خالد عزب يكتب: عبد الحى أديب بين الكلاسيكية والحداثة

الثلاثاء، 03 مارس 2015 07:05 م
خالد عزب يكتب: عبد الحى أديب بين الكلاسيكية والحداثة غلاف الكتاب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صدر عن الهيئة المصرية لقصور الثقافة فى سلسلة آفاق السينما كتاب «عبد الحى أديب بين الكلاسيكية والحداثة» من تأليف الناقد السينمائى إبراهيم الدسوقى. يرى المؤلف أنه ربما كانت البوصلة الفطرية والموهبة هما الداعم الأساسى والرئيسى فى التحركات والخطوات الأولى لعبد الحى أديب فى عالم السينما.

فمنذ البدايات عندما قدم الفنان الكبير زكى طليمات جانبًا من الفن السينمائى داخل المعهد العالى للمسرح على يد كل من فطين عبد الوهاب وكامل التلمسانى؛ أصبح هذا الشاب من أشد المتعلقين بالحياة السينمائية ومحاولة الولوج إلى عالم ساحر بالنسبة له، وهو ما وجده التلمسانى متوفرًا فيه، وطبقًا لرؤيته لإمكانيات أديب فدفع به إلى الاستوديوهات وتكليفه بتحفيظ بعض الممثلين أدوارهم- وهنا تم كسر حاجز الرهبة بينه وبين العالم الذى سعى إليه منذ زمن بعيد- دخل الاستوديو واقترب من النجوم والكمبارس، وشاهد نوعية الحركة والأداء داخل هذا المعمل، وقيادة جيش العاملين، لكى تبقى العلاقات الحميمية التى توثقت من خلال هذا العمل، خاصة بكامل التلمسانى وصديقه حلمى حليم ذى الميول التقدمية والأفكار التى ربما كانت اشتراكية غير معلنة، لكن التلمسانى قدم فيما مضى فيلمه الأشهر "السوق السوداء" بينما قدم حليم نص فيلم "صراع فى الوادى" من إخراج يوسف شاهين الذى يتحدث عن الإقطاع وصعوبات الفلاحين فى أراضيهم والمواجهة مع الباشا وأعوانه، وهما آخر من شاهدهما أثناء ذهابه لمشاهدة العرض الأول لفيلم "باب الحديد" فى حفلة العاشرة صباحًا.

«استيقظت قلقًا فى صباح ذاك اليوم، وذهبت إلى محل الجمال الشهير، والذى كان ملتقى الفنانين والأدباء فى ذلك الجيل (ومازال قائمًا فى شارع ثروت فى قلب القاهرة أسفل مقر نقابة السينمائيين) فوجدت هناك المخرجين الراحلين حلمى حليم وكامل التلمسانى اللذين سألاه عن أخبار الفيلم الذى أخرجه زميلهما الشاب الذى بدأ يحدث ضجة».

يضاف إلى صداقة عبد الحى أديب مع هذين الكبيرين فى عالم السينما المصرية؛ صداقته مع المونتير محمد عباس الذى كان أحد المفاتيح للدخول إلى عالم المهنة بعد أن قدمه للمخرج السكندرى الإيطالى جيانى فيرنوتسو الذى أشاد بالنصوص المكتوبة سينمائيًا، فكانت الطريق إلى النجم فريد شوقى الذى بدأ يتبوأ مكانة فنية داخل إطار نجوم السينما المصرية، وإعجابه بالنصوص وتقييمها على النحو السابق ذكره، والتعرف إلى كل من شاهين وعز الدين والعمل معهما، لكن الأهم فى هذه النقطة هو حسر العلاقة الحميمية والمتينة التى توثقت مع أستاذ الأساتذة نيازى مصطفى ووضعه على الطريق الصحيح فى العمل معه، وخاصة تكوين هذا الثلاثى نيازى وفريد وأديب الذين كونوا فريق عمل وصداقة ومحبة سنوات طويلة لم يتفرقوا أبدًا فى حياتهم على المستوى الإنسانى والفني، وإن كان الموت قام بمهمته جسديًا؛ نيازى أولاً ثم فريد، لكن بقيت المسيرة أطول من العمر عندما يكون الحديث عن الزمن الجميل وزملاء الكفاح والتعلم، وكيف ساهموا فى تقديم سينما مصرية عبرت عن الإنسان والمكان والزمان، رغم قسوة الظروف الإنتاجية والاقتصادية تارة والغياب والعمل مع الغير تارة أخرى، لكنها الحياة والسينما.

صداقة أولاد بلد

من الأشياء المهمة فى حياة عبد الحى أديب قدرته الفائقة على إيجاد صيغة وأفكار متجددة فنية يمكن أن تخدم السينما بشكل عام، بدون حدود أو ضوابط ولا تتواءم مع ما ينتج ويضخ فى قوالب السينما المصرية، لكن نيازى مصطفى وجد فيه القدرة على إعادة تواجد أفكار عبد الحى أديب وتقديم سينما مختلفة، من خلال ذلك ساهم فى استخدام هذه القدرات وسخرها من أجل أن يقدم نموذج البطل الجديد المتوافق مع التحولات التى طرأت على المجتمع المصرى فى هذا الوقت، وكيفية استخدام النجم فى أن يكون البطل الشعبى المحقق الانفراجات لجمهور الدرجة الثالثة عصب هذه الصناعة، فكان عليهم الثلاثة نيازى وفريد وأديب أن يقدموا فريد شوقى فى شكل مختلف عن إنتاجات السنوات السابقة. فريد شوقى كان يقدم أدوارًا نمطية لشرير السينما المصرية التقليدى من حيث كونه مبتز وجشع للمال وغريمًا للبطل الشيك ابن المجتمع الراقي، وهو الشرير الفاسد المتواجد فى هذا المجتمع عبر الأبواب الخلفية، يحمل كم من العنف والعدوان غير المبرر ذو الميول الإجرامية غير المبررة دون سبب. وربما فى الخلفيات البعيدة الحقد الطبقى على هؤلاء الذين يرفلون فى عالم من الأناقة والغنى؛ حيث الملاهى والمراقص والقصور والفيلات والصالونات والسيارات الفارهة وصالات القمار وبلاجات وأندية أولاد الناس.

يشير عبد الحى أديب: «فريد كان مشروع محتاج دعم، قماشة جيدة التشكيل حاول أن يجد لنفسه طريقًا ومكانًا مختلفًا بعد ثورة يوليو 1952م. حاول أن يغير جلده ممثل كبير وعبقرى لعب أدوار خالدة من أول الأسطى حسن، وحميدو، وفتوات الحسينية، وجعلونى مجرمًا، وصراع فى الوادي، ورصيف نمرة 5، والفتوة». فى هذا الوقت كان أيضًا يلعب أدوارًا ثانية فى أفلام أخرى أو الممثل رقم 2 أو المساعد أو الضد.. الأفلام قالت أن هذا الممثل يمكن أن يكون شيئًا مختلفًا عن الأنماط السائدة، فهو ليس من وجهاء السينما المصرية (الجانات)، بل فيه من الخشونة والبساطة والضخامة والرجولة والملامح المصرية القريبة من الشخصية الشعبية المصرية الكثيرة التواجد حولنا.

ويقول عبد الحى أديب: «شد انتباه نيازى هذا الموضوع خاصة بعد أن عمل معه حميدو مهرب المخدرات الندل فى حبه .. وفتوات الحسينية الجدع الشجاع ابن البلد القوى المخلص.. ورصيف نمرة 5 الصول خميس الرافض لاستغلال الوطن وأبنائه فى أن يكونوا ضحايا لمسحوق الهدم.. فكرنا إزاى نستخدم الظروف التى تواجه الوطن، وإيمان الجميع بالعهد الجديد فى أن نبلور الشخصية ونجعلها أكثر جاذبية للصالة ونجعل منها نموذجًا قريبًا من الناس وتبحث عنه».











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة