصر الذى الذى أعلن فيه أسس الوحدة بين مصر وسوريا أمام مجلس الأمة وهذا بتاريخ 5 فبراير عام 1958:
أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة:
هكذا ترون الوحدة حقيقة، حقيقة يسعى إليها أو حقيقة قائمة بالفعل، وهكذا ترون أن الصراع من أجل القوة، من أجل الحياة يتم ويتحقق بالوحدة، وترون الوحدة لا تتم ولا تتحقق إلا بقوة الحياة.
هكذا ترون أن تاريخ القاهرة فى خطوطه العريضة هو بنفسه تاريخ دمشق فى خطوطه العريضة، وقد تختلف التفاصيل، ولكن المعالم البارزة هى نفس المعالم، نفس الدول الغزاة، نفس الملوك، نفس الأبطال، ونفس الشهداء. بل إنه لما بدا فى بعض الأحيان أن مصر ابتعدت عن الفكرة العربية وقطعت ما بينها وبين المنطقة من صلات ــــ وذلك بعد الحملة الفرنسية على مصر، ثم تحت حكم أسرة محمد على ــــ لم يكن فى الأمر فى باطنه بمثل ما يبدو فى ظاهره، لم يكن البعد إلا سطحيا، ولم تكن القطيعة إلا باللسان، أما الشواهد الحقيقية وأما الأدلة الأصيلة فكانت تؤكد أن ما قربه الله لا يمكن أن يبتعد، وما وصلت الطبيعة لا يمكن أن ينقطع.
من بين الشواهد والأدلة أن جيش الفلاحين الذى سار تحت قيادة إبراهيم باشا ليحرر سوريا من الظلم العثمانى كان يسمى نفسه الجيش العربى. ومن بين الشواهد والأدلة أن القاهرة التى سارعت فى النصف الأخير من القرن التاسع عشر إلى فتح النوافذ لتيارات النهضة تحولت إلى قلعة للفكر الحر فى الشرق العربى، وما لبث رواد الحرية فى سوريا ورواد الحرية فى المنطقة العربية كلها أن وفدوا إليها يتحصنون أسوارها المنيعة، يبعثون منها إشعاعات الفكر لتعبئ وتلهم بل إن القاهرة تحولت فى مطلع القرن العشرين فأصبحت هى ودمشق المركز الرئيسى للجمعيات السرية التى راحت تناضل جبروت سلاطين إسطنبول، من أجل تحرير الأمة العربية بكل ما يملكه الشباب من روح البذل والفداء.

هكذا كانت الوحدة هى الحقيقة، وكان كل ما عدا الوحدة اصطناعا، وهكذا كان واضحا أنه إذا تركت المنطقة تستوحى طبيعتها، وتستلهم مشاعرها، وتستمع إلى دقات قلبها، فإن اتجاهها إلى الوحدة يصبح لا ريب فيه ولا مناص منه.

وهذا هو ما حدث ـــ أيها المواطنون أعضاء مجلس الأمة ــــ حين حصلت سوريا على استقلالها الكامل تطلعت إلى مصر، وحين حصلت مصر على استقلالها الكامل تطلعت إلى سوريا. ولقد كان التقارب، بل التوافق والتماثل، كاملا حتى قبل أن يوقع ميثاق جامعة الدول العربية، وحتى بعد أن تم توقيعه وارادت له بعض القوى أن يبقى حبرا على ورق.

لقد كانت فى سوريا رد فعل لكل حركة فى مصر، كما كانت أصداء الذى يحدث فى دمشق تتجاوب فى القاهرة، فى مصر وسوريا ذلك الفوران الذى أعقب الحرب العالمية الثانية وبدأت على أثره حركات التحرر الهائلة فى أفريقيا وآسيا.. فى سوريا ومصر هذه الهزات العنيفة ووراءها جميعا محاولات تغيير الأوضاع تطلعا إلى الأفضل والأحسن.. فى مصر وسوريا ذلك الاندفاع إلى حرب فلسطين بالفروسية والإيمان ولكن من غير سلاح.. ثم كانت فى القاهرة ودمشق تلك الآثار التى ترتبت على حرب فلسطين، والتى كان اولها تلك اليقظة التى تشبه انتفاضة من لسعته النار فاستفاق.. ثم فى سوريا ومصر نفس المعارك، ولو قصرنا الحساب على الشهور الأخيرة فقط لكان مدهشا أن المعارك التى خاضتها دمشق هى نفس المعارك التى خاضتها القاهرة، معركة الأحلاف العسكرية، معركة السلاح، معركة عدم الانحياز، معركة المؤامرات، معركة التحرر الاقتصادى، بل إن سوريا خاضت معركة قناة السويس بنفس العنف وبنفس القوة التى خاضت بها بورسعيد معركة قناة السويس، وكذلك حاربت مصر معركة التهديدات الموجهة إلى سوريا وأعصابها كلها فى دمشق، وأمام أعصابها قطعة من جيشها احتل جنودها مراكزهم جنبا إلى جنب مع إخوانهم جنود سوريا.

هذا ما كان يردده الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وهذا ما كان يراه من ضرورة الوحدة بين مصر وسوريا وكل الدول العربية لمواجهة قوى الاستعمار الأجنبى.

إننا اليوم نحن فى أمسّ الحاجة إلى توحيد المصالح وتوحيد الاتجاهات بين كل الدول العريبة، لمحاربة كل أعدائنا سواء فى داخل وطننا أو فى الخارج، للخروج من هذا المشهد الراهن.












مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة